woman in black tank top sitting beside woman in white tank top

مزاجها كافورا

ينطبق تعريف اختلال القدرة على التواصل اللفظي في الطب النفسي على أي كلام ليس واضحا بذاته ولا مفهوما بألفاظه. ويدخل في تعريف اختلال القدرة على التواصل اللفظي احتياج الكلام لتأويل وقابليته لعدد كبير من التفسيرات تتناقض أحيانا مع بعضها. وهذا التعريف ينطبق انطباقا تاما على القرآن ويجعله إحدى العلامات الاكلينيكية البارزة على إصابة مؤلفه بذهان النبوة.

ومن علامات الشذوذ اللغوي الذهاني عرض التكرار القهري للألفاظ والتخزين الوسوسي للكلمات. ويتواجد هذا الشذوذ بكثرة في القرآن ويتم ترقيعه للمستمع البسيط على أساس أنه بلاغة وهو لا يفهم البلاغة. ولا يقال له أنه حتى العرب المعاصرون للساجع أنفسهم لم يفهموا هذه العبارات واحتاجوا لتأويل لأنها أصلا غير مفهومة. وأي كلام غير مفهوم يستحيل أن يكون بلاغة وفصاحة. فالبلاغة والفصاحة هي جعل الكلام فصيحا مفهوما بينا واضحا في أقصر تعريف لها.

النبوة اضطراب ذهاني

يترافق التكرار القهري للألفاظ والتخزين الوسواسي للكلمات عادة مع التسجيع الشديد. والتسجيع يزداد في بدايات الاضطرابات الذهانية خاصة إذا صاحبها اضطراب مزاج وأفكار عظمة كالمنقذ للبشرية والمرسل للعالمين والمصطفى للرسالة

السجعية الشديدة ظهرت ببروز في السجعيات المكية ووبعض سجعيات الفترة المدنية المبكرة قبل أن تتدهور قدرة المؤلف على السجع نتيجة اضطراب ملكاته الذهنية بسبب ذهان النبوة.

علامة التكرار القهري للألفاظ تسمى

verbigeration

وتعرف على أنها تكرار الألفاظ على فترات متقاربة دون إضافة أي شيء للمعنى

وتسمى علامة الربط السجعي عند الذهانيين في الطب النفسي

Clang association

أعيد التذكير هنا بتعريف مصطلح نبي في الأدبيات الكهنوتية : النبي هو شخص يسمع اصواتا لا يسمعها أحد غيره حتى لو تواجد بجواره ويرى أشياء لا يراها أحد غيره حتى لو تواجد بجواره ويهيمن عليه اعتقاد راسخ أنه أفضل إنسان في الوجود وقد تم اختياره من قبل السماء ليكون سيد ولد آدم الواجب طاعته على كل إنسان. هذا التعريف يتطابق تطابقا تاما مع التعريف العلمي للمريض الذهاني

مشهد هلوسي يقتحم الصورة

دعونا نحلل هذا المقطع من سجعيات القرآن:

إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8)

يعاني المريض الذهاني من فقدان القدرة على الاتصال بالواقع ويمتزج لديه الواقع مع الوهم المتولد من الهلاوس والضلالات. والساجع هنا يختلط عليه مشهد هلوسي وآخر من حياته الواقعية. فيتحدث عن مشهد الأبرار وهم يشربون في عالمه الخيالي الفانتازي الذي يشاهده كهلاوس بصرية معاشة لا يفرق بينها وبين الحقيقة

فيراهم يشربون من كأس (مزاجها كافور) ويفجرونها تفجيرا. وبعد التفجير فجأة يتداخل مشهد يومي من واقعه المعاش. فيظهرون وهم ينذرون ويوفون بالنذر (النذر طقس وثني كانت تقدم فيه القرابين للإله كمقايضة بيع وشراء ليحصل صاحب القربان على خدمة كشفاء مرض وغيره – وقد تبنى الساجع هذا الطقس الوثني وشرعه) ويخافون يوما مستطيرا. ولاحظوا أنه نسي أنه رآهم في بداية المشهد وقد تجاوزوا اليوم المستطير وصاروا في الجنة يشربون ويفجرون. ولكنهم في نهاية المشهد خائفون من اليوم الذي تجاوزوه أصلا بنجاح في بداية المشهد وصار في الماضي بالنسبة لهم. ينذرون ويطعمون.

فقدان التسلسل الزمني في السرد من أهم علامات الشذوذ اللغوي الذهاني وهو شائع جدا في لغة الذهانيين

وطبعا هذا الخلل وتداخل المشهد الهلوسي مع المشهد الواقعي جعل السجعيات مختلة وغير مفهومة ومحتاجة للتأويل والشرح. ويمكنك عزيزي القارئ تخمين ما سيفعله أي مرقع. اي مرقع سيخمن المقصود ويقول أن المقصود هو أن المؤمنين الذي يوفون بالنذر ويطعمون المسكين سيدخلون الجنة ويشربون من كأس مزاجها كافور ويفجرونها تفجيرا. الاحتياج لهذا التخمين يجعل تعريف خلل القدرة على التواصل اللفظي منطبقا على السجعيات بوضوح

لكنه مجرد تخمين. وهو بمتناول أي مرقع. والحقيقة أن السرد مضطرب تداخل فيه مشهد هلوسي ليس له وجود مع منظر واقعي وبدأ المشهد الهلوسي في الظهور للساجع ثم نقله للمشهد الواقعي دون أن يلحظ الفرق بسبب اضطرابه

الرغبة الشدية تولد الهلاوس

لكن تداخل المشهد الهلوسي مع الواقع ليس الخلل الوحيد هنا. فهناك استخدام نيولوجيزمي للألفاظ.

يظهر التعلق الوسواسي بالمزاج. ظهرت هذه اللفظة في سجعيات محمد ثلاث مرات في فترة فقره ومعاناته وكانت تعكس رغبته الملحة في شيء محروم منه. يريد أن يشرب شيئا جيدا ممزوجا بشيء يحبه. سأفصل ذلك أدناه ولكن سأتناول أولا علاقة الأمنيات لدى المريض الذهاني بتولد المشاهد الهلوسية.

 فالرغبة الملحة لدى المريض الذهاني تتحول لمشهد هلوسي لأن جزءا من وظيفة الهلاوس هو تسلية الملهوس حيث تؤدي الهلاوس لدى المصاب بالذهان دور احلام اليقظة والفانتازيا لدى الشخص السليم.

وتحول الرغبة الملحة والأمنيات إلى هلاوس علامة بارزة في اضطراب محمد وقد اعترف بها سجعا في حادثة الآيات الشيطانية حيث قال :

وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53)

الأمنية تحولت إلى إلقاء شيطاني. والإلقاء كلمة استخدمها الساجع للهلاوس السمعية التي تعرف دينيا بلفظة الوحي. وقد أكد ذلك مرارا حيث قال عن الأصوات التي يسمعها ويفسرها على أنها وحي:

فالملقيات ذكرا – سورة المرسلات

إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) – المزمل

وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ (86) – القصص

فعملية سماع الأصوات أطلق عليها محمد إلقاء. ولا يمكن فهم السبب إلا بمعرفة ما كان الساجع يعانيه ويختبره ويدركه وقت سماع الاصوات. خاصة أن إلقاء توحي بقدومها من أعلى. وهذا يتماشى مع ضلالة محمد أن الاصوات تأتيه من فوق سواء كانت من الشيطان أو من الروح أو من الله كما اعتقد

هذه السجعية توضح تماما وجود علامة تحول الأمنيات إلى هلاوس سمعية. واضحة بدون اي لف ودوران وموثقة بلغة محمد نفسه. إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته. ولمعرفة قصة الآيات الشيطانية يمكنكم الرجوع إلى أمهات المراجع الموثوقة لدى مؤسسة الكهنوت نفسها. نحن ناقشناها في منشور آخر يظهر في الرابط أدناه ولن نتطرق لها هنا.

الآيات الشيطانية

التعلق الوسواسي بالمزاج

نعود إلى نقطتنا. المزاج كان نوعا من الرفاهية لدى الأغنياء وهو ما يمزج به الشراب مثل العسل وغيره مما اعتبره عرب الصحراء وقتها من الملذات

وكأي فقير محروم تعلق به الساجع في بداية حياته. وما لم يقدر الذهاني على الحصول عليه في الواقع يحصل عليه في عالمه الضلالي التخيلي. إذا كان متزوجا بعجوز متسلطة فستمتلئ هلاوسه بصور العذارى والحور العين في عالم تخيلي ومشاهد هلوسية. وإذا كان لا يحصل على المزاج في حياته اليومية فسيحصل عليه في مشاهده الهلوسية.

الأبرار يشربون من كاس كان مزاجها كافورا. وهو سيد الابرار بالتأكيد وأولهم. لا ندري ما الذي أعجبه في الكافور. ولأن الكافور أصلا لا يصلح ولا يستعمل كمزاج للشراب تحير أتباعه في تأويل السجعية إلى يومنا هذا وما زالوا. لم يدركوا قط أن الرجل ذهاني يعاني من اضطراب التواصل اللفظي وأن كل تركيزه هو على الرابط السجعي الذي يهيمن على لغة الذهانيين في نوبات الهوس.

ولذلك مرة ثانية حاولوا التخمين للخروج بمعنى عقلاني لعبارة مضطربة. فقالوا لا يقصد أن مزاج الشراب هو الكافور (رغم أن هذا هو النص الأصلي قبل الترقيع) ولكنه يقصد شراب رائحته طيبة مثل رائحة الكافور

ويمكنكم فتح تفسير ابن كثير أو الطبري لتروا العجب العجاب بأنفسكم. اقتبس لكم هذه المقطع البسيط :

يشربون من كأس، وهو كل إناء كان فيه شراب( كَانَ مِزَاجُها ) يقول: كان مزاج ما فيها من الشراب( كافُورًا ) يعني: في طيب رائحتها كالكافور. وقد قيل: إن الكافور اسم لعين ماء في الجنة-تفسير الطبري

شيء مضحك. لم يتقبل بعضهم تأويل رائحته كالكافور لأنها تناقض النص الاصلي وتفرغه من معناه فلجأ لحل اكثر خرافية : اسم لعين ماء في الجنة

لسان العرب حاول ايضا جهده لإيجاد معنى لهذا التركيب النيولوجيزمي الشاذ. قال أنه قيل أنها عين في الجنة. م لاحظ أنها إذا كانت كذلك فكان يجب أن تمنع عن الصرف وهي هنا مجراة. كما أن تفسيرها يصير غريبا : مزاجها عين في الجنة؟؟ هناك شذوذ واضح. ثم قال أن الكافور هو الورق الذي يغطي عنقود العنب. ولكنه مرة أخرى لم يفهم كيف يمكن للشراب أن يخلط بأوراق العنب. ثم قال ربما أراد التشبيه (أراد كان مزاجها مثل كافور . وقد يكون كان مزاجها كالكافور لطيب ريحه ). ثم أنهى محاولاته لترقيعها بالقول أن كافور الجنة مختلف وأن أهل الجنة محصنون لا يضرهم ما يضر الناس في الدنيا (يجوز أن يكون طعم الطيب فيها والكافور ، وجائز في الجنة أن يمزج بالكافور ولا يكون في ذلك ضرر لأن أهل الجنة لا يمسهم فيها نصب ولا وصب )

نستخلص من محاولات أهل التأويل واللغة نتيجة ذكرناها من البداية ونكررها هنا : إذا وقعت في فخ الخرافة فستقضي عمرك في تبريرها. والإيمان بخرافة يقودك إلى اختراع سلسلة طويلة من الخرافات من أجل ترقيعها

وهكذا يتجلى لنا ثبوت علامة اختلال التواصل اللفظي في لغة مؤلف القرآن. عباراته لا يمكن أن تفهم بذاتها وألفاظها وتحتاج لتآويل تتناقض أحيانا مع بعضها ويعجز عن فهمها حتى مؤلف لسان العرب. ينطبق التعريف على القرآن انطباقا تاما. ماذا نريد أكثر من هذا؟ دعونا ننتقل للسجعية التي تليها

عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6)

مرة أخرى تحير المفسرون. ماذا يعني بقوله عينا : هل هي بدل عن كافور؟ أم هي حال من الهاء في مزاجها؟ اقتبس لكم هذا المقطع التفسيري الذي يحاول الخروج بأفضل معنى عقلاني ممكن:

وقوله:( عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ ) يقول تعالى ذكره: كان مزاج الكأس التي يشرب بها هؤلاء الأبرار كالكافور في طيب رائحته من عين يشرب بها عباد الله الذين يدخلهم الجنة، والعين على هذا التأويل نصب على الحال من الهاء التي في( مزاجها )-تفسير الطبري

مرة أخرى هذا دليل آخر على اضطراب قدرة الساجع على التواصل اللفظي السليم.

ثم تحير المفسرون في استخدام الساجع لحروف الجر. في الحقيقة الخلل في استخدام حروف الجر شذوذ لغوي ذهاني

فالساجع قال : عينا يشرب بها عباد الله – واستخدم حرف بـ . وهذا سبب حيرة المفسرين. فالعين يشرب منها وليس بها. كان يجب أن يشرب بالكأس من العين. لكنه شرب بالعين من الكأس.

يحدث هذا الاضطراب عندما يعاني المريض من ضغط الكلام أو ما يعرف في الطب النفسي بمصطلح

Pressured speech

ويتم التعرف على الكلام المضغوط عندما يتحدث المريض بعبارت قصيرة سريعة لاهثة ومتراكضة كما في هذه السجعيات. ضغط الكلام جعله يخلط بين كل الكيانات الواردة الكأس والعين والكافور. مما جعل العبارات غير مفهومة وغير واضحة. فكان المفروض أن يشربوا بالكأس ويشربوا من العين وليس العكس.

يعرف المفسرون الأوائل هذه الاختلالات لكنه يفترضون مسبقا أن القرآن بليغ وفصيح ولذلك لا يتطرقون لها كضعف لغوي بل يرقعونها ويمررونها كاعجاز لغوي أكبر من أن يحيطوا به.

وللانصاف هي ليست ضعفا لغويا. فمحمد ابن بيئته ولهجة قريش كانت لغته الأم وهي يجيدها ولا شك. ولكنها ارتباك تفكيري واضطراب لغوي وشذوذ ذهاني ظهر كنتيجة لاضطراب ضغط الكلام واختلال القدرة على التواصل اللفظي السليم.

يفجرونها تفجيرا

أما عبارة يفجرونها تفجيرا فليس سوى ناتج للرابط السجعي الذي يسود العبارات القصيرة اللاهثة المجرسة. ليس لها معنى ولا تفيد أي شيء. ولم يصل المفسرون فيها لشيء. فبعضهم يقول يصرفونها كيفما شاؤوا والبعض يقول يقودونها والبعض يقول يوزعونها والبعض يقول يسيلونها والبعض يقول يجرونها. وهي كما نرى تخمينات وتخرصات يمكن لأي شخص اختراعها وتخمينها لاخراج معنى عقلاني.

التكرار القهري للألفاظ

ويظهر التكرار القهري للألفاظ أو ما يعرف بالـــ

verbigeration

في هذه المقطوعة. فنجده قال :

وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7)

ثم أعاد نفس المعنى بتغيير بسيط للألفاظ والضمائر :

إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10)

لا يحتاج المعنى لإعادته مرة أخرى. لقد قال أنهم يخافون يوما مستطيرا ووصلت الفكرة. لكنه ظلت تلح على راسه لفظة قمطريرا كوسواس لاصق فكان أن اضطر لإعادة نفس المعنى مستخدما كلمة قمطريرا. هذا هو التخزين الوسواسي للألفاظ والرغبة القهرية باستنفاد كل الألفاظ التي توافق القافية ما دامت خطرت على الدماغ.

ولذلك أعاد فكرة خوفهم من يوم القيامة بتغيير بسيط في الألفاظ والتزام شديد بالسجع والقافية.

ورأينا كيف بدأ المشهد بهم وقد نجوا من شر ذلك اليوم وصاروا يشربون كاسا مزاجها كافورا ثم اختلط عليه التسلسل الزمني. لكن فكرة نجاتهم قد وردت ولم يتمكن من كبحها.

ثم ألحت عليه مرة أخرى ليكررها تكرارا قهريا لا حاجة للمعنى به حيث قال مرة أخرى

فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11)

كنا قد عرفنا أنه وقاهم في الجزء الهلوسي من المشهد. لكن وسواسه أزعجه فكررها في الجزء الواقعي دون أية حاجة لها.

مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ……

لاحظوا عودة الساجع للجزء الهلوسي من المشهد. هذا الاضطراب في التسلسل الزمني وتطاير الافكار علامة اكلينيكة بارزة في نوبات الهوس. تتأرجح الصورة بسرعة ذهابا وإيابا بين الجزء الهلوسي والجزء الواقعي من المشهد ويتقفز الساجع من هنا إلى هناك ثم يعود بسرعة

تذكروا أنه قال في بداية المشهد : يشربون من كأس

والكاس تورد لفظات مرادفة إلى دماغه : كوب وإناء. وبسبب الحاجة القهرية لاستنفاد كل مخزونه من الكلمات اضطر وسواسيا لإعادة عملية الشراب لكن هذه المرة باستخدام الكوب والآنية:

وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15)

أكواب الآن وليست كؤوس. أكواب كانت قواريرا. وسواس ملح ليستنفد كل الألفاظ التي تؤدي معنى كأس. وماذا عن المزاج؟ قال لنا أن مزاجها كان كافورا. فهل اكتفى من المزاج أم هناك وسواس قهري ملح عليه لإعادته؟

كما توقعتم تماما. لقد كرره قهريا مع تغيير طفيف في الألفاظ كالعادة :

وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18)

نفس العبارات تتم إعادتها كما نرى. تكرار قهري لا حاجة للمعنى به. لكنه المريض يحتاجه لكي ينطفئ الوسواس.

كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها ….. كان مزاجها زنجبيلا عينا فيها تسمى سلسبيلا. هذا دمر الترقيع السابق الذي قال ان العين اسمها كافور. صار اسمها سلسبيل

الكافور ذكره بالزنجبيل. فأعاد مزاجها لكن ليس كافورا بل زنجبيلا. نفس المشهد. لكنه اضطرب واختلطت عليه الصورة فمرة مزاجها كافورا ومرة مزاجها زنجبيلا. ولأن الزنجبيل يخلط بالشراب فعلا فلم يحتج المرقعون للتكلف كما فعلوا مع الكافور.

وكما أعاد المزاج قهريا كرر ايضا العين. فالأولى كانت عينا يفجرونها تفجيرا. وهذه عينا تسمى سلسبيلا.

هل يفجرون هذه السلسبيل تفجيرا ايضا؟

من يهتم أصلا. عبارة يفجرونها تفجيرا وردت تحت حاجته الملحة للسجع والجرس والتنغيم وليس لها اية قيمة من الاساس. بل إن هذه المقطوعة بأكملها ليس لها اية قيمة وهي تكرار لما ظل يردده في سجعياته ولو حذفت من سجعيات القرآن ما نقص شيء ولا تأثر شيء.

ولو ركزتم قليلا ستجدون شيئا مهما يبين عملية تطاير الافكار. فهو قال أنه يطاف عليهم ولم يوضح من الذي يطوف :

وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15)

وهذه العبارة ولدت لديه صورة هلوسية جديدة في المشهد تتوافق مع إحدى رغباته المكبوتة وأمنياته المنشودة فقال تحت ضغط الصورة الجديدة الطارئة :

وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19)

ويطاف عليهم ….ويطوف عليهم  – هو تكرار قهري لا يضيف للمعنى فالفكرة قد وصلت. لكن هنا شيء مهم يعبر عن رغبة مكبوتة : الذي يقوم بالطواف عليهم ولدان مخلدون؟ لماذا يا ترى لا يطوف عليهم مضيفات حسناوات؟ لماذا الولدان والغلمان؟

لا يمكن تفسير ذلك إلا برغبة مكبوتة لا يريد الساجع مواجهتها على مستوى الوعي فتدخل بشكل قهري لا واعي في الصور الهلوسية التي يراها

وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21)

مرة ثالثة في نفس المشهد يعود للشراب. هذه السورة تعبير سجعي عن حرمان شديد وأمنية عارمة تحولت إلى هلاوس بصرية شديدة الوضوح.

وكما كرر الشراب تكرارا قهريا ثلاث مرات في نفس المشهد كرر ايضا الملابس حيث قال في السجعية رقم 12 ما يلي:

وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12)

وقال بعد تسع سجعيات :

عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ

الأولى حرير والثانية سندس واستبرق. كلمة حرير ولدت صورة السندس والاستبرق. وبسبب الحاجة الوسواسية القهرية لاستنفاد كل الاشياء التي ترد على خاطره كرر المشهد لكن هذه المرة بالسندس بدل الحرير. نفس الاسلوب يتكرر ونفس العلامة الذهانية

أمثلة أخرى

هذ ليست المرة الوحيدة التي تظهر فيها علامة التكرار القهري للألفاظ. فهذه العلامة تظهر في العبارات شديدة السجع في القرآن. وقد راينا كيف كرر لفظة فباي آلاء ربكما تكذبان مرات ومرات في سورة الرحمن وكيف كرر عبارة ويل يومئذ للمكذبين في سورة أخرى.

لاحظوا مثلا في سورة الرحمن وهي ايضا مقطوعة شديدة الرابط السجعي :

وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47) ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ *فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (51) فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (53)مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54)فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57)

لاحظوا أن الرغبة المكبوتة هنا التي هو محروم منها وتتحول إلى مشهد هلوسي هي التمتع بفروج العذارى.

حدث هذا عندما كان محمد ما زال بشبابه لكنه مجبر على الزواج من امرأة عجوز تجاوزت سن الياس وتكبره بعشرين عاما. تبلور حرمانه ورغبته المكبوتة في مشهد هلوسي فريد وصورة وسواسية تقحم نفسها وتكرر نفسها قهريا في سجعياته. يتضح ذلك عندما نجد أنه أعاد نفس المعنى السابق بالضبط مع تغيير بسيط في الألفاظ بعد عدة سجعيات حيث قال :

وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (63) مُدْهَامَّتَانِ (64) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (65) فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (66) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (67)

فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (69)

حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (74)

نفس العبارت تعاد من جديد مع تغيير طفيف بالألفاظ. شرحت ذلك باستفاضة في منشور آخر هذا رابطه

هذه العلامة الذهانية متحققة بشكل بارز وجلي في كل سجعيات محمد. لكن الجموع المغيبة تفضل دفن رأسها في الرمال والاستمرار في مخادعة نفسها والكذب على ذاتها والعبودية المطلقة لكل أفكار الكهنوت التي أسسها راعي غنم مختل عقليا مصاب بالذهان



نزل تطبيق الموقع لأجهزة الأندرويد. معكم أينما كنتم


قناتنا على اليوتيوب


ساهم في تبديد الخرافة

شارك المقال مع أصدقائك في تويتر

شارك المقال مع أصدقائك في الفيسبوك
HTML tutorial
شارك المقال مع أصدقائك في الواتسب

ملاحظة : الوثنخاف مصطلح لتسمية الإله الإبراهيمي. ويتكون من شقين الأول وثن وتعني كائن تخيلي يتم افتراضه وتخيله ثم اقناع النفس بوجوده. وهو كائن أخرس ابكم أطرش اصم لا يستطيع أن يقول حتى كلمة بم. والشق الثاني خفي. وتعني غير مرئي وذلك لتمييزه عن الأوثان المرئية مثل هبل والعزي ومناة الثالثة الأخرى

تعريف النبي : في الدين النبي هو شخص يسمع أصواتا لا يسمعها أي شخص طبيعي آخر حتى لو تواجد معه وقتها. ويرى اشياء لا يراها أي شخص طبيعي حتى لو تواجد معه وقتها. ويعتقد أنه المصطفى الذي يصلي عليه الله والملائكة. وهذا التعريف الديني للنبي يتوافق تماما مع التعريف الطبي للاضطراب الذهاني

شارك الآن إن لم تكن قد فعلت من قبل في إحصائية اللادينيين

إحصائية اللادينيين في الموقع


التبرع للموقع


اضغط أدناه إذا أحببت التبرع للموقع عبر الباي بال او بطاقة الاعتماد


Donate Button with Credit Cards

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

%d bloggers like this: