blue cloudy sky

السحاب الثقال – خطأ أم إعجاز


من الادعاءات الإعجازية أن القرآن عرف وزن السحاب. يقول الكهنوت أن وزن السحابة يبلغ 500 ألف كيلوجرام وساجع القرآن قال سحابا ثقالا وقال السحاب الثقال.

وتساءل الكهنوت: هل يستطيع شخص في القرن السابع أن يعرف أن وزن السحابة ثقيل؟

وما فاجأهم أن جوابنا هو نعم. بل أكثر من ذلك. وضعت القواعد المطلوبة لحساب هذا الوزن منذ زمن فيثاغورث وأرخميدس. سنتطرق لذلك لاحقا في المقال لكن الآن دعونا نركز في استنتاج الساجع أن السحاب ثقال

إذا كان سؤال الكهنوت هو هل يمكن لمؤلف القرآن أن يقول أن وزن السحابة هو 500 ألف كجم؟ فجوابنا هو لا. لا يمكنه ذلك. لم يكن لديه علم الإغريق. فهل قال في سجعياته أن وزن السحابة 500 ألف كجم؟

أما إذا كان سؤالهم هو هل بإمكان ساجع القرآن أن يقول سحاب ثقال أو مثقلات فجوابنا هو نعم بكل تأكيد. يمكنه ويمكن أي شخص آخر في القرن السابع وقبل القرن السابع استنتاج أن السحابة مثقلة بالمطر

لماذا اعتقد الكهنوت أن قوله ثقال أو مثقلات إعجاز علمي لا يمكن له معرفته إلا إذا غششه ذلك كائن مجنح نزل من الفضاء؟

لا يوجد أساس لهذا الإدعاء. الساجع كان يعرف الماء. وكان يملأ قربته ويحملها. هل تظنون أنه لا يستطيع تقدير وزن حسي لها؟ أنت إذا حملت عبوة 5 لتر ماء فستنشئ تقديرا حسيا لوزنها. على الفور ستستنج أن عبوة 10 لتر أثقل منها؟ وعبوة 20 لتر أثقل؟

والآن ماذا إذا كنت مثل الساجع تعتقد أن السحاب وعاء يحمل المطر الذي يخرج من خلاله ورأيت مقدار السيل الذي نتج عن هذا المطر؟ ورأيت الأحواض التي ملأها والبرك التي فاضت منه؟ لقد رأيت ما يعادل آلاف القرب وآلاف العبوات فهل سيصعب عليك أن تستنتج أن السحاب كان ثقيلا؟

أين الإعجاز فيما يمكن ملاحظته حسيا ببساطة؟

هل هناك خطأ في السجعيات؟

الحقيقة هناك عدة أخطاء علمية في السجعيات. أولها اعتقاد الساجع أن الرياح تحمل السحاب وتقلها. يقول الساجع

﴿وَهُوَ ٱلَّذِي يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ بُشۡرَۢا بَيۡنَ يَدَيۡ رَحۡمَتِهِۦۖ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَقَلَّتۡ سَحَابٗا ‌ثِقَالٗا سُقۡنَٰهُ لِبَلَدٖ مَّيِّتٖ فَأَنزَلۡنَا بِهِ ٱلۡمَآءَ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦ مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِۚ كَذَٰلِكَ نُخۡرِجُ ٱلۡمَوۡتَىٰ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ ٥٧ ﴾ [الأعراف: 57]

ويقول ايضا

﴿هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَيُنشِئُ ٱلسَّحَابَ ‌ٱلثِّقَالَ ١٢ ﴾ [الرعد: 12]

عامل الساجع السحاب كأنها كتلة متماسكة  تحملها الرياح وتسوقها. والحقيقة أنها عبارة عن أجزاء مستقلة غير ملتحمة من بخار الماء تصطدم ببعضها وتولد ضغطا وطاقة حركة. ما حمل السحاب هو طاقة الحركة لجزيئات بخار الماء. يمكن للسحابة البقاء في الهواء فقط عندما تكون على شكل جزيئات غازية روابطها ببعضها ضعيفة. الغازات في حركة مستمرة وهذه الحركة تولد طاقة حركة. طاقة الحركة تدفعها للأعلى بينما طاقة الجذب تعيدها للاسفل

طاقة الحركة لأي غاز تبلغ

Ek = 3/2*KB*T

كي بي هو ثابت بولتزمان و تي درجة الحرارة بالكلفن

سرعة جزيء بخار الماء التي تنتج عن هذه الطاقة لا تكفي لإفلاته من جاذبية الأرض فيصل إلى حد معين ويتوقف على عكس الهليوم والهيدروجين مثلا. وتبلغ سرعة جزيء الغاز

v = √ 2*Ek/m

إم هي كتلة الجزيء

ثم عندما يتحول بخار الماء من الحالة الغازية إلى الحالة السائلة تقل اصطدامات الجزيئات ببعضها فتقل طاقة الحركة وتتغلب عليها طاقة الجذب فيسقط

ليست الرياح هي من تحملها كما اعتقد الساجع. ولهذا السبب نرى الرياح التي تحمل سحابة بوزن 500 كجم كما زعموا لا تتمكن من حمل صخرة بوزن 1 كجم فقط؟ لو كان الأمر كما اعتقدوا لكان الجو فوقنا مليئا بالصخور وقطع الحديد والخشب والنوافذ والأبواب

الرياح ليست سوى نتيجة لاختلاف الضغط بين منطقتين في الغلاف الجوي حيث تنتقل مكونات الغلاف الجوي بما في ذلك بخار الماء الذي يكون السحاب من منطقة الضغط الأعلى إلى منطقة الضغط الأقل

عدم فهم عمل الرياح تكرر في القرآن بسبب جهل مؤلفه بوجود الجاذبية. شرحنا هذا الخطأ العلمي للقرآن في منشور سابق

خطأ إضافي

الخطأ الآخر نتج من جهل الساجع بالفرق بين الكتلة والثقل أو الوزن. الثقل أو الوزن مرتبط بالجاذبية. فمثلا ثقل الإنسان أو وزنه على القمر أقل من ثقله أو وزنه على الأرض بعدة أضعاف. بينما كتلته هي نفسها.

اعتقد الكهنوت ومثلهم الساجع أن السحاب كتلة واحدة وأنها ثقيلة. الحقيقة أن الروابط بين الغازات ضعيفة وبخار الماء الذي يكون السحاب يوجد على شكل جزيئات مستقلة. ولذلك عملية تقدير وزن كل جزيء ثم جمعه لإيجاد وزن السحابة ككل والاستنتاج أنها ثقيلة بنفس تعبير القرآن خاطئ. السحابة خفيفة مثل الهواء. وتستطيع الطيارة المرور فيها دون الشعور بأي ثقل. ولو قدر لك أن تخرج يدك لتقيم ثقلها فلن تحس بأي ثقل وستجد نفسك تحاول حمل هواء خفيف جدا. لو قمنا بنفس عملية الكهنوت وجمعنا وزن غاز النيتروجين في الهواء الجوي فسنحصل على أرقام فلكية تبلغ ثمانية تريليون ضعف وزن السحابة التي حصلوا عليها. فهل النيتروجين ثقيل؟ وهل الرياح تحمله؟

السحاب له كتلة لأنه مادة لكنه ليس ثقيلا. كان الساجع يظهر متعجبا من قدرة الرياح على حمل السحاب بعد تقديره حسيا لوزن المطر الذي نزل. وهو أمر يمكنه تخمينه حسيا من التقدير بالعين المجردة ومن خبرته في وزن قربته وأوعيته لشرب الماء ومقارنة كمية وزن الكمية التي تحتويها بالكمية التي يراها من سيول المطر. أو من وقع المطر الغزير على جسده أو حبة البرد الموجعة على رأسه

يقول مجسدا هذا التصور

﴿فَٱلۡحَٰمِلَٰتِ ‌وِقۡرٗا ٢ ﴾ [الذاريات: 2]

والوقر هو الوزن الثقيل ايضا. نفس قوله أقلت سحابا ثقالا

لم يكن يعرف أن السحابة ليست ثقيلة كما تصور وأن ما يحملها هو الطاقة الحركية لجزيئاتها ولا تحتاج لأي ريح. وعندما يتحول البخار إلى سائل تفقد هذه الطاقة وتتغلب طاقة الجذب على طاقة الحركة فيسقط المطر

الخطأ في قوله ثقال ووقر

كلمة ثقال أو ثقيل وكلمة وقر تشير للتفسير الإدراكي البشري لوزن الأشياء. وبينما نستطيع فعلا أن نحسب كتلة السحاب إلا أن وصفه بالثقيل أو بالوقر خطأ. فبخار الماء لا يدرك ثقيلا. هو مجرد هواء. مثله مثل النيتروجين في الهواء الجوي. يبلغ وزن النيتروجين في الهواء الجوي

3.96 x 1018 kg

أي حوالي 8 تريليون ضعف وزن السحابة التي توصلوا لها. فهل النيتروجين ثقيل بالمعنى القرآني في السجعية؟ وهل الهواء الجوي الذي يحتوي هذا النيتروجين ومواد أخرى ثقيل؟ الوزن (أو بالأصح الكتلة) والثقل ليسا نفس الشيء. وهذا الخطأ وقع فيه الكهنوت نتيجة للجهل ونتيجة لتصديقهم لساجع القرآن. الوزن والكتلة مفهومان مختلفان فيزيائيا. ما يقاس بالكيلوجرام هو الكتلة وليس الوزن. الوزن يقاس بالنيوتن. لكن عامة الناس يستخدمون الوزن بمعنى الكتلة وقد استخدم الكهنوت لفظة الوزن لتقدير كتلة السحاب ولذلك لم نحاول تصحيح ذلك لمماشاتهم ولشيوع هذا الاستخدام وسط الناس

هل كان بالإمكان قديما معرفة الكتلة الصحيحة التقديرية للسحاب

تساءل الكهنوت: هل يستطيع شخص في القرن السابع أن يعرف أن وزن السحابة 500 ألف كيلوجرام؟

الجواب نعم. العلم اللازم لتقدير كتلة السحابة كان معروفا لدى الإغريق من قبل القرآن بألف عام. كل ما تحتاجه هو تقدير الحجم. وبالإمكان فعل ذلك بحساب المساحة التي غطتها السحابة ثم أخذ ارتفاعها بالحسبان. بعد ذلك خذ حجما صغيرا من ماء المطر ووقم بوضعه في الميزان. ثم احسب كم حجما بهذا القدر يوجد في حجم السحابة الذي قدرته من المساحة. وقم بضرب الناتج في وزن الحجم الصغير الذي قسته وستحصل على النتيجة

لماذا لا نصدق ادعاءاتهم

ما لا يفهمه الديني ومن ورائه مؤسسة الكهنوت أننا لا نصدق الإدعاءت غيبا ولا نثق بالإيمان الأعمى. الادعاء أن هناك خالقا للكون تواصل مع البشر ادعاء كبير جدا لا يدركون حجمه على ما يبدو. ولا بد أن يكون الدليل على حجم القضية. لا يمكنهم تمرير ذلك بالإتيان بشبهات صغيرة وتأويلات وتخمينات. الادعاء الخارق للعادة يجب أن يدعم بدليل واضح خارق للعادة

عندما تريد البرهنة على شيء يجب عليك حسم ذلك واستبعاد كل الاحتمالات الأخرى الممكنة. وعندما تصل إلى استنتاج أو تفسير يجب ألا يكون هناك تفسير آخر اكثر منطقية وأقرب للعقل والمنطق منه

وفي كل ادعاءت الإعجاز الوثنخافي لم يقدم مرة واحدة دليل ذو مصداقية على أن المعلومات المزعومة لم تكن معروفة قبل الساجع وأنه إنما سمعها من الناس فكررها.

هو لم يقل في سجعياته هذه معلومة جديدة لم تكونوا تعرفونها. بل أوردها في سياق يشير إلى أن الناس كانت تعتقدها مثله وهم إنما يذكرهم بها أو يستخدمها حجة عليهم بعد لطشها ونسبتها لوثنخافه

وفي ادعاء إعجاز السحاب الثقال لم يقدم الكهنوت دليلا يشير إلى أن الناس لم تكن تعتقد قبل محمد أن السحاب ثقال. خاصة وأن الوصول لهذا الاستنتاج بمتناول أي شخص كما رأينا آنفا. وخاصة أن سياق السجع يتوافق مع هذا الاستنتاج

في الحقيقة عندما نراجع الموروث العربي نجد هذا المفهوم كان شائعا. العرب كانت تعتقد أن السحاب مثقلة بالمطر. وهذا ما اعتنقه الساجع ايضا. ولأن هذا المفهوم خاطئ علميا كما شرحنا فهو دليل على بشرية القرآن وليس على ألوهيته. يقول الشاعر

لا أَخُون الْخلِيلَ في السِّرِّ حَتَّى … يُنْقَلَ الْبَحْرُ في الْغَرَابِيلِ نَقْلا

أَوْ تَمُورَ الْجِبَالُ مورَ ‌سحَابٍ… مُثْقَلاتٍ وَعَتْ مِنَ الْماءِ حَمْلا

أي شخص يعتقد أن السحاب تحمل المطر سيستنتج أنها ثقيلة. إنه يستطيع مقارنة مقدار كمية الماء في القربة التي يحملها ومقدار السيل الذي نتج عن السحابة. لا يحتاج الأمر لافتراض نزول كائن فضائي مجنح ليخبر الناس بذلك

بل رأينا أن الإغريق كانوا قد توصلوا لإمكانيات حساب تلك الكمية رياضيا لدرجة مقبولة من الدقة. فمن كان فهمه أعلى؟ الناس قبل الإسلام أم مؤلف القرآن؟


نزل تطبيق الموقع لأجهزة الأندرويد. معكم أينما كنتم


قناتنا على اليوتيوب



ملاحظة : الوثنخاف مصطلح لتسمية الإله الإبراهيمي. ويتكون من شقين الأول وثن وتعني كائن تخيلي يتم افتراضه وتخيله ثم اقناع النفس بوجوده. وهو كائن أخرس ابكم أطرش اصم لا يستطيع أن يقول حتى كلمة بم. والشق الثاني خفي. وتعني غير مرئي وذلك لتمييزه عن الأوثان المرئية مثل هبل والعزي ومناة الثالثة الأخرى

تعريف النبي : في الدين النبي هو شخص يسمع أصواتا لا يسمعها أي شخص طبيعي آخر حتى لو تواجد معه وقتها. ويرى اشياء لا يراها أي شخص طبيعي حتى لو تواجد معه وقتها. ويعتقد أنه المصطفى الذي يصلي عليه الله والملائكة. وهذا التعريف الديني للنبي يتوافق تماما مع التعريف الطبي للاضطراب الذهاني

شارك الآن إن لم تكن قد فعلت من قبل في إحصائية اللادينيين

إحصائية اللادينيين في الموقع


التبرع للموقع


اضغط أدناه إذا أحببت التبرع للموقع عبر الباي بال او بطاقة الاعتماد


Donate Button with Credit Cards

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

Discover more from Quran Debate

Subscribe now to keep reading and get access to the full archive.

Continue reading