brown hummingbird selective focus photography

طائر في عنقه

لم تعرف البشرية أن المذهون يعاني من شذوذ لغوي في كلامه بسبب اضطراب طريقة تفكيره إلا في القرن العشرين. ولم يدخل الشذوذ اللغوي الذهاني كمؤشر حيوي تشخيصي في الطب النفسي إلا منذ سنوات قليلة وفي مراكز محدودة في العالم.

يخترع المذهون ألفاظا غريبة لا يستخدمها الناس الطبيعيون وتعرف هذه العملية علميا بمصطلح نيولوجيزم. كما أنه يستخدم الألفاظ في غير دلالاتها ويركب من كلمات معروفة عبارات غريبة لا يستخدمها الناطقون الأصليون باللغة. في العلم عندما تحدث هذه الأمور يعرف التشخيص ويعالج المريض لكن في الدين يقولون هذه بلاغة. ويفسرون شذوذها عن لغة الناس وكون الناس الطبيعيين لا يستخدمون هذه التراكيب بأن هذه التراكيب من تأليف الله ولذلك لا أحد يستطيع أن يفعل مثلها. ولا يوجد أغبى من هذا الترقيع. كلام المذهون شاذ ولا أحد يقول مثله لأنه مضطرب وليس طبيعيا وليس لأن الله ألفه. الكلام المذهون لا يصلح التحدي به لأنه لا أحد سيجعل من نفسه مسخرة ليقول مثله. من سيقول كهيعص؟ من سيقول وقالت نملة يا أيها النمل ادخلوا؟ من سيرضى على نفسه أن يقول والتين والزيتون وطور سينين. هذا رجل يأكل زيتونا لأول مرة فيخرج يغني والتين والزيتون من السلطنة. ومع التدويخة يقول وطورسينين ما حتى يقولها وطورسيناء بشكل صحيح. فمن سيفعل ذلك؟

من سيرضى على نفسه أن يقول : ما أغنى عني ماليه يا ليتني لم أوت كتابيه هلك عني سلطانيه. الشخص العاقل سيضحك على نفسه وهو يؤلف هذه المسجعات. سيقول كتابي سلطاني مالي ولن يحرف اللفظة لعيون القافية

من يؤمن أن هذا الشذوذ اللغوي إعجاز لأن الناس لا تؤلف مثله فقد انتحر عقليا وعلميا. فلا يوجد شيء في عبارة والتين والزيتون وطور سينين لا يمكن لاي شخص أن يقول مثلها إلا أنها مسخرة ولا أحد سيتنازل لهذا المتسوى المجنون. هي شذوذ لغوي ذهاني صار له توصيفات علمية واضحة بإمكان أي شخص تعلمه وفهمه إن امتلك الرغبة والذكاء الكافيين لذلك.

طائره في عنقه

تمتلئ سجعيات ناظم القرآن بالعبارات الشاذة الغريبة التي لا معنى لها والتي احتاجت آلاف الكتب لتفسيرها. وكل كلام يحتاج لتفسير وتأويل هو كلام يفتقد للقدرة على التواصل اللفظي الصحيح. يستغل الكهنوت هذه النقطة للضحك على العوام وإيهامهم أن هذه العبارات تحتاج قدرات كهنوتية خاصة لفهمها وأن النص الأصلي لا يجب أن يفهم كما هو ولا يجب أن يكون واضحا بكلماته مفهوما بعباراته كافيا بذاته بل لا بد من العودة للتفسير الذي ألفوه هم بأيدهم. وصار القرآن كفتاة الماخور من تفلسف ولج فيه وأوغل فصار القرآنيون يدعون أن تأويلهم وحدهم صحيح وأنهم يفهمون أفضل من الطبري وابن كثير والعرب الأوائل الذين كانت الفصحى لغتهم الأم وكذلك ولغ فيه العدانينون واستباحه الأخوانيون. صار المعنى الأصلي لا قيمة له وكل القيمة أعطيت للنص التأويلي الذي لا علاقة له بالقرآن وهو كلام المفسر والمؤول

يقول ساجع القرآن في شذوذ لغوي واضح في إحدى سجعياته

وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13)

عبارة ألزمناه طائره في عنقه عبارة نيولوجيزمية. دفعت المفسرين للقول أن الطائر تعني التشاؤوم. وأن معنى الجملة أنه إذا تشاءم فقد صار لزاما علينا أن نحقق تشاؤمه. لكن هذا التفسير لا ينفع لأن الناس ترى عكس هذا. ترى أن غالبية المتشائمين لا يقع بهم تشاؤمهم فكيف صار لزاما على الله أن يحدثه؟ هل كذب الله؟ أم عجز؟

وتعددت التأويلات وهي محاولات ترقيع لا أكثر تعمل من منطلق وجود تفسير باطن لا علاقة له بظاهر الألفاظ ولا يعرفه إلا عدد محدود. والتفسير الباطن عملية شعوذة اخترعها في بداية الأمنر أحفاد الساجع لإيهام الناس أنهم أنبياء أو أولياء فوق البشر ثم تسللت من الفكر السردابي إلى الفكر السقيفي في القرن العشرين وهي ما ينتهجه القرآنيون في إعادة التأويل دون أن يصرحوا. التفسير الباطن هو ببساطة تجاهل النص الأصلي وأخذ كلمة واحدة أو كبضع كلمات منه والتلاعب بها لإعادة تأويله والخروج بمعنى مختلف تماما عن دلالة النص الأصلي

وظل التساؤل هناك عندما يفكرون ولا يسلمون عقولهم لجماعات الكهنوت

كيف ألزمه طائرا في عنقه؟ ما هذا الكلام؟ كيف طائر؟ وكيف في العنق؟ وماذا يقصد بطائر في العنق؟ وكيف يتم الصاق طائر في العنق؟ ولماذا احتار أهل التأويل في هذه العبارة منذ أيام المفسرين الأوائل

ونحن نضع أمامهم الأسئلة التي لا يجرؤون حتى بالتفكير بها

هل يعني بطائره التطير وغير شكل اللفظة تغييرا نيولوجيزميا ؟والتطير معتقد وثني كانت تمارسه العرب فإذا رأت غرابا استنتجت أن موتا سيحدث؟ وهل هذا يعني أن الساجع يؤمن بهذه الخرافة؟ ويقول للناس أن كل شيء تتطيرون به سيقع ؟ لزاما على الله؟

قد يكون هذا. فالساجع كمريض ذهاني يؤمن بالخرافة. كما أن تحريف تطير إلى طائر ممكن. فهو يعاني من اضطراب تفكيري يشيع فيه تغيير شكل الالفاظ فتصبح سيناء سينين وإلياس إلياسين وكتابي كتابيه ومجراها مجريها وهكذا. كما أن التطير كان يتم بالطيور كالغراب والحدأة والنسر والتطير معنى مجرد والطائر معنى حسي والمريض الذهاني يميل للمعنى الحسي بسبب تدهور قدرة التفكير المجرد

ويدعم هذا الأمر ما يقال أن بعض قبائل العرب كانت تستخدم لفظ طائر بمعنى تشاؤم

كل هذه تفاسير معقولة لهذا التعبير المضطرب. فالساجع يؤمن بخرافة التطير كما يمكن الاستنتاج. ويؤمن بأن الله ألزم نفسه تحقيق ما يتطير به الناس. لولا أن هذا المعنى لم يقبله المفسرون لغرابته وجنونه فكيف يلتزم الله بتحقيق ما يتطير به الناس ومن ملاحظة الواقع واضح أن معظم ما يتطير به الناس هراء لا يتحقق. كما أن إلزام الطائر في العنق عبارة نيولوجيزمية شديدة الابهام لم يستسغها المفسرون. كيف طائره في عنقه؟

تضطرب عملية التفكير لدى الشخص الذهاني وينعكس ذلك في لغته حيث تظهر علامة النيولوجيزم. النيولوجيزم هي علامة ذهانية يتم فيها إما اختراع كلمات جديدة لا يعرفها أحد مثل ضيزى وقسورة وكهيعص وطسم أو يتم استخدام كلمات معروفة في غير مكانها مثل كلمة طائر في هذه السجعية

السجعية التي قبلها كانت تقول: محونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة وكل شيء فصلناه تفصيلا

ومثل كل الذهانيين فقد حبل الكلام وقفز قفزة فجائية إلى موضوع غريب بسبب دخول فكرة طارئة على ضلالاته وهلاوسه وهي طائر في العنق وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه

وكعادة المفسرين بدأ التخبط. وعندما تؤمن أن كلام شخص ذهاني حقيقة فإنك تقضي عمرك في ترقيعه ومحاولة الخلاص من دهاليزه المجنونة. ونلاحظ أن تفسيراتهم محاولات تخمينية لما يمكن أن يكون المقصود. مجرد تخمينات يبررونها كما نجد في أمهات التفاسير

ولكي يتضح الخلل دعونا نتأمل ما قاله المفسرون الأوائل

ابن كثير: وطائره: هو ما طار عنه من عمله

الامام أحمد: المقصود هو الطيرة أي التشاؤم

طبعا التقارب اللفظي بين طيرة وطائر واضح كما هو التقارب المعنوي بسبب التشاؤوم من الطيور. وإذا صح أن لفظة طائر كانت تستخدم بمعنى تشاؤم عند بعض العرب فهذا يفسر ما ذهب له الإمام أحمد. لكنه فشل في فهم ما معنى ألزمناه في عنقه؟ هل الله تعهد بتحقيق أي فكرة تشاؤم ثم تراجع فيما بعد؟ والحقيقة قد يختلط على الذهاني الأمر فلا يفرق بين الفروق البسيطة بين الكلمات لولا أن موضوع التشاؤم في الحقيقة لا مكان له في السجعية فالكلام قفز من الحديث عن الشمس والقمر إلى الزام كل انسان بطائر في عنقه ثم قفز مرة أخرى الى حساب يوم القيامة. لا مكان للتشاؤم

عندما علق ابن كثير على هذا المعنى قال هذا غريب جدا والله أعلم. 😊😊😊😊

الطبري وفر على نفسه التعب وقال أن كلمة طائر هي كلمة صائر فقال:

وكلّ إنسان ألزمناه ما قضى له أنه عامله، وهو صائر إليه من شقاء أو سعادة بعمله في عنقه لا يفارقه

لكنه أيضا قال أنه قد يعني التشاؤم لأن العرب كانت تتشاءم بالطيور.

التطير المقصود معتقد وثني خرافي ينسب للطيور القدرة على التأثير في الأحداث. لكن هل الله يتشاءم بالطيور التي خلقها كما يزعمون ويصدق خرافات الوثنيين؟

ساجع القرآن كمريض ذهاني توجد لديه قابلية عالية للايمان بالخرافات نتيجة التفكير السحري الذي يطغى على الذهانيين

لكن الواضح أنه كلما تمعن المرء في القرآن عرف أنه لا يمكن أن يكون من تأليف كائن سماوي خارق الذكاء خارق الإمكانيات ومطلق القدرة والعلم قام بتصميم الكون ووضع شفرة الحمض النووي

سيطرت ثقافة سكان الجزيرة على القرآن ولا يعقل أن كتابا الهيا أعد للعالمين تسيطر عليه ثقافة قبائل متنقلة في الصحراء

قتادة والحسن البصري وآخرون ذهبوا إلى أن طائره في عنقه تشير إلى ملك مجنح يطير ويرافقه على عنقه يسجل حركاته وسكناته

و بينما ذهب آخرون إلى أن طائره تعني صحيفة أعماله لأنه مصنوعة من ورق تطيره الريح

شذوذ مذهون

أحيانا تتميز اللغات البشرية بتعبيرات مركبة لها معنى خاص يختلف عن معنى كل كلمة على حدة. فمثلا في العربية عبارة أسقط في يده تعني ندم وهي تختلف عن معاني مفرداتها. وعبارة ضرب في الأرض تعني سافر وهي كعبارة تختلف عن معاني كلماتها فرادى. هذه الأمر شائع في كل اللغات. لكن عبارة طائر في عنقه ليست تعبيرا مجازيا له معنى مختلف كعبارة كاملة عن مفرداته مستقلة. طائر في عنقه لا وجود له كتعبير مجازي في اللغة العربية. هذه العبارة ليست سوى تعبير عن ضلالة ذهانية من طرف شخص مضطرب عقليا

المسلم المعاصر البعيد عن الفصحى لا يرى اي خلل في الغالب لأنه يتكلم لغة مختلفة هي الدارجة. ولذلك إذا قيل له هي التطير أو التشاؤم قبلها بدون تفكير

لكن الحقيقة أن وجود طائر في عنق كل إنسان ليست سوى فكرة غريبة جنونية يشبهها فكرة وجود شريحة الكترونية زرعها الفضائيون في دماغ الانسان الفكرة التي تكثر عند مرضى الذهان في أيامنا هذه ويعرفها كل طبيب نفسي معاصر

الساجع تولدت لديه فكرة غريبة وخرافية وهي وجودطائر ملازم لعنق كل انسان وتسمى هذه العلامة في الطب النفسي بـ

Bizarre delusion

جهل المفسرين الأوائل بالطب النفسي ومغالطة أنفسهم بافتراض صحة مزاعم الساجع اضطرهم لمحاولات ترقيعها باعطائها معنى منطقيا مقبولا

تفسير القرآن لم يكن رفاهية بل كان أمرا ضروريا لإعادة ترتيب سجعيات الكاهن الذهانية التي لا تحمل معنى عقلانيا بل طغى عليها التفكير الخرافي والسحري فكان لا بد من التفسير من أجل سمكرة  كلام ذهاني لا معنى له  ومن أجل استخراج معنى من تمتمات مريض ذهاني وتكوين صورة من طلاسم هاذية. وكما تخبط المرقعون  في كلمة طائر احتاروا أيضا في عبارة في عنقه

فلماذا قال في عنقه إذا كان يعني بالطائر العمل مثلا؟؟ ولماذا قال في عنقه إذا كانت كلمة طائر تعني صائر كما حاول الطبري إصلاحها؟؟ ولماذا قال في عنقه إذا كان يعني التشاؤم؟؟

الحقيقة هو يقصد طائر وهي تعبر عن مشهد هلوسي خبره محمد وظن أن الناس ايضا خبرته وعرفته كما يحدث لكل المذهونين. ومحاولة إعطائها معنى عقلانيا بعيدا عن تأثير مرض الساجع على لغته وأفكاره مجرد مغالطة للذات وخيانة للأمانة العلمية والأدبية

المذهون يطغى عليه التفكير الحسي وتتولد لديه هلاوس بصرية وسمعية تخلق له عاملا مختلفا تماما

 والمذهون الذي يرى كائنات فضائية أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع تنزل إليه وتكلمه وتعلمه السجع الموزون المقفى ويرى أيضا بغالا طائرة تسافر به عبر المجرات لن يكون غريبا عليه أن يرى طائرا ملازما لعنق كل إنسان

ضلالة وجود طائر في عنق الانسان لدى المرضى القدامى تماثل ضلالة وجود شريحة مزروعة في الدماغ لدى المرضى المعاصرين. كل مريض تتوافق أوهامه وأعراضه مع ثقافة زمنه

هذه مجرد صورة هلوسية تتولد في دماغ الرجل ولا داعي لتحميلها ما لا تحتمل فلن يصلح العطار ما أفسد الدهر

ساهم في تبديد الخرافة

شارك المقال مع أصدقائك في تويتر

شارك المقال مع أصدقائك في الفيسبوك
HTML tutorial
شارك المقال مع أصدقائك في الواتسب

شارك الآن إن لم تكن قد فعلت من قبل في إحصائية اللادينيين

إحصائية اللادينيين في الموقع

نزل الجزء الثاني من ذهان النبوة مجانا

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

Discover more from Quran Debate

Subscribe now to keep reading and get access to the full archive.

Continue reading