ويل للمصلين
عندما ننظر لسجع محمد نجده تطور وتدرج من سجع قصير الجمل لاهث العبارات متقافز المواضيع ساد أغلب السجعيات المكية إلى نثر منهك مثقل يتم تذييله بقافية نونية أو ميمية كما ظهر في معظم النص المدني.
تتوافق بدايات محمد السجعية مع السائد في بيئته وزمنه حيث كان العرب يعكسون أحداث الحياة اليومية والمواقف المختلفة وخيبات الأمل والنجاحات في سجعهم أو في شعرهم.
وقد عكس محمد مشاعره المختلفة في سجعه المبكر. فرأيناه مرة يهجو أبا لهب ويسب زوجته الحطابة. ومرة يقول لخصمه فمثله كمثل الكلب. ومرة يقول لأهل مكة أنهم حيوانات : إنهم إلا كالأنعام.
وفي سورة الماعون نجده يتكلم عن الذي يكذب بالدين. ولم يستطع المفسرون تحديد ما إذا كان يتكلم على سبيل التعميم والإطلاق أم يقصد شخصا محددا بعينه بسبب خلل التواصل اللفظي الذي يطغى على سجعيات القرآن بشكل عام مما تسبب في ظهور آلاف التفاسير.
تعريف خلل التواصل اللفظي هو عدم قدرة النص المكتوب أو الكلام المقال على الاكتفاء بألفاظه فقط لإيصال المعنى. وعدم اكتفائه بكلماته وعباراته لإبلاغ المقصود. مما يضطر الآخرون إلى تفسيره وتأويله وإضافة عبارات تقديرية وجمل افتراضية لإخراج معنى مفهوم وفكرة منطقية.
لا يوجد نص ينطبق عليه هذا التعريف كما ينطبق على سجعيات القرآن. يعرف ذلك كل أتباع الوثنخافية الإسلامية رغم الإنكار والمكابرة التي تصدر منهم.
أرأيت الذي يكذب بالدين
يظهر الله في هذه السجعية مستغربا ومتفاجئا. أرأيت الذي يكذب بالدين. إنه مغتاظ. ويريد أن يتكلم منفسا عن غيظه. لم يعد يستطيع السكوت أكثر.
شفت هذا المفعوص الذي يكذب بالدين؟ وكأنه لم يكن يعرف ذلك منذ مليارات السنين كما تزعم السردية الوثنخافية في مواضع أخرى. وكأنه لم يسجل هذا الموقف في اللوح المحفوظ المزعوم. هذه الزلات اللفظية التي تناقض مزاعم العلم المطلق وفيرة جدا في السجع القرآني.
قوله أرأيت الذي يكذب بالدين تجعل المستمع جاهزا لسماع التفاصيل. إنها عبارة تمهيدية. يتوقع المستمع بعدها أن يخبره المتكلم بحكاية هذا الذي يكذب بالدين مفصلة واضحة.
ولكن الساجع ينجرف لعبارات فقيرة المحتوى خاطئة المضمون. حيث قال : فذلك الذي يدع اليتيم. وضع تعريفا لمن يكذب بالدين : هو الذي يدع اليتيم. وهو تعريف خاطئ بطبيعة الحال. يكذبه الواقع قديما وحديثا. فلا علاقة ولا رابط بين من يكذب بالدين ومن يدع أو ينهر اليتيم. بل إن ملحدين كفارا كبيل جيتس وانجلينا جولي انتشلوا مئات الآلاف من اليتامى. بل بدراسة حالات التبني عند اللادينيين نجد أن العكس هو الصحيح. الذي يكذب بالدين أكثر إحسانا وعطفا ورحمة واعتناء باليتيم.
لم تكن هذه السجعية تعبر عن فكرة الخالق الذي يعلم كل شيء بل تعبر عن موقف خاص لمؤلفها يشير فيه إلى شخص معين.
رغم أن المفسرين فهموها على سبيل التعميم والإطلاق لتجنب فهمها كهجاء إلهي لفرد من البشر إلا أن الساجع بسبب اضطرابه الذهاني لم يكن يعني بها إلا شخصا واحدا بعينه ولم تكن إلا عبارة عن هجاء لهذا الشخص الذي لم يصدق مزاعمه.
ولا يحض على طعام المسكين. هذا تكملة تعريف السجعيات لمن يكذب بالدين. مرة أخرى نجدها في وادي والواقع في واد آخر. فأكثر من يحض على طعام المسكين هم اللادينيون. والمكذبون بالدين الإسلامي والسجع القرآني خاصة. بل إن معظم مصادر الطعام للمساكين حول العالم تأتي من منظمات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية وبتمويل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ممن يكذبون بالدين الإسلامي والقرآن المسجع
بديهي جدا أنه لو كان مؤلف هذه السجعيات هو خالق الكون لعرف هذه الحقيقة البسيطة. وعرف أنه لا يوجد ارتباط بين تكذيب الإنسان بالدين وبين عطفه على اليتيم والمسكين. كان سيعرف مصدر الأخلاق بشكل صحيح. لكنه بدلا عن ذلك قال لنا في سجع يزعم أنه صالح لكل زمان ومكان وصحيح بشكل مطلق أن الذي يكذب بالدين هو الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين.
فويل للمصلين
تتميز نوبات الهوس القطبي بالكلام المضغوط. وهو صيغة خاصة من الكلام تتميز بالتسجيع العالي والجمل القصيرة اللاهثة والمقاطع المزدحمة الراكضة والأفكار المتطايرة.
وهذا يفسر تقفز الساجع من الذي يكذب بالدين إلى المصلين. الارتباط خفي وهو ارتباط تضاد. عندما تقول كلمة ما فإن ذخيرة محددة من الألفاظ مرتبطة بها تستحضر ايضا ويقوم الدماغ بانتقاء المناسب وتثبيط غير المناسب والمحافظة على انسياب السردية.
وعندما قال الساجع يكذب بالدين ارتبط بها عدم الصلاة. وبسبب التزاحم اللفظي والركض السجعي قال ويل للمصلين. وليس ويل لغير المصلين.
ولاستدراك ما حدث اضاف الذين هم عن صلاتهم ساهون. ومن يسهو عن صلاته هو غير مصلي ولا ينفع أن تقول أنه من المصلين. لا يمكن أن تقول عنه مصليا إلا إذا كان يذكر صلاته ويؤديها وليس يسهو عنها.
تخيل شخصا يقول : لا يعجبني المتسابقون الذين لا يدخلون السباقات. أو آخر يقول لا يعجبني القارئ الذي لم يقرا اي كتاب. أو لا يعجبني الكاتب الذي لا يعرف الكتابة.
لا يمكن اطلاق اسم الفاعل على من لا يحدث منه الفعل أو قبل حدوثه. لا يمكن وصف شخص بأنه قاتل وهو لم يقتل اي أحد
ماذا لو سمعت أحدهم يقول : ويل للكاتب الذي لا يعرف الكتابة. لن تعجز عن التقاط الخلل في التواصل اللفظي لديه.
ولذلك يستطيع الطفل عادة التقاط الخلل في سورة الماعون وفي مقطع ويل للمصلين. وتتمكن الأدمغة الصغيرة من الاستغراب من تسمية من يسهو عن صلاته ولا يؤديها بالمصلي. ثم يتعرض الطفل لسيل جارف من الترقيعات تجعله يدفن المنطق ويصبح مختصا بالتفسير ويقول لنفسه أكمل الآية. ويحرم نفسه من معرفة الحقيقة
يمنعون الماعون
الذين يراؤون ويمنعون الماعون. هل هذه صفات المصلين أم هي تابعة للذي يكذب بالدين؟ كما نرى هي تنسجم أساسا مع دع اليتيم وعدم الحض على طعام المسكين. ولذلك سياقها يجعلها تصف الذي يكذب بالدين وليس المصلين.
ولكن لأن المصلين اساسا هم غير مصلين فالسجعيات تمثل خللا في التواصل اللفظي من البداية. ولا تحدد شيئا. فمن يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين هو الذي يرائي ويمنع الماعون. بل إن منع الماعون ليست سوى دع اليتيم وعدم إطعام المسكين مصاغة بألفاظ مختلفة. لكن الساجع جعلها من صفات المصلين لأنه لم يكن يقصد المصلين اساسا. واختلط عليه سيل الأفكار وفشل في تنظيم العبارات وترتيب القول. وهذا ما تتميز به نوبات الهوس القطبي عموما. والتي يمكن أن تظهرلفترات معينة في الاضطرابات الضلالة وفي الفصام أو الفصام الوجداني
اشترك في قناتنا على اليوتيوب
ساهم في تبديد الخرافة
إعلانات- Advertisements

تطبيق اندرويد

ملاحظة : الوثنخاف مصطلح لتسمية الإله الإبراهيمي. ويتكون من شقين الأول وثن وتعني كائن تخيلي يتم افتراضه وتخيله ثم اقناع النفس بوجوده. وهو كائن أخرس ابكم أطرش اصم لا يستطيع أن يقول حتى كلمة بم. والشق الثاني خفي. وتعني غير مرئي وذلك لتمييزه عن الأوثان المرئية مثل هبل والعزي ومناة الثالثة الأخرى
تعريف النبي : في الدين النبي هو شخص يسمع أصواتا لا يسمعها أي شخص طبيعي آخر حتى لو تواجد معه وقتها. ويرى اشياء لا يراها أي شخص طبيعي حتى لو تواجد معه وقتها. ويعتقد أنه المصطفى الذي يصلي عليه الله والملائكة. وهذا التعريف الديني للنبي يتوافق تماما مع التعريف الطبي للاضطراب الذهاني
شارك الآن إن لم تكن قد فعلت من قبل في إحصائية اللادينيين
نزل الجزء الثاني من ذهان النبوة مجانا
التبرع للموقع
اضغط أدناه إذا أحببت التبرع للموقع عبر الباي بال او بطاقة الاعتماد
