صوما وصمتا
قدرة الدماغ البشري على الترميز مكنه من اختراع اللغة. اللغة عبارة عن ترميز للاشياء بصوت. فمثلا كلمة جبل. هذا الصوت المتكون من ثلاثة أحرف بحركاتها تنطق بشكل معين هو رمز لشيء موجود في الطبيعة وهو الجبل. في الانجليزية تم ترميزه بصوت آخر : ماونتين. ومع أن ماهية الجبل نفسها لم تختلف إلا أن ترميزها الصوتي اختلف
وهكذا كانت اللغة عبارة عن ترميز للأمور المحسوسة والأمور المجردة بمنطوقات. والغرض من هذا هو التواصل. فاللغة ما يقوله الناس. وعندما صنع البشر الأديان وألفوا النص المقدس استخدموا لغاتهم الأم. لكنهم خجلوا من الاعتراف أن الله تعلم لغة البشر ومفرداتهم فنسبوا اختراع اللغة إليه وأنه هو الذي علمها للبشر وأن لغة أهل الجنة هي العربية أو العبرية وأن الله استخدم العبرية لتسمية الملائكة وهكذا. بل يعتقد بعض المسلمين البسطاء اليوم أن القرآن هو الذي اخترع اللغة العربية ولا يعرفون أنها كانت موجودة قبل ظهور الاسلام بحوالي مائتي سنة وأن محمد ألف القرآن بطريقة أهازيج الرعاة سجعا وقافية. نظم القرآن بالعربية لأن مؤلفه لم يكن يعرف غير العربية. هل يستطيع شخص لا يعرف الفارسية أن يؤلف سجعا بالفارسية؟ هل يستطيع شخص لا يعرف الرومانيةأن يؤلف سجعا بالرومانية؟ الجواب واضح
أين الأصل
ومشكلة العرب كانت التقوقع في ثقافة قريش الوطن الاصلي للقرآن. لغة قريش كانت إحدى لهجات العرب. تختلف عنها لغة تميم ولغة عرب الشمال وعرب الجنوب. ولذلك عندما يقرأ العربي إحدى قصائد الشعر الجاهلي تجده لا يفهمها جيدا ويجهل معظم كلماتها. والسبب أن القبائل العربية كانت لها ألفاظها وكلماتها ولم تكن لغة قريش إلا مجرد لهجة من هذه اللهجات والعربي المعاصر عربيته هي لهجة قريش ويظن أنها كل العربية
نشأ من محو قريش للهجات بقية القبائل ومن محوها لثقافات وهويات وأديان شعوب بابل وسومر وسبأ وحمير وآشور وكنعان ومصر والأمازيغ توهم أن العربية هي لغة قريش. بل وأن القرآن هو مصدر هذه اللغة. بينما الحقيقة أن لهجة قريش هي مصدر القرآن. وقد اعترف الساجع بذلك بنفسه : وما أنزلناه إلا بلسان قومك
المشكلة الثانية أن القرآن كتاب لا أصل له. فلا توجد أية نسخة كاملة مكتوبة من فترة ما قبل الدولة العباسية على الاطلاق. توجد فقط بعض الرقاع المجزوءة والتي محتواها يختلف عن القرآن الحالي وطريقة كتابتها تظهر خطا مختلفا عن الرسم الذي يزعمون أنه عثماني وتميل للخط النبطي أكثر منها للخط العربي المعاصر. كل الإدعاءات عن مصحف عثمان في استانبول وطشقند وحكاية الرسم العثماني كلها كاذبة. لا توجد نسخة واحدة كاملة قبل الزمن العباسي تم فحصها من قبل خبراء محايدين وتحديد عمرها الكربوني. كل النسخ الكاملة المزعومة مكتوبة على الورق الذي لم يعرفه العرب قبل زمن هارون الرشيد وبعضها منقط وبعضها مزخرف
ناقشنا ذلك باستفاضة في موضوع سابق يمكن الذهاب إليه من هنا
هل هو قرآن واحد
هناك دليل أثري على أن القرآن الحالي ليس ليس سوى نسخة معدلة من قرآن آخر سابق أقل في عدد السور . وجد هذا الدليل في سقف الجامع الكبير في صنعاء في سبعينيات القرن الماضي. حيث وجد عدد من الرقاع المصنوعة من جلود الحيوانات وعليها طبقتان من الكتابة. طبقة علوية تشبه النص الحالي كتبت فوق طبقة سفلية تمثل النسخة الاقدم.
هذه هي النسخة الوحيدة التي تم فحصهما من قبل محايدين بالعمر الكربوني. حيث قامت بعثة ألمانية بدراستها وفك محتوياتها. هذه النسخة بدورها ليست كاملة وتعادل حوالي خمسة عشر جزءا من القرآن الحالي. لم يكتمل القرآن المعاصر إلا في زمن العباسيين. تمثل هذه النسخة إحدى مراحل تطور القرآن. هذا الأمر ببساطة يعني أن القرآن كتب على مراحل عديدة عبر قرون وليس كما يدعون. قد يكون محمد إن كان شخصا حقيقيا بدأه بمقطوعات التين والزيتون والعاديات ضبحا وأكمله بعد كهنة قريش
عند محاولة تفسير مجموعة من المشاهدات فإن التفسير الصحيح من بين كل التفسيرات هو التفسير الابسط الذي لا نحتاج لتمريره لعدد كبير من الافتراضات والامور التي نفصلها على المقاس. لا نحتاج أن نفترض أن 15 جزءا أخرى فقدت. فكيف عرفنا ذلك؟ ولا نحتاج لنفترض أمورا أخرى لنفصل الموضوع على هوانا. التفسير الابسط هو أن القرآن في زمن الامويين كان يساوي نصف القرآن الحالي
يمكننا أن نستنتج السجعيات التي ظهرت فيها العلامات الذهانية والشذوذ اللغوي الذهاني تعود للساجع بسبب اصابته بذهان العظمة. العبارات الأخرى التي تبدو سليمة ألفها أو على الأقل عدلها كهنة الاسلام من بعده
والسؤال التالي هو وماذا عن النسخة المغطاة التي اكتشفت بالاشعة السينية تحت النسخة الأموية؟ حسنا تمثل نسخة أقدم. ونلاحظ أنها تختلف في الألفاظ عن نسخة الأمويين اختلافا شديدا. وكأن من كتب النسخة العلوية من مصحف صنعاء كان ينقح الألفاظ ويحتفظ فقط بالمعنى. لقراءة المزيد عم مخطوطات صنعاء انقر هنا
صوما وصمتا
ومن الأمثلة التي تفسر بعض الارتباكات اللغوية للكهنوت المعاصر قول الساجع: إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا.
تساءل الناس من البداية ما علاقة الصوم بالكلام؟
وبسبب افتراض الكهنوت أن القرآن ألفه كائن فضائي لا يخطئ شرعوا في تفصيل الإجابات. الحقيقة أن لفظة صوم كانت ترميز العرب الصوتي لطقس كهنوتي كان يمارسه الصابئة قبل الاسلام ويمارسه اليهود والمسيحيون والأحناف. هذا اللفظ لم يكن مطلقا ومفتوحا للامتناع عن الاكل أو الشرب بل كان محصورا بهذا الطقس. لفظة الصوم ومنها التصريف صيام وضعت كترميز لهذا الطقس. الاصل اللغوي في لغة العرب القدامى للصوم هو القيام بدون عمل. لكن لا يوجد استخدام للامتناع عن الكلام. فقام باضافته المفسرون ومرروا عبارة شهيرة : كُلُّ مُمْسِكٍ عن طَعام أو كلامِ أو سَيْرٍ فهو صَائِم- أدخلوا الكلام في النصف بين الاصل اللغوي والاستخدام الاصطلاحي
المرقعون على الأرجح أدخلوا دلالتها على الصمت بدون أي دليل. لا يوجد له شاهد آخر من لغة العرب واشعارهم ومأثورهم. فعلوا ذلك ليبرروا كيف قال نذرت صوما فلن أكلم. لم يكن هناك أدلة ولا حقائق ولا غرض آخر: فقط فبركوا دلالة جديدة للفظة لغرض إعطاء هذه السجعية معنى لا غير. وحتى بعد فبركة هذا المعنى لم يستخدمه أحد. مر شعراء العربية العظماء كالمتنبي وأبي تمام والبحتري ولم تنطل عليهم هذه الكذبة بعد تبني الكهنوت لها. لقد خدمت غرضا كهنوتيا واحدا فقط لا غير: إعطاء معنى عقلاني لعبارة مجنونة لا منطق فيها.
ويظهر الارتباك والتناقض في السجعية نفسها. فبينما هي تقول لن أكلم اليوم إنسيا تقوم بالرد على كلامهم وتقول لهم إني نذرت للرحمن صوما. وكأن قولها إني نذرت للرحمن صوما ليس كلاما.
فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26)
كلما ترى شخصا تكلمه وتقول له أنا صائمة لا أتكلم. شيء مضحك.كلما رأيت بشريا قولي له كيت وكيت. ما هذا الصيام الذي ينقض كلما رأت شخصا. ربما ترى في اليوم مائة شخص وأكثر
لو كان معنى صوما هو صمتا لقالت السجعية إما ترين أحدا من البشر فلا تتكلمي وليس فقولي
هذا التناقض قد يكون ناتجا من الاضطراب التفكيري للساجع بسبب إصابته بذهان النبوة
تخيلوا امرأة كلما رأت شخصا تأكل وتقول أنا صائمة لن آكل. وهذه كلما رأت شخصا تتكلم وتقول أنا صائمة لن أتكلم
هذه السجعية المضطربة وجدت في مصحف صنعاء. وجدت في النسخة الأولى المغطاة التي تم إخفاؤها ودفنها بلفظ مختلف. تقول السجعية القديمة:
إني نذرت للرحمن صوما وصمتا لن أكلم اليوم إنسيا
الصورة التالية من موضوع مخطوطات صنعاء في الويكيبيديا توضح هذا الاختلاف مع بعض الاختلافات الاخرى. الحقيقة معدل الاختلاف في النسخة المعاصرة عن النسخة الأصلية المغطاة يبلغ50%. تحريف هائل طالما نصف القرآن الأموي. واذا عرفنا أن نصف القرآن ظهر في العصر العباسي يكون معدل التحريف عن النسخة الاصلية 75%. هذا فقط بما نملكه من أدلة حتى الآن وقد يزداد في المستقبل

لماذا اختار الأمويون حذف كلمة وصمتا؟ لا ندري. ربما كان السبب لغرض سياسي لمنع الانتقاد عن طريق اختراع طقس للصمت وربما كان غرضا كهنوتيا لتوليد مزيد من الغموض والابهام وربما كان لأن مؤلف النسخة الثانية لم تعجبه التفعيلة والجرس الموسيقي بوجود كلمة وصمتا وربما كان سهوا ونسيانا
لكن ما نعرفه على سبيل اليقين أنه كانت هناك نسخة مختلفة لفظيا من القرآن وأقل في الكمية بمعدل النصف. تمت تغطيتها وكتابة نسخة أخرى مختلفة لفظيا وإن كانت محافظة على المعنى إلى حد ما. ثم ظهرت النسخ العباسية بعدها حيث زادت كمية النص المسجع إلى الضعف.
هذا ما نعرفه على وجه التأكيد. يمكنك أن تبحث عن كل الاجابات الممكنة وتستخرج منها أقل هذه الاجابات افتراضا وتشوها ولويا وعصرا وتفصيلا. وستعرف الحقيقة
كما يمكنك أن تلجأ للانكار وتقوم بوضع الافتراضات المفصلة على مقاس معتقداتك المسبقة التي لقنوك إياها فالانسان هو سيد خداع الذات من بين كل الكائنات كما يمكنك أن تدفن راسك كالنعامة في الرمال ولا ترى الحقيقة أمامك ويمكنك ايضا أن تفكر بحيادية وموضوعية ومنطق وتصل إلى موطن الحقيقة ببساطة
ساهم في تبديد الخرافة
إعلانات- Advertisements

ملاحظة : الوثنخاف مصطلح لتسمية الإله الإبراهيمي. ويتكون من شقين الأول وثن وتعني كائن تخيلي يتم افتراضه وتخيله ثم اقناع النفس بوجوده. وهو كائن أخرس ابكم أطرش اصم لا يستطيع أن يقول حتى كلمة بم. والشق الثاني خفي. وتعني غير مرئي وذلك لتمييزه عن الأوثان المرئية مثل هبل والعزي ومناة الثالثة الأخرى
شارك الآن إن لم تكن قد فعلت من قبل في إحصائية اللادينيين
نزل الجزء الثاني من ذهان النبوة مجانا
التبرع للموقع
اضغط أدناه إذا أحببت التبرع للموقع عبر الباي بال او بطاقة الاعتماد
