ولا تخطه بيمينك
لماذا لم يطق محمد البقاء في مكة بعدما سيطر عليها. لم يقض فيها سوى أيام قلائل وعاد مهرولا للمدينة وترك أفضل بقاع الأرض؟ وخلال السنوات الأربع الأخيرة من حياته بعد فتحها لم يعد لها إلا مرة واحدة فيما يسمى حجة الوداع ولأيام قليلة؟
لماذا فجأة لم تعد هي أطهر وأفضل بقاع الأرض؟ ولماذا كره البقاء بها وكان قبل ذلك يقول إنما تركها لأن أهلها أخرجوه؟ ماذا الآن بعد أن سيطر عليها إذن؟
الإجابة على هذا السؤال تكشف جوانب كثيرة عن اضطراب محمد العقلي وطريقة سيطرته على قطيع العوام الذين انتشروا بعد ذلك كالجراد لينكبوا أرجاء الأرض بالغزو والسبي والنهب ومحو حضارات كاملة من على وجه الأرض.
إذن لارتاب المبطلون
كانت بيئة مكة صادمة لمؤلف القرآن كمذهون مؤمن بضلالاته إيمانا راسخا. فقد استقبل أهل مكة ادعاءاته بالتفحص والتدقيق وطلبوا منه البراهين واختبروه وحاولوا تبين صدقه من كذبه. وفي خضم تفاعلاتهم معه لم يصعب عليهم تشخيصه. وعرفوا حالته منذ أيامه الأولى : يا أيها الذي أنزل عليه الذكر إنك لمجنون. وهذا هو نفس التشخيص الذي ستصل له أنت عزيزي القارئ لو واجهت نفس الموقف رغم عدم رغبتك في التفكير منطقيا في ما حدث قبل 1400 سنة.
لتوضيح الوضع سنقارن بين موقفين : موقف نفترض حدوثه اليوم لك وموقف مماثل حدث للساجع في مكة. تخيل أنك كنت في مسرح. وحضر فنان غير معروف. وبدأ يعزف ويغني. لكن عزفه لم يكن جيدا لأحد وغادر معظم المستمعين المسرح وتركوه. وفي نهاية أغنيته المرفوضة قال : أحسن شيء أني غنيت لهم هذه المقطوعة ولو كنت غنيت لهم مقطوعتي الثانية لغادروا المسرح وتركوني.
يقول هذا وكأنه لم يبصر بعينيه أنهم غادروا المسرح وتركوه على مقطوعته هذه ايضا. أنت كشخص طبيعي هنا يعرف كيف يتصرف الشخص السليم والشخص المضطرب ستسخر منه بينك وبين نفسك وتشخصه بأنه مجنون. هذا استنتاج واقعي.
الآن تأمل هذا الموقف للساجع
وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49) وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50)
يقول من حسن حظي أني لم أقرأ كتابا من قبل ولا كتبت وإلا كانوا شكوا في أمري وارتابوا؟
لكنهم فعلا شكوا في أمره وارتبابوا. وخلال 14 عاما قضاها في مكة منذ بداية الذهان لم يتبعه سوى قرابة 50 شخصا عشرة منهم من أحرار قريش بشرهم بالجنة والبقية من العبيد الذين تمت رشوتهم بالإعتاق وممن يعيشون على هامش المجتمع
لكنه يتحدث وكأن تجنب ارتيابهم وحاز على ثقتهم لعدم قراءته وكتابته لأي شيء من قبل؟
ويقدم ذلك على أساس أنه دليل قاطع؟ ويقول لو كنت فعلت ذلك لارتابوا؟ وكأنهم لم يرتابوا؟
هل تتوقع أن أي شخص في أهل مكة يسمع هذه الحجة يعجز عن تشخيصه؟ وهل عجزت أنت عن تشخيص فنانك على المسرح؟ إذا عجزت فالخلل فيك بالتأكيد. لست قادرا على رؤية الحقيقة أو لست راغبا في ذلك.
اضطراب بناء الحجة
ولو تأملت حجة الساجع بشكل أكثر منطقية فستجد برهانا غير قابل للإنكار على اضطرابه. فقد تضمنت عددا كبيرا من الاختلالات حيث ربطت بين ما لا يمكن ربطه وأوحت باستنتاج بناء على مقدمة غير صالحة.
فقد قدم الساجع عدم قيامه بالقراءة والكتابة كحجة على أن السجع الذي يقوله من تأليف الله. وكما يمكنك أن ترى بوضوح لا يوجد أي ارتباط. عدم قيامه بالقراءة والكتابة لا ينفي بأي حال من الأحوال أن سجعيات شتم أبي لهب من تأليفه.
هذا بسهولة جعل أهل مكة يقولون له أنت مجنون. العربية كانت لغة منطوقة وكان غالبية شعرائها وسجاعها قبل الإسلام غير قادرين على القراءة والكتابة. حتى أنهم رووا أن طرفة بن العبد حمل رسالة فيها أمر بقتله لعدم قدرته على القراءة. كان الأعشى وحسان بن ثابت وابن الزبعرى والخنساء من الشعراء المعاصرين لمحمد. كلهم لا يجيدون القراءة والكتابة.
عدم قدرته على القراءة والكتابة لا يعني أن ما يقوله من سجع ألفه الله. اعتمد محمد في البداية على حفظ سجعياته كما يظهر في هذا المقطع في قوله : (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) ومع الوقت تضايعت السجعيات وقال محمد عن نسيانها ومحاولاته بتعويضها سجعيته المشهورة
مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)
لكي يبرر كيف عجز الله عن حفظ سجعياته المنسوبة أظهر الأمر على أنه خطة إلهية : هي لم تضع لكن الله قرر نسخها بمحض إرادته. وأنا لم أنسها لكن الله قرر ذلك. ولم يفعل ذلك دون خطة مناسبة حيث أنه قام بالإتيان بسجعيات أفضل منها أو على الاقل مثلها
من لا يستطيع أن يرى اضطراب الساجع من هذا الموقف فلن يتمكن من الوصول للحقيقة حول الموضوع حتى يموت
لاحقا صار يطلب من أتباعه كتابتها وهو يمليها عليهم. واشتهرت في سيرته الموثقة قصة ابن أبي السرح الذي اكتشف أن محمدا يكذب من خلال تركيزه على طريقة محمد في اختتام السجعيات.
وهذا يوضح ببساطة اضطراب بناء الحجة. فهل هناك فرق بين أن تكتب سجعياتك بنفسك وبين أن تقوم بإملائها على شخص آخر ليكتبها؟
هل إذا كتبتها بنفسك تصير من تأليفك وإذا أمليتها على شخص آخر ليكتبها تصبح من تأليف الله؟
لم يصعب الأمر على أهل مكة لمعرفة تشخيص الساجع. ولم يطق الساجع البقاء في مكة بعد أن فتحها وعاد مهرولا للمدينة حيث وجد أناسا خاضعين لا يطلبون منه براهين وأدلة نجح في استعبادهم فكريا بسهولة وحارب بهم خصومه وأسس على جماجمهم سلطته ثم أعطى كل شيء لعشيرته ولم يبشر من أهل يثرب حتى شخصا واحدا بالجنة فكان المبشرون بالجنة من قريش والخلفاء من قريش والملوك من قريش وما زال هذه النمط ساريا في كل الطوائف الوثنخافية الإسلامية ليومنا هذا
ساهم في تبديد الخرافة
تطبيق اندرويد

ملاحظة : الوثنخاف مصطلح لتسمية الإله الإبراهيمي. ويتكون من شقين الأول وثن وتعني كائن تخيلي يتم افتراضه وتخيله ثم اقناع النفس بوجوده. وهو كائن أخرس ابكم أطرش اصم لا يستطيع أن يقول حتى كلمة بم. والشق الثاني خفي. وتعني غير مرئي وذلك لتمييزه عن الأوثان المرئية مثل هبل والعزي ومناة الثالثة الأخرى
تعريف النبي : في الدين النبي هو شخص يسمع أصواتا لا يسمعها أي شخص طبيعي آخر حتى لو تواجد معه وقتها. ويرى اشياء لا يراها أي شخص طبيعي حتى لو تواجد معه وقتها. ويعتقد أنه المصطفى الذي يصلي عليه الله والملائكة. وهذا التعريف الديني للنبي يتوافق تماما مع التعريف الطبي للاضطراب الذهاني
شارك الآن إن لم تكن قد فعلت من قبل في إحصائية اللادينيين
نزل الجزء الثاني من ذهان النبوة مجانا
التبرع للموقع
اضغط أدناه إذا أحببت التبرع للموقع عبر الباي بال او بطاقة الاعتماد
