العبودية الكامنة
سمحت ثغرات جينية وصفات تطورية في الدماغ البشري لصانعي الأديان بالسيطرة على عقول العوام. فنجد التابع يرفض حقائق علمية مبرهنة لأنها تتعارض مع ما لقنوه ويقبل بالمقابل خرافات عجيبة لا برهان عليها. فمثلا يرفض المسلم حكاية أن الانسان انحدر من حيوان آخر ظهر قبله لأنها تتعارض مع مزاعم الخلق من طين منفوخ فيه ولكنه بنفس الوقت يقبل أن حيوانا آخر مثل القرد أو الخنزير تطور من الانسان نتيجة عملية مسخ سحرية
لم يرفض النظرية العلمية لأنها عالم ولديه بحوث ولديه براهين. بل لأنها تنقض صحة مزاعم دينه فقط. ولم يقبل تطور القرود والحنازير من بشر لأنه عالم ولديه دراسات وبحوث بل لأنهم لقنوه ذلك
المشكلة لديه ليس استحالة تطور كائن من كائن آخر فهو قبل تطور القرد والخنزير من بشر يهود. المشكلة لديه عدم حرية التفكير. هو مستعبد فكريا. وليس لديه الحرية في أن يفكر بكل الاحتمالات. يمنع عليه حرية التفكير بصحة نظرية تطور الانسان من كائنات سابقة كما يمنع عليه حرية التفكير بخرافية تطور القرود من بشر
العبودية الخفية
تطور الانسان ككائن اجتماعي لديه تنوع في القدرات الفردية. وفي الزمن السحيق احتاج الانسان لسلوكيات معينة من أجل البقاء. هذه السلوكيات حملتها الجينات. ومن هذه السلوكيات غريزة التمقطع. التمقطع هو الاندماج في قطيع يتبع قائدا معينا. تنشأ لهذا القائد سلطة معنوية ومادية وسط أفراد القطيع حيث يؤمن القطيع أن القائد يفهم أمور النجاة من الخطر أحسن منهم ويصبح اتباعه طريقة للبقاء والنجاة. وهذه هي درجة من درجات العبودية. حيث يؤمن الفرد في القطيع غريزيا أنه يجب أن يكون له سيد. وهذا السيد يعرف كيف يقودهم للنجاة. العبودية الجسدية التي أدت إلى الرق لاحقا لم تكن سوى درجة متطرفة وقصوى من غريزة العبودية الناعمة. يمكننا تسميتها بالعبودية الناعمة للتفريق بينها وبين الرق حيث أن أساسها فطري. فهي عبودية فكرية وغريزية
هذه العبودية الناعمة مثلها مثل بقية الصفات الفطرية. تمثلها جينات بعدة أليلات. ولذلك هناك أبعاد لظهورها في سلوك الشخص فقد يحمل البعض نظائر يكون التعبير فيها في الطرف الأقصى فيكون الشخص متمردا على كل أشكال الاستعباد جريئا على التفكير فيما ترتعد فرائص الباقين بمجرد مروره على بالهم بينما يكون البعض الآخر في الطرف الأدنى حيث يصل بهم الأمر لفداء قادتهم بأنفسهم كما نرى مع مجاهدي الخمينية ومجاهدي داعش ومجاهدي الحوثية بينما تقع البقية بين الطرفين بدرجات متفاوتة
إله العبودية
إله الأديان رمز لأشد أنواع العبودية في الأرض على الاطلاق. فقد كانت العبودية هي أساس الدين. دعت الأديان كلها للعبودية لإلهها بدون استثناء. ودعت للخضوع التام والرضا بالقضاء والقدر أيا كان. وأظهرت الإله بمظهر السيد الديكتاتور الجبار المنتقم
رغبة إله الأديان باستعباد كل البشر نتج عنه سلوك عبودي مدمر. فيحرم على العبد أن يعترض على إلهه بشيء. فلو مات ابنه الصغير بالسرطان فلا يحق له أن يحتج ويعترض ويقول لماذا يا الله بل يجب عليه أن يسكت عن هذا الكلام ويقبل ويرضى ويقول إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم لا اعتراض. لأنه لو احتج واعترض وغضب على قيام الله بإرسال ملك موته لقبض حياة ابنه فإن الله سيعاقبه ويأخذ ولده الثاني أو ينزل به مصيبة أخرى أو يحرقه بعد موته في فرن أبدي مرعب
ونتج عن الاستعباد الديني منع حرية التفكير. فلا يجب أن يفكر المؤمن بإمكانية كذب الأنبياء. ليس له الحرية في ذلك. ولا يجب أن يتساءل لماذا قال الله أن الشمس تغرب في عين حمئة ولم يذكر الحقيقة. وحرام عليه أن يفكر في إمكانية خطأ قول الله كوكب يوقد من شجرة. وليس له حرية التفكير في استحالة نوم فتية ل300 عام واستحالة تكلم النمل والهدهد واستحالة أن يقف شخص ميت على عصا. ليس له حرية التفكير في أن من قال هذه الأمور الخرافية قد يكون كاذبا وليس متواصلا مع الله
ليس له ترف حرية التساؤل هكذا. لأن الحرية ضد العبودية. وهو خاضع فقط للعبودية. لكن لأنها عبودية فكرية فهو يعيش وهم أنه حر وليس عبدا رغم أنه يمرغ جبهته في التراب خمس مرات متوجها نحو مكعب أسود بعينه في أشد صور العبودية جلاء وبهاء وسطوعا
العبودية تلم شمل القطيع
العبودية الخفية كما رأينا كان لها فائدة تطورية فقد ساهمت في بقاء الجنس البشري في مرحلة ما. حيث كانت فرص الشخص الذي يحمل أليلات العبودية والخضوع للبقاء أكثر لأنه يتبع قائد القطيع ويظل مع الجماعة بينما الذي يفتقد هذه النظائريميل للتمرد والتصرف الذاتي وبالتالي تزداد فرصة افتراسه لأنه وحده. لذلك في زمن غابر كانت العبودية مفيدة نوعا ما. ولكنها ايضا ضارة. فلها ايضا سلبياتها التي تفوق ايجابياتها
وقد رأينا هتلر عندما احتل مكان السيد بالنسبة للالمان كيف استطاع أن يقنع الملايين بالانتحار في سبيل بقائه وطاعته. وكيف كانوا يموتون وهم يعتقدون أنهم أحرار ويؤدون عملا مقدسا عظيما. ولم يفق الألمان من عبوديتهم الكامنة لهتلر إلا بعد أن انهزم ومات
كان الألمان قبل هتلر كثيرين في العدد لكن متفرقين لا سيد لهم يقود القطيع. فوفر لهم سيد القطيع الذي لا يجب عليهم حتى أن يتساءلوا عن حكمة قراراته
وكان الشيعة قبل الخميني كثيرين لكن متفرقين لا سيد لهم يقود القطيع حتى ظهر الخميني فملأ ثغرة السيد وأشبع رغبة العبودية لدى غالبية الشيعة وسيطر على إيران وأربع عواصم عربية وما زال يتوسع
غالبية الناس كما يبدو لا يمتلكون الأليلات التي تعزز سلوك الحرية حيث لا توجد إلا في حوالي من 2% من الناس وبالتالي فغالبية الناس تقع تحت النظائر الأخرى التي تدفعهم لسلوك العبودية ويحتاجون دائما لإرضاء غريزة العبودية هذه والبحث عن سيد يفهم أحسن منهم ويعرف سبل النجاح ويفكر لهم
ويصير الشخص عبدا ناعما لسيده المصطفى وهو يتوهم أنه حر. وقد يكون عالم فيزياء فلكية ويختار سيدا له يعتقد أنه يفهم أمور الكون أحسن منه حتى لو كان سيده هذا يظن الشمس تغرب في عين حمئة ويظن النجوم مصابيح ترجم العفاريت والكواكب فوانيس مصنوعة من الدرتوقد من شجرة زيتونة. عبوديته ترغمه على الفصل بين ما عرفه من العلم وبين ما تم تلقينه من خرافات الكهنوت فصلا تاما لدرجة التناقض والفصام الفكري
العبودية غريزة فطرية. والفطرة ليست دائما جيدة. ولو تغلبت على التفكير التحليلي فسيصبح المرء كالحيوان تقوده غريزته الفطرية فقط. الفطرة هي السلوك الحيواني الغريزي الذي توجهه غريزة البقاء. الفطرة هي العودة لمرحلة الحيوان. وإذا لم يعط العقل حرية كاملة في التفكير فسيقع تحت سيطرة الفطرة ويصبح سلوك الانسان حيوانيا غريزيا فقط
جموع العبيد
يظن المؤمن أنه يصبح حرا إذا صار عبدا لإله الدين. وهذا منتهى التناقض. فالحرية نقيض العبودية وإذا كنت عبدا لشيء ما فأنت عبد ويستحيل أن تكون حرا
لكن الدين في الحقيقة لا يطلب العبودية للإله. الإله ليس سوى تمويه فهو أساسا كائن تخيلي يجب على المؤمن تخيله أولا ثم اقناع نفسه بوجوده ثانيا ثم اقناع نفسه بأنه يريد منه ما قاله فلان وفلان ثالثا وهكذا
وبالتالي فالمؤمن عبد لمن لقنه. لمن قال له أن شخصا قال أن آخر قال أن الله يريد كذا وكذا
ولذلك المسلم هو عبد لمحمد الوكيل الحصري المزعوم للإله. فالعبودية أن تقدس شخصا ما وتطيع أوامره وتنفذ ما طلبه منك. والمسيحي عبد ليسوع. واليهودي عبد لموسى. والقادياني عبد لميزرا غلام والبهائي عبد لبهاء الله وهكذا
لكن سلسلة السادة لا تنتهي عند صانعي الديانات. ولذلك المسلم السقيفي غير المسلم السردابي. فالسقيفي تظهر عبوديته لمؤسسي الدين السقيفي والسردابي تمتد عبوديته لمؤسسي الدين السردابي. وهكذا نفهم لماذا قامت سلالة علي بن أبي طالب بتسمية أنفسهم بالسادة ولماذا قال محمد أن أحفاده هم سادة شباب الجنة. وقبل الناس تسميتهم بالسادة في اعتراف بتصنيف بشري هنا إلى قسمين سادة ونقيضهم. ونقيض السادة هم العبيد
درجات العبودية الخفية
وحسب قوة التعبيرالفينوتايبية للأليلات المسؤولة عن سلوك العبودية نجد تنوعا في السلوك العبودي. فهناك من يقبل أن يكون عبدا لكنه يحاول قدر الإمكان أن يكون سيده هو النبي فقط. يقبل كل ما جاء به النبي ويصدق أنه نزل فعلا من عند إله. هذا طبعا يوهم نفسه أنه عبد لله. ولكنه عبد للنبي فالله كائن تخيلي وكل ما يعتقد أن الله قاله هو قول النبي. وكل أمر ينفذه وهو يظن أن الله هو الآمر هو أمر طلبه النبي ونسبه لله. فهذا العبد لم يسمع الله. ولم يسمع حتى النبي. بل ينفذ أوامر من قالوا له أن النبي قال ذلك. وهو يتوهم أنه عبد للإله فقط. ولكنه يسقط في مستنقع العبودية لكل من أوصل له تصوره لله فإذا كان قرآنيا فهو عبد لمؤسسي القرآنية لمن أوصل له القرآن والتأويل الخاص الذي قبله وإذا كان سلفيا فهو عبد لمؤسسي السلفية وإذا كان صوفيا فهو عبد لاسياد الصوفية وهكذا
بينما تحتاج غالبية العوام لسيد متواجد في زمنهم. يسمونهم سيدا ويغضون الطرف عن الباقي. بينما في الحقيقة كونه سيدهم تكافئ تماما أنهم عبيده
لم تعد العبودية رقا وسوق نخاسة بل صارت أسوأ. العبودية الفكرية هي أفظع وأشنع أنواع العبودية على الاطلاق فهي تحرم المرء من حريات أساسية كحرية التساؤل وحرية التفكير وحرية الاعتراض على ما يسمى بالقضاء والقدر وحرية الاحتجاج على الأحداث المؤلمة
شارك الآن إن لم تكن قد فعلت من قبل في إحصائية اللادينيين
نزل الجزء الثاني من ذهان النبوة مجانا
التبرع للموقع
اضغط أدناه إذا أحببت التبرع للموقع عبر الباي بال او بطاقة الاعتماد
