photo of abstract painting

حقيقة أم تجني – الشذوذ اللغوي في القرآن-1

تم تلقين المتدين منذ نعومة أظفاره أن القرآن كلام ألفه الله وأنه قمة البلاغة والفصاحة. يؤمن بذلك غيبا سواء كان يجيد اللغة العربية أم لا. لم يبن إيمانه هذا على أية حقائق

نحن كلادينيين لم نقبل هذا الإيمان الأعمى. ونعرف تماما أن القرآن صناعة بشرية. كما نعرف أن البشر أنتجوا أفضل منه وأبلغ وأفصح. في الحقيقة لا ترقى بلاغة القرآن لمستوى شعر المتنبي أو نزار قباني ولا مستوى أدبيات شكبير. يوجد أفضل من القرآن في كل اللغات

هل تظنونه مقنعا القول أنه ليس بمقدور أحد أن يؤلف مثل قوله : قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون إلى آخر هذا السجع الركيك؟ هل هذا فعلا ليس بمتناول البشر؟ هم يؤمنون غيبا أنه مستحيل. وهذا هراء

لكن لا يمكن لأحد في أيامنا أن يؤلف مثل قوله : كوكب دري يوقد من شجرة زيتونة. لأن هذا خطأ. الكوكب ليس مصباحا يوقد من شجرة زيتونة. لا يوجد شخص مجنون بقدر كاف ليؤلف مثل هذا الهراء. كما أنه لن يؤلف أحد مثل قوله : بلغ مغرب الشمس فوجدها تغرب في عين حمئة. هذا خطأ مضحك. ولا مثل قوله قلوب يعقلون بها. هذا كلام لا يؤلفه إلا شخص مجنون

القرآن منتج بشري بحت ويستحيل أن يكون كاتبه هو خالق الكون. وموقفنا هذا ليس مجرد إيمان غيبي. ولا منتج تلقيني. بل هو حقائق مبنية على الدليل العلمي

بل إن هناك اكثر من هذا. ساجع القرآن شخص آمن أنه المختار والمصطفى من السماء على بقية البشر. ولو ذهبت لكل طبيب نفسي على وجه الأرض وسألته إذا أتاك شخص يقول هذا عن نفسه فسيكون الجواب واحدا لا ثاني له – هذه ضلالة عظمة. ساجع القرآن سمع أصواتا لم يسمعها غيره وهذه الظاهرة معرفة علميا تعريفا دقيقا : هلاوس سمعية. كما رأى صورا لكائنات مجنحة وكائنا آخر رآه بالأفق الأعلى ثم دنا فتدلى ولم ير هذه الصور أحد غيره. وهذه ايضا ظاهرة معرفة علميا بدقة : هلاوس بصرية

الساجع كان مذهونا. وذهان النبوة اضطراب شائع إلى يومنا هذا. وبالإضافة للضلالات والهلاوس يتميز الاضطراب الذهاني بخلل التواصل اللفظي. هذا الاضطراب اللغوي موجود بقوة في لغة القرآن. مؤكدا تشخيص مؤلفه بدقة عالية لا تدع مجالا للشك والتردد

الشذوذ اللغوي في الذهان

في العقدين الأخيرين اهتم الباحثون في الطب النفسي بدراسة اضطراب اللغة في المذهونين. وبفضل آليات تصوير الدماغ تطور هذا العلم بسرعة. ورغم أنه جديد وناشئ إلا أن هناك عددا كبيرا من الدراسات وبدأت الكثير من المراكز الطبية باستخدام الشذوذ اللغوي في الكشف المبكر والتشخيص. تحت هذه السلسلة سنناقش العديد من مفاهيم الشذوذ اللغوي الذهاني ونحاول أن نجيب على هذا السؤال : حقيقة أم تجني – الشذوذ اللغوي في السجع القرآني.

سنناقش اليوم إحدى هذه العلامات وهي ربط ما لا يرتبط. وسنأتي للبقية في منشورات قادمة

الارتباط الدلالي الشاذ

وهذا يعني أن الشخص المصاب بالذهان يربط بشكل غريب وشاذ بين كلمتين أو مفهومين لا يوجد بينهما ارتباط. ربط ما لا يرتبط شائع جدا في سجعيات القرآن وسنورد منه بعض الأمثلة لاحقا. بداية سأورد التعريف باللغة الإنجليزية :

An idiosyncratic semantic association is a type of positive language symptom in psychosis. It means that a person with psychosis makes an unusual or personal connection between two words or concepts that are not normally related.

الارتباط الدلالي الشاذ في القرآن

يقول الساجع في السجعية المشهورة المعروفة

وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ

ربط ربطا شرطيا بين الخوف من عدم القسط في اليتامى ونكاح العديد من النساء. وكلنا نعرف الجدل الدائرحول هذه السجعية ومحاولات المفسرين لترقيعها وتحويلها إلى كلام مفيد. وحقيقتها بسيطة : ارتباط دلالي شاذ ينتج عن اضطرابات الذهان فيربط المصاب بين مفهومين لا يوجد بينهما أي رابط

العقود والأنعام

ومثال آخر

يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ

أوفوا بالعقود – أحلت لكم بهيمة الأنعام. مرة أخرى ارتباط دلالي شاذ بين الوفاء بالعقود وتحليل بهيمة الأنعام

الفسق والسماء

مثال آخر

وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (46) وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47)

الشذوذ ساطع الوضوح هنا ولا يحتاج لأي شرح

الأكل وإدراك العورة

ومثال آخر

فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ

لا يوجد أي علاقة بين الأكل من ثمار شجرة ما والتمكن من فهم الأعضاء التناسلية وإدراك الاختلاف

ما دام لهما عينان وقشرة بصرية فسيعرفان عورتاهما. الربط بين الأكل من الشجرة وانكشاف العورة ربط دلالي شاذ ارتبكه المؤلف لأنه يعاني من اضطراب ذهاني

سدى والسائل المنوي

ومثال آخر

أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37)

أراد أن يثبت أن الإنسان لن يترك سدى فاستخدم دليلا مضحكا : ألم يك نطفة من مني يمنى. ولا توجد علاقة بين الأمرين. ربط بينهما ربطا شاذا مضطربا

تخيل أحدهم يقول لك : أحسبت ما حدث مصادفة؟ ألم تكن طالبا في المدرسة؟ تذاكر دروسك في الليل؟

هذا ربط شاذ. لكن ماذا لو قال : أحسبت ما حدث مصادفة بل هو أمر مرتب ومخطط له؟ هذا ربط طبيعي

عجين ثم عجين

وركزوا على هذه السجعية

وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7)

تشبه هذه السجعية قول معلم لتلاميذه : إن تكتبوا بقلم الحبر فإننا نقبل الكتابة بقلم الرصاص

كان بإمكان المعلم أن يقول : إن تكتبوا بقلم الحبر أو بقلم الرصاص فإنا نقبل الاثنين

وكان بإمكان ساجع القرآن أن يقول : وإن تجهر بالقول أو تسره فإنه يعلم الكل. ولكنه ذهان النبوة والارتباط الدلالي الشاذ

الإسراء واتباع الدبر

وهذا مثال أخير وليس آخرا بطبيعة الحال

فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ

لا شك أنكم رأيتم الارتباط الشاذ هنا؟ ما علاقة الإسراء بأهله واتباع الدبر؟ وما علاقة ذلك بعدم الالتفات؟ يمكنهم أن يسروا ليلا وأن يلتفتوا ولا يوجد داع له لاتباع أدبارهم فيمكنه أن يكون بموازاتهم

الأمثلة كثيرة لكننا سنكتفي بهذا الحد. وما على المتابع الكريم إلا فتح المصحف وتأمل سجعياته بموضوعية وحيادية وسيجد الكثير من الأمثلة على هذا الشذوذ

في الحلقات القادمة من حقيقة أم تجني – الشذوذ اللغوي في القرآن سنناقش علامات أخرى مثل التقريب اللفظي والتعقيد القواعدي الشاذ ومؤشر الكثافة الوصلية واضطراب التثبيط الأمامي وفشل الإعداد التلقائي وغيرها من مفاهيم الشذوذ اللغوي الذهاني. كونوا على الموعد


نزل تطبيق الموقع لأجهزة الأندرويد. معكم أينما كنتم


ساهم في تبديد الخرافة

شارك المقال مع أصدقائك في تويتر

شارك المقال مع أصدقائك في الفيسبوك
HTML tutorial
شارك المقال مع أصدقائك في الواتسب

تطبيق اندرويد
Download@GooglePlay
حمل تطبيق الموقع من متجر جوجل

ملاحظة : الوثنخاف مصطلح لتسمية الإله الإبراهيمي. ويتكون من شقين الأول وثن وتعني كائن تخيلي يتم افتراضه وتخيله ثم اقناع النفس بوجوده. وهو كائن أخرس ابكم أطرش اصم لا يستطيع أن يقول حتى كلمة بم. والشق الثاني خفي. وتعني غير مرئي وذلك لتمييزه عن الأوثان المرئية مثل هبل والعزي ومناة الثالثة الأخرى

تعريف النبي : في الدين النبي هو شخص يسمع أصواتا لا يسمعها أي شخص طبيعي آخر حتى لو تواجد معه وقتها. ويرى اشياء لا يراها أي شخص طبيعي حتى لو تواجد معه وقتها. ويعتقد أنه المصطفى الذي يصلي عليه الله والملائكة. وهذا التعريف الديني للنبي يتوافق تماما مع التعريف الطبي للاضطراب الذهاني

شارك الآن إن لم تكن قد فعلت من قبل في إحصائية اللادينيين

إحصائية اللادينيين في الموقع

نزل الجزء الثاني من ذهان النبوة مجانا


التبرع للموقع


اضغط أدناه إذا أحببت التبرع للموقع عبر الباي بال او بطاقة الاعتماد


Donate Button with Credit Cards

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

Discover more from Quran Debate

Subscribe now to keep reading and get access to the full archive.

Continue reading