gardening tools on wooden bench in yard

من علق

من عيوب الدماغ البشري أنه يمكن التلاعب بحالة الوعي لتشويه المبادئ المنطقية والحقائق

إذا كان هناك تمثال وقلت لك أن هذا التمثال صنع من برونز فسوف تخزن هذه المعلومة وتفهمها.

وإذا بعد دقائق قلت لك أن نفس التمثال صنع من نحاس فستدرك التناقض.

وإذا غيرت قولي لاحقا وقلت لك أنه صنع من حجارة صخرية فستدرك بوعيك أن هذا القول مناقض للقولين السابقين.

وسيتولد لديك استنتاج منطقي: كلامي خاطئ ولا يمكنه أن يكون صحيحا بسبب التناقض. فالنحاس غير البرونز غير الحجر.

لكن الجانب المظلم للوعي هو أنه يمكن إذا تم تلقينك هذه المعلومات في أوقات متفرقة وعلى فترات متباعدة أن تعتبرها كلها صحيحة وتنظر اليها كتفاصيل ولا تأخذها مجتمعة مع بعضها كصورة كاملة.

هذا نوع من غسيل الدماغ. وينجح بصفة خاصة إذا بدئ به من الطفولة.

وهذا ما نراه في الأجيال المستعبدة فكرا من قبل الكهنوت الإسلامي. فالكاهن المؤسس غير رايه مرارا في المادة التي خلق منها الإنسان فمرة قال تراب ومرة قال طين ومرة قال صلصال ومرة قال فخار ومرة قال ماء مهين.

لكن هناك مادة أخرى ذكرها في بدايه اضطرابه مرة واحدة يتيمة وهي العلق:

خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)

و لا يستطيع المسلم المؤمن بصدق القرآن مسبقا وبشكل أعمى ان يدرك التناقضات بين عبارات متناقضة تماما:

خلق الانسان من علق

خلق الانسان من طين

خلق الانسان من تراب

خلق الانسان من صلصال كالفخار

خلق الانسان من ماء دافق

خلق الانسان من ماء مهين

رغم أنها كلها متناقضات ومتضادات إلا أن المؤمن يراها كلها صحيحة. حتى أنه يحفظ ترقيعاتها عن ظهر قلب

خلق الفقه الكهنوتي جدليات سفسطائية لحل التناقضات سميت بأسماء هزلية من قبيل الجمع والتوفيق. فيجمع بين متناقضين ويوفق بين متضادين. وسميت تلك السفسطة بعلم التوفيق.

تصور الانسان البدائي عملية الحياة والوجود بما جاد به خياله وأسسته معابد الكهانة التي ادعت التواصل مع الآلهة.

وانتشرت عدة أساطير.فكما كانت هناك اسطور الخلق من تراب أو طين التي أسسها السومريون كانت هناك اسطور الخلق من علق.

يبدو أن مؤلف القرآن اعتنق في بداية الامر الخلق من علق.

ثم اعتنق بعد ذلك الأسطورة الطينية

لم يتطرق الكهنوت ابدا الى الاحتمال الممكن جدا وهو ان محمدا غير رأيه في اية اسطورة يأخذ الخلق من علق أم الخلق من طين.

هذا الموضع الوحيد الذي ذكرت فيه كلمة علق. والموضع الوحيد الذي ذكر فيه ان الانسان خلق مباشرة من علق.

ذكرت كلمة علقة بالمفرد في مواضع أخرى مع نطفة ومضغة وليس علق بالجمع ولكن ليس لوصف خلق الانسان مباشرة بل ذكرت على انها مرحلة تحول بعد النطفة. الكهنوت يستخدمها للترقيع ويزعم أن علق هنا تعني علقة التي بعد نطفة مع أن السجعيات واضحة هذه تبين المادة التي خلق منها الإنسان وتقول أن الإنسان خلق من علق وهي مطابقة في التركيب للسجعية التي تقول أن الإنسان خلق من طين مثلا أو من صلصال كالفخار في مكان آخر لكن سجعية العلقة كانت تذكر مراحل تدرجية وليس المادة التي خلق منها الإنسان

هذه هي السجعية الوحيدة التي تقول أن العلق هو المادة الأصلية فالانسان في كل المواضع الأخرى إما خلق من طين إشارة لآدم أو من مني أو نطفة او ماء مهين إشارة الى عملية التزاوج المشاهدة بين الذكر والانثى.

لكن ليس من علق إلا هنا. لا شك أن للقافية السجعية بصمتها أيضا. فعلق تتوافق مع خلق نهاية السجعية السابقة. تتحكم القافية بالساجع كما تتحكم بالشاعر

في الحقيقة للقصة وجه آخر.

كانت هناك قصص مختلفة للخلق بسبب ميل الانسان لوضع تفسيراته للكون والحياة. فكما كانت القصة الابراهيمية تقول ان الاله خلق الانسان من تراب كانت هناك قصص خلق أخرى عند الوثنيين احداها تقول أن الانسان خلق من علق.

علق في اللغة العربية لها معنيان: الدم أو دودة العلق.

الغريب جدا أن اسطورة خلق الانسان من علق توجد في اساطير الخلق في الشرق الأقصى ولديهم اله اسمه هيروكو الذي كان علقة

تشرح الكاتبة ماريا ليتش في كتابها

 The beginning: Creation myths around the world

الاساطير العديدة للشعوب المختلفة عن بداية الخلق وكيف انتقلت بين الحضارات المتباعدة

وتؤكد أنه لا يوجد مانع في انتقال الاساطير بين الشعوب فيزدهر بعضها في مكان ويتلاشى في أماكن أخرى او تحل محله اساطير جديدة.

لكنه يظل خطأ في كل الأحوال.

وقد بدأ المفسرون يرقعون هذا الخطأ منذ البدء وأيضا يوفقون بين علق وعلقة. يقول الطبري:

( خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ) يعني: من الدم، وقال: من علق؛ والمراد به من علقة، لأنه ذهب إلى الجمع، كما يقال: شجرة وشجر، وقصَبة وَقصَب، وكذلك علقة وعَلَق. وإنما قال: من علق والإنسان في لفظ واحد، لأنه في معنى جمع، وإن كان في لفظ واحد، فلذلك قيل: من عَلَق.

اللغة الفصحى لم تعد لغة حية وصار الشخص يتعلمها في المدرسة وليس من ابويه ولذلك أمكن التلاعب على العامة بمعانيها. الان صارت الأسماء مشتقة كسيارة من السير وطيارة من الطيران وهكذا ولكنها لم تكن كذلك في القرن السابع فقد كانت لغة حية تضع الأسماء والتعاريف بدون الاعتماد على الاشتقاق. ولذلك فالمعنى الحقيقي لكلمة علق هو ما سنجده في كلام العرب القدامى.

يقولون في اطار الترقيع ان الطفل يمتص دم امه مثل العلقة.

ولكن تعبير امتصاص دم أمه هو أسوأ تعبير لوصف دورة الدم المشيمية وهو أكثر تفسير لجلمة خلق الانسان من علق خطأ وسخافة

الطفل لا يمتص دم أمه بل دم أمه ينقل له الأوكسجين المذاب والمواد المغذية بعملية فسيولوجية مختلفة عن عملية مص العلقة للدم اختلافا كليا. ودم الأم لا يختلط بدم الجنين لوجود الحاجز الدموي المشيمي الذي يمنع ذلك. ودم الأم لا يقل بل يزيد بمقدار 500 مل خلال الحمل. بينما العلقة تمتص دم الكائن وتنقص من كميته.

تنتقل المواد من دم الام الى دم الجنين بعمليات فسيولوجية مثل الانتشار البسيط

 simple difusión

 الذي يعتمد على فرق التركيز الكيميائي او الكهربائي او بالانتقال النشط

 active transport

 الذي يستخدم مركبات الطاقة أي تي بي.

لا يوجد مص ولا علق.

و الانسان لم يخلق من قطعة دم غليظ ولا من دودة بل كان خلية أولى تكونت من اتحاد البويضة مع الحيوان المنوي ثم تكاثرت. لم تخلق أصلا بل تم تناقلها من جيل لجيل عبر الحمض النووي

من ترقيعات الكهنوت الأخرى أن مؤلف القرآن لم يقصد أنه خلق من علق بل من شيء يشبه العلق ولكن عند الرجوع للقرآن نجد العككس نجده قال فعلا خلق من علق وليس من شيء آخر يشبهه وكرر ذلك في مواضع أخرى.

ولكن لماذا لم يقل هنا من تراب أو من طين كما فعل في آيات أخرى؟ ولماذا لم يقل جعلناه نطفة ثم جعلنا النطفة علقة كما فعل في مكان آخر؟ ولماذا ليس من ماء دافق هنا؟؟.

احد الأسباب الممكنة أن تأليف هذه السجعية تم في بداية إصابته بذهان النبوة وكانت فكرة أطور الجنين من نطفة وعلقة ومضغة سائدة في طب الحارث بن كلدة وثقافة معابد الكهنوت العربية وقد أكد ذلك محمد في قوله :

كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ (39) – المعارج

فهو يؤكد أنهم يعلمون من أي شيء خلقوا ويتحدث عنه كأنه لا داعي لذكره فهم يعرفونه جيدا

وبسبب الارتباك المعرفي الذي يسود بشكل كبير في بداية كل اضطراب ذهاني لم يدرك أن علقة تشير لمرحلة وبدلا عن ذلك اعتقد أن الإنسان خلق من علق

 والسبب الآخر هو القافية. لن تناسب القافية والسجع الا كلمة علق

اسم ربك الذي خلق. خلق الانسان من علق.

القرآن المكي يتميز بسجعية شديدة وعبارات قصيرة متسارعة لاهثة تشير الى حدوث نوبات مزاج ثنائي القطب الذي يبدو أن الساجع عانى منها في بداية مرضه بمكة ثم خفت ليظل معه اضطراب الضلالة نوع ذهان النبوة.


شارك الآن إن لم تكن قد فعلت من قبل في إحصائية اللادينيين

إحصائية اللادينيين في الموقع

نزل الجزء الثاني من ذهان النبوة مجانا


التبرع للموقع


اضغط أدناه إذا أحببت التبرع للموقع عبر الباي بال او بطاقة الاعتماد


Donate Button with Credit Cards

إصدارات الصفحة

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

%d bloggers like this: