لا عاصم اليوم – اللفظ المقلوب
استمع للمقال بصوت ليلى من لبنان بالنقر على زر التشغيل أدناه
عندما تفترض واقعا ما لا دليل عليه فإن الأمر ينتهي بك وَأَنْتَ تلوي الحقائق لمصلحة الاستمرار في تصديق هذا الافتراض الذي تَعْتَقِدُهُ صحيحا وهو أمر خاطئ. وهذا ما حدث مع سجعيات محمد. افتراض أهل التأويل أنها كلام إلهي جعلهم يستمرون في لَوْيِ الحقائق وتطويعها للحفاظ على افتراضهم الْمُسْبَق. مِمَّا حَرَمَهُمْ مِن إمكانية التعرف على الحقيقة البسيطة والواضحة.
اللفظ المقلوب من العلامات الشائعة في الشذوذ اللغوي الذُّهاني. ومنها الخلط بين اسم الفاعل والمفعول. قد ترد كَزَلَّةِ لسانٍ مرةً أو مرتين وَتُعْتَبَرُ شيئا عابرا لكنها عندما تتكرر في كلام رسمي ولا تُعَدَّلُ تصبح علامةً ذُهانيةً مهمةً للتشخيص.
تخيلْ نفسك محاميا وعندما تتكلم عن القاتل تطلق عليه لفظ المقتول بينما عندما تتكلم عن المقتول تقول عنه القاتل.
لا أحد في القاعة لن يتهمك بالجنون أو الغباء ويجعل منك مسخرة الموسم ونكتة العام.
لكن وجود مثل هذا الشذوذ في لغة محمد يتم ترقيعه وعدم تبيينه من قِبَلِ أهل الترقيع. ويتم إيهام العَوَامِّ والبسطاء السذج أن ذلك من البلاغة وهم لا يعرفون ما هي البلاغة. العَوَامُّ يصدقون كلما يقال لهم ويدغدغ مشاعرهم تحت تأثير غسل الدماغ المبكر الذي تمارسه كل الأديان. ويتحول الانسان البسيط إلى ثورٍ هائجٍ يندفعُ لِمُهاجَمَةِ الحقيقة إذا لم تُوافِقْ ما غُسِلَ دماغه عليه.
تَطَرّقْتُ في مقالات أخرى إلى عدة أمثلة على اللفظ المقلوب. وفي هذا المقال سأناقش اللفظ المقلوب في الخلط بين اسم الفاعل والمفعول
لا عاصم اليوم
يقول ساجع القرآن في أُسْطورَةِ نوح أن ابنه عندما قال له سيلجأ للجبل ليحميه قال له نوح:
قَالَ سَآوِيْ إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ
حيرت صياغة هذه الجملة أهل التأويل منذ بداياته : لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رحم.
من سياق القصة يَظْهَرُ أن المقصود هو أنه لا أحدَ معصومٌ من الغرق إلا مَن رحمه الله
لكنّ صياغة العبارة يقول أنه لا أحدَ عاصمٌ من الغرق إلا من رحمه الله
حاوَلَ البعضُ إهمال الاستثناء إلا مَن رَحِمَ ليقولوا أن السجعية تعني لا أحد سيعصمك من أمر الله. ثم تَخَبَّطوا في جملةِ إلا مَن رَحِمَ وتفننوا في ترقيعها. واختلفوا اختلافا كبيرا ولم يتفقوا على رأي.
واعترف بعضهم أن هذا الترقيع غير دقيق وحاول القول أنها عصمة بالنَّسَب وخلاصة مصطلح العصمة بالنَّسَب الذي اخترعوه هي أن عاصم تعني معصوم.
سأُوْرِدُ لكم نبذة عن هذا التخبط والترقيع من تفسير الطبري
وقوله:(لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ)، يقول: لا مانع اليوم من أمر الله الذي قد نزل بالخلق من الغرق والهلاك ، إلا مَن رَحِمَنا فَأَنْقَذَنا منه، فإنه الذي يمنع مَن شاء مِن خَلْقِهِ . فـ “مَن” في موضع رفع، لأن معنى الكلام: لا عاصم يَعْصِمُ اليوم من أمر الله إلا الله. وقد اختلف أهل العربية في موضع “مَن”
فقال بعض نحويي الكوفة: هو في موضع نَصْب، لأن المعصوم بخلاف العاصم، والمرحوم معصوم .
ولا يجوز الرفع في “مَن”. إذْ لا يجوز لك في وجهٍ أن تقول: “المعصوم ” هو “عاصم ” ، ولكن لو جَعَلْتَ “العاصم ” في تأويل ” معصوم” ، [كأنك قلت]: ” لا معصوم اليوم من أمر الله” ، لجاز رفع “من”. وقد يُخْرَج “المفعول” على “فاعل”، ألا ترى قوله:( مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ )
لاحِظوا مقدار البؤس وبعضهم يريد أن يقول أنَّ معنى الكلام: لا عاصم يَعْصِمُ اليوم من أمر الله إلا الله ويتجاهل عبارةَ إلا من رحم. والبعض الآخر يريد أنْ يقول أنَّ عاصمَ تعني معصوم. ولاحِظوا ايضا أنهم لم يجدوا شاهدا يدعم هذا الترقيع من كلام العرب فأوردوا عبارة أخرى للساجع : مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ. يشهدون لكلام المذهون بكلام المذهون نفسه. هذا يؤكد ما ذَكَرْنا في البداية من أنّ هذه العلامة الذُّهانية تكررت كثيرا في كلام المذهون
والأمر بسيط لو صَدَقوا مع أنفسهم. وطالما كانت الحقيقة بسيطة. يريد الساجع أن يقول : لَا معصومَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَه الله كما خمنوا من السياق.
لكنَّ إنتاج الكلام لدى المذهون مضطرب فَقَلَبَ اللفظة وقال عاصم وليس معصوم
بدل أن يعترفوا بالشذوذ حاولوا تصويرها كقاعدة لغوية لإيهام العَوَامِّ أنّ عاصمَ تعني معصوم.
قالها محمد لا عاصم لأنه ذّهاني يختلط عليه اسم الفاعل مع المفعول. مثله مثل بقية الذُّهانيين بسبب اضطراب التفكير الذي يسببه الذُّهان.
السبب وراء ارتباك محمد هنا هو الجملة السابقة سَآوِيْ إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي. فالحديث كان عن شيء يعصمه. عن اسم فاعل. ولذلك واصل وقال لا عاصم. كان هناك صراع فكرتين في دماغ محمد المذهون. الأولى لا عاصم يحميك مثل الجبل وغيره والفكرة الثانية أنه لا معصوم إلا مَن رحمه الله ونجاه. انتزعت الفكرة الأولى ما قبل الاستثناء وانتزعت الفكرة الثانية ما بعده فصارت الجملة ذُهانية ومقلوبة. هذا الارتباك اللغوي يحدث كثيرا في لغة المذهونين ويكون أحيانا شديدا إلى درجة تفكك الفكرة كلية
الحقيقة بسيطةٌ وهي دائما هناك لا رتوش عليها ولا حجاب ولا تحتاج لِلَّفِّ والدوران. لكنهم لا يرون إلا ما يرغبون برؤيته
حجابا مستورا
وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا
الحجاب سِتْرٌ لا يُسْتَر. يريد أن يقول حجابا ساترا وليس مستورا. المستور هم مَن خَلْفَ الحجاب وليس الحجاب.
عرف أهل التأويل الأوائل ذلك لأن العربية كانت لغتهم الأم ولذلك سببت لهم هذه العبارة حيرةً واختلفوا اختلافا شديدا في تأويلها. وبعضهم لجأ إلى حكاية بناء النَّسَب وبرر كيف أن المقصود هو حجابا ذا ستر وبَحَثَ في الشوارد والنوادر من اشعار العرب وكلامهم لدعمها دون طائل.
لكن المرقعين المعاصرين يختلفون. فالعربية ليست لغتهم الأم. وبعضهم لا يجيد إعراب جملة واحدة ولا نَظْمَ بيتِ شعرٍ واحد. ولا يعرف ما هي البلاغةُ ولا يكاد يفرق بين الثاء والسين والذال والزاي. ولذلك هم تماما جزء من قطيع العَوَامِّ الذين يؤمنون أنها بلاغة وهم لا يعرفون شيئا عن البلاغة. بل ويتهكمون من المفسرين الأوائل ويظنون أنفسهم أدرى منهم باللغة في ظاهرة مثيرة للانتباه.
والحقيقة دائما هناك بسيطة وواضحة. يريد الساجع أن يقول حجابا ساترا فقال حجابا مستورا. مثلَ ما أراد أن يقول لا معصومَ فقال لا عاصم. ساهم في الإنْزِلاقِ في هذا اللفظ المقلوب الحاجةُ لتسجيع الكلام. فمستورا موازِنَةٌ وموافِقَةٌ في القافية لكلمة غَفورا في المقطع السابق وكلمة نُفورا في المقطع اللاحق. لذلك ارتكب هذا الشذوذ اللغوي الذُّهاني تحت تأثير المرض من ناحية والحاجة للتسجيع من ناحية أخرى.
ماء دافق
فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ. خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ. يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ
قد لا يبدو قوله ماء دافق قلْبا للمفعول والفاعل. فيمكن أن يقصد بدافق متدفق كما يريد المُؤَوِّلون قوله. وهذا ممكن هنا لسبب أن التدفق صفةٌ داخليةٌ للماء على عكس عاصم ومستور مثلا لولا أن المعني بالكلام هنا هو السائل المَنَوِيُّ الذي لا يملك هذه الصفة الداخلية . وايضا قوله يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ يوضح أنه يعني مدفوق. فَقَلَبَ اسم المفعول إلى فاعل وقال دافق.
دافق لا تعني مدفوق كما لواها أهل التأويل الذين استدلوا بها ايضا على إخراج المفعول على فاعل في ترقيعهم لعبارة لا عاصم اليوم أعلاه. هي علامة لفظ مقلوب يكثر في كلام الذُّهانيين.
عيشة راضية
فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ. فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ
العيشة ليست راضية بل مرْضية. يريد أن يقول عيشة مرْضية. فَقَلَبَ المفعولَ إلى فاعلٍ فقال راضية.
الراضي هو من يعيش في الجنة وليست العيشة نفسها فالعيشة معنى مجرد لا يرضى ولا يغضب. من يعيشها هو من يمكنه أن يرضى عنها وليست هي من ترضى عنه أو عن نفسها.
العجز عن استيعاب المعنى المجرد عند الذُّهانيين, والحاجة للتسجيع لتكون راضية على وزنِ عالية ودانية, والاضطراب الذُّهاني المصحوب بالشذوذ اللغوي هو التفسير البسيط والحقيقة الناصعة وراء كثير من الألفاظ المقلوبة في لغة محمد
ساهم في تبديد الخرافة
إعلانات- Advertisements

تطبيق اندرويد

ملاحظة : الوثنخاف مصطلح لتسمية الإله الإبراهيمي. ويتكون من شقين الأول وثن وتعني كائن تخيلي يتم افتراضه وتخيله ثم اقناع النفس بوجوده. وهو كائن أخرس ابكم أطرش اصم لا يستطيع أن يقول حتى كلمة بم. والشق الثاني خفي. وتعني غير مرئي وذلك لتمييزه عن الأوثان المرئية مثل هبل والعزي ومناة الثالثة الأخرى
شارك الآن إن لم تكن قد فعلت من قبل في إحصائية اللادينيين
نزل الجزء الثاني من ذهان النبوة مجانا
التبرع للموقع
اضغط أدناه إذا أحببت التبرع للموقع عبر الباي بال او بطاقة الاعتماد
