ريح فيها صر
رغم إيمان الوثنخافيين غيبا ببلاغة القرآن إلا أن المتخصصين منهم يدركون في قرارة أنفسهم أن هناك خللا ما. لكنهم يتعوذون من الوسواس ويواصلون طريقهم على درب الإيمان الأعمى الذي يعدونه فضيلة عظمى ويكبتون الشك والتساؤل ويعتبرونهما حركات شيطانية 😅😅. عدم معرفتهم باضطراب الساجع وعدم معرفتهم بعلامات هذا الاضطراب ورغبتهم الشديدة أن يكون دينهم هو الحق تمنعهم من رؤية الأمر بموضوعية. ومن مواطن ظهور الشذوذ اللغوي في سجعيات محمد التشبيهات. وفي كل تشبيه في القرآن علامات ذهانية عدة. وقد ناقشنا الكثير منها في السابق ونناقش هنا تشبيه الريح ذات الصر.
فيها صر
ينجرف الذهاني انجرافا شاذا في أحد طرفي التشبيه – المشبه أو المشبه به. راينا ذلك في مقالات سابقة مثل سجعية إعصار فيه نار. الآن دعونا نرى موضعا آخر. يقول الساجع
مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
للوهلة الأولى يبدو الأمر عاديا. لكن الناس اليوم لغتها الأم هي الدارجة ولا يمكنها إدراك الخلل بدون تفكر وتأمل. أما أهل مكة فأول ما سمعوا الساجع عرفوا التشخيص : يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون.
بل عند ضرب الأمثال بالذات كانوا يسخرون : ماذا أراد الله بهذا مثلا. لأن الغرابة واضحة.
لاحظوا عناصر التشبيه. المشبه هو المال المنفق في الدنيا. المشبه به ريح فيها صر.
الصر البرد. يعني مثل المال المنفق كريح شديدة البرودة.
إلة هنا لا يوجد وجه شبه معقول. ماذا يعني أن تقول المال المنفق مثل ريح باردة؟
يجب أن يكون هناك وجه شبه منطقي. مثلا لو قلت المال المنفق مثل ريح باردة تزيل حرارة الجو لحظات ثم تذهب كأن لم تأت.
هكذا وضعت وجه شبه معقول. كان الساجع يدرك ايضا أن تشبيه المال المنفق بالريح الباردة لا معنى له ولذلك حاول وضع وجه شبه مناسب. لكنه بسبب اضطرابه الذهاني انجرف وشذ عن الطريقة السليمة.
التقوقع والانجراف
قال ريح فيها صر اصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته. صار المعنى المال المنفق مثل ريح باردة هبت على زرع قوم ظالمين فدمرته.
ضاع المعنى. بقي على الناس أن تخمنه تخمينا. لا يعني شيئا أن تقول أن المال المنفق مثل ريح باردة هبت على مزرعة معينة فدمرت الزرع. لا يوجد وجه شبه منطقي. عليك أن تخمن وتستنتج وترقع.
والتخمين سهل. فما يريد الساجع قوله وعجز عنه واضح من السياق. فهو يريد أن يقول أن المال المنفق لا فائدة منه. وبالاتلي يمكننا أن نخمن ان مقصده أن المال المنفق لا يوجد فيه فائدة مثل ريح فقط تدمر الزرع. ومع ذلك يظل التكلف واضحا والتشدق بينا في الترقيع.
هذا الشذوذ اللغوي الذهاني كان نتيجة لتدافع الأفكار في رأس الساجع وعدم قدرته على التثبيط الأمامي وهي علامة شائعة في لغة الذهانيين.
واضح أنه لم يرد تشبيه المال المنفق بالريح بل بالزرع المدمر. كأنه يريد القول مثل المال المنفق كمثل زرع أمل أصحابه أن يكسبوا منه فائدة لكنه ذبل وخرب.
يفقد الذهاني القدرة على التفكير المجرد وينجرف في صور حسية بسبب تولد مشاهد هلوسية. لذلك بدلا عن تشبيه المال المنفق بزرع تم تدميره تقافزت الصور في راسه وتكون مشهد هلوسي.
فشبهه بريح باردة. قفز إلى أداة التدمير دون مقدمات وهذا هو فقدان القدرة على التثبيط وبالتالي القدرة على الترتيب الصحيح للأفكار. ثم تقوقعت الصورة حسيا فصارت ريح فيها صر. أي ريح ليس فيها صر ليست معنية. لو كانت ريحا حارة فليست معنية. ولو كانت ريحا فيها غبار فليست معنية. تحديد نوع الريح عبارة عن تقوقع صوري وهو شائع في لغة الذهانيين ولا يخدم أية غاية. فقط يحول التشبيه الذي هو تعبير مجازي مجرد إلى صورة حسية خاصة جدا.
ثم تقوقع أكثرفأكثر. فهذه الريح أصابت حرث قوم. لو اصابت بيوتهم فليست معنية. ولو أصابت قوافل تجارتهم فليست معنية. فقط حرثهم. صارت صورة خاصة جدا وبدأ الساجع يرى مشهدا هلوسيا معينا.
وازداد التقوقع. قوم ظلموا أنفسهم. لو أصابت حرث قوم لم يظلموا أنفسهم خرجت من الصورة. ليست هي المقصودة. ولو اصابت حرث قوم ظلموا أعداءهم وليس أنفسهم فليست معنية ايضا. صار أصحاب الحرث قوما محددين في رأس الساجع دخلوا عنوة في المشهد الهلوسي.
فأهلكته. اكتمل المشهد الهلوسي في رأسه. مزرعة مدمرة. وهذا ما كان يريد أن يقوله على ما يبدو : مثل المال المنفق مثل مزرعة أمل أصحابها جنيها لكنها دمرت.
وهذا يكفي لايصال المعنى. لا يهم ما هي أداة التدمير لو كان المتحدث سليم القدرات العقلية. أكانت ريحا أم سيلا جارفا أم هو الجراد أم الجفاف أم حريق غابات. لم يكن يهم أبدا لولا أن مشهدا هلوسيا محددا قفز في دماغ الساجع وجعله ينجرف ويتقوقع في صورة حسية شديدة وضيقة
هذا التقوقع والانجراف كشذوذ لغوي ذهاني رأيناه في سجعيات كثيرة. منها سجعية إعصار فيه نار ومنها سورة همزة لمزة
سنعود للمزيد عن التشبيهات الذهانية في السجعيات القرآنية في المستقبل القريب. لقد أخطأ الراعي فضل القطيع يا سادة
سلسلة التشبيهات الذهانية
Android App

ملاحظة : الوثنخاف مصطلح لتسمية الإله الإبراهيمي. ويتكون من شقين الأول وثن وتعني كائن تخيلي يتم افتراضه وتخيله ثم اقناع النفس بوجوده. وهو كائن أخرس ابكم أطرش اصم لا يستطيع أن يقول حتى كلمة بم. والشق الثاني خفي. وتعني غير مرئي وذلك لتمييزه عن الأوثان المرئية مثل هبل والعزى ومناة الثالثة الأخرى
شارك الآن إن لم تكن قد فعلت من قبل في إحصائية اللادينيين
نزل الجزء الثاني من ذهان النبوة مجانا
التبرع للموقع
اضغط أدناه إذا أحببت التبرع للموقع عبر الباي بال او بطاقة الاعتماد
