النعجة والمحراب
يعرف المتخصصون في الاختبارات الاسقاطية النفسية أن القصص الذهاني له بصمة خاصة وتظهر فيه علامات عديدة. فتشوه الفكرة وغرابتها أحيانا وصبيانيتها وسذاجتها أحيانا أخرى علامات سائدة. كما يظهر التفكير السحري أو الخرافي. وفي كثير من الحالات تكون الحبكة هذيانية والحل خرافي. فمثلا لكي يقنع الله الجن أنهم لا يعلمون الغيب جلب حلا خرافيا سحريا : سليمان يموت ويقف على عصا. شيء مضحك. ومن العلامات كثيرة التكرر في قصص الذهانيين علامة إذاعة الأفكار.
هذه من علامات الصف الأول في الفصامييين. وتظهر في الاضطرابات الذهانية الأخرى غير الفصام كالاضطرابات الضلالية
Delusional Disorder
مثل ذهان النبوة وجنون الغيرة و جنون العظمة
حيث يؤمن المريض أن الآخرين يعرفون ما في رأسه ويدرون بأفكاره فيخبرهم بقصص مبتورة وكأنه يخبر شخصا عارف بتفاصيلها وهم إنما يعلق عليها أو يذكره بها.
داود والنعجة
في إحدى قصص ساجع القرآن الغريبة قصة داود والنعجة. يقول الساجع:
وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22)
بداية القصة بداية خرافية. لماذا شخصان يريدان أن يتكلما إلى القاضي يتسوران المحراب كأنهما لصان؟ هل يوجد شخصان عاقلان يريدان أن يحكما شخصا آخر ويذهبان إلى بيته ويتسللان من النافذة؟
لا يستطيع المريض الذهاني بناء قصته مطابقة للواقع. ويسمى هذا في تحليل اختبار تات بتشوه الفكرة. فقصة الذهاني لا تحدث كما يحدث مثلها في الواقع بل تظهر بشكل مشوه ومنحرف.
البصمة الذهانية تظهر من أول عبارة. تسوروا المحراب.
كما كان هناك شذوذ تعبيري بالنسبة للعرب الأوائل ومنهم المفسرون وهو تكراره لكلمة إذ. هذا الشذوذ لا يدركه العرب المعاصرون لسببين : الأول أن الفصحى لغة ميتة عمليا وكلنا نتعلمها في المدرسة كلغة ثانية أما اللغة الأم التي نتعملها في البيت من والدينا فهي الدارجة وليست الفصحى. ولفظة إذ لم تعد موجودة في الدارجات وصارت لفظة ميتة محصورة على الكتب القديمة.
العرب لم تكن تقول مثلا : أتذكر إذ جئتني إذ جلست معي إذ تجاذبنا الحديث. بل كانت أتذكر إذ جئتني وجلست معي وتجاذبنا الحديث.
وقد حاول معظم المفسرين تبريرها ومنهم الطبري وحاولوا البحث عن بيت شعر يدعم تكرار إذ. وبعضهم قال إذ الأولى بمعنى لما وإذ الثانية ظرف زمان. وهذا لا يهم. ما تعنيه لا يهم. المهم أن تكرارها كان نيولوجيزمية لفظية. والاستشهاد بالضرورات الشعرية ليس ذا قيمة فالعرب كانت تعرف أن الضرورات الشعرية هي انتهاك للقواعد ويعتبرونها ضعفا لغويا وليس شيئا إيجابيا ولا ينبغي أن يقول لنا المفسرون أن الله ذا القدرة المطلقة اضطر للجوء إلى انتهاك لغوي وضرورة سجعية. أليس كذلك؟
لكن المسلم المعاصر لا يمكنه فهم هذا الشذوذ بسبب موت الفصحى عمليا. ومع ذلك تجده يندفع ليهاجمك ويقول أنت لا تفهم اللغة هذه بلاغة والعرب عجزت أن تؤلف سجعا كهذا السجع الإلهي البديع وبلا بلا بلا. وأحيانا يكون مسلما من الهند ما زال يقول واحد نفر وسيم سيم. وأحيانا يكون من الشعوب المعربة. وأحيانا تجده لا يستطيع كتابة سطر واحد بالفصحى ولا يستطيع أن يفرق بين الذال والزاي ولا يعرف كيف يعرب جملة واحدة أو ينظم بيت شعر واحد. لغته الأم هي الدارجة مثله مثل بقية الناس. لكن المرء يغضب عند انتقاد معتقداته ويندفع كالثور الهائج باحثا عن أي مبرر يهدئ شكوكه وريبته دون أن يفهم الموضوع فعليا
المهم بعد أن اختصم الرجلان وذهبا لداود لتحكيمه وبدل أن يطرقا الباب قاما بتسلق السور وفاجآه على حين غفلة وهو في حضن زودته أو في الحمام أو عاريا في سريره بسبب الحر. وببرودة أعصاب قالا له لا تخف. 🤣🤣🤣🤣. نحن نريدك أن تحكم بيننا في النعاج؟
حتى الطفل الصغير يمكنه أن يتبين أن هذه قصة ساذجة. لكن دعونا نواصل الأحداث
تسع وتسعون
يقول الساجع
إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ
اوبس !!! هذه هي المشكلة العويصة التي تحتاج لتسور المحراب وتحكيم داود؟
جارك لديه 99 سيارة ولديك سيارة واحدة جاء وطلب منك سيارتك وأنت لا تريد. قل له لا. يعزك في الخطاب يلح يكرر يلف يعجن. هي كلمة واحدة. لا
هل ستذهب لتشكوه للقاضي؟ هل سترفع ضده قضية؟ هل سترى طلبه منك أمرا ذا أهمية أم مجرد طلب تافه ربما حتى تتجاهله ولا ترد عليه؟
من علامات القصص الذهاني التهويل والتهوين. التهويل بتضخيم أمور تافهة جدا والتهوين بالتقليل من أمور كبيرة.
هل تذكرون غنم القوم إذ نفشت في الحرث؟ وكيف صورها ساجع القرآن وكأنها اثبات قوانين كيبلر؟ أو كتابة معادلات الصعود للقمر؟ أو شفرة ويندورز؟
ولم يعرف داود كيف يحلها. واضطر الله لتفهيم سليمان. ففهمناها سليمان. وإنا لذو علم. وفوق كل ذي علم عليم. وهي حكاية أربع غنمات دخلت في مزرعة لن تعجز عن حلها عجوز ريفية غير متعلمة
لكن القصص الذهاني هكذا. تهويل لأمور تافهة. وهكذا طلب سخيف من صاحب الـ99 نعجة بكفالة صاحب النعجة الواحدة احتاج للتسلل واقتحام البيت من غير الباب وتجاوز السور وحرس الملك العظيم داود وحشمه وخدمه
هل اتضحت لكم خرافية القصة واضطراب مؤلفها بعد؟
أنما فتناه
ويواصل الساجع
وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24)
وهنا جن جنون أهل التأويل. عماذا يتحدث الساجع؟ لماذا ظن انها فتنة؟
بتر محمد القصة هنا وأغفل أحداثا في رأسه لا يعرفها غيرهوقفز لما بعدها. مما اضطر أهل التأويل للتأويل المتعسف والترقيع المتكلف.
فقال بعضهم كان داود يملك 99 زوجة ورأى زوجة جاره الذي لا نعرف طبعا هل كان ابنه من التبني أم لا المهم أنهم يقولون هكذا. وبعدما رآها طلبها منه
ولذلك عندما سأله المتسللون ظن أنها فتنة.
بينما ذهب آخرون يبحثون في الاسرائيليات. والبعض قال أن داود كان يملك فعلا 99 لكن ليس زوجة بل حصان وأراد أخذ حصان شخص آخر. وهكذا يخمنون ويتخبطون
وقد ذهب خيال بعضهم لابعد هذا. دعونا نر هذا الترقيع العجيب للبتر في القصة من تفسير الطبري:
عن ابن عباس قال: إن داود قال: يا رب قد أعطيت إبراهيم وإسحاق ويعقوب من الذكر ما لوددت أنك أعطيتني مثله، قال الله: إني ابتُليتهم بما لم أبتلك به، فإن شئت ابتُليتك بمثل ما ابتُليتهم به، وأعطيتك كما أعطيتهم، قال: نعم، قال له: فاعمل حتى أرى بلاءك; فكان ما شاء الله أن يكون، وطال ذلك عليه، فكاد أن ينساه; فبينا هو في محرابه، إذ وقعت عليه حمامة من ذهب فأراد أن يأخذها، فطار إلى كوّة المحراب، فذهب ليأخذها، فطارت، فاطلع من الكوّة، فرأى امرأة تغتسل، فنزل داود من المحراب، فأرسل إليها فجاءته، فسألها عن زوجها وعن شأنها، فأخبرته أن زوجها غائب، فكتب إلى أمير تلك السَّرية أن يُؤَمِّره على السرايا ليهلك زوجها، ففعل، فكان يُصاب أصحابه وينجو، وربما نُصروا، وإن الله عزّ وجلّ لما رأى الذي وقع فيه داود، أراد أن يستنقذه
عندما تؤمن بخرافة تضطر للإيمان بألف خرافة أخرى لسمكرتها. شيء مضحك فعلا
يتخبطون يمينا وشمالا بينما الحقيقة بسيطة.مؤلف القرآن بتر القصة بسبب اضطرابه الذهاني. ولم يوضح شيئا. وتركهم يخمنون. الحقيقة هو كان يعاني من خلل إذاعة الافكار. لذلك ظن المستمع يعرف ما في رأسه ولا داعي لذكره. وهكذا حال الذهانيين
المشلكة تظهر عندما يصدق شخص ما أن هذه القصة ألفها خالق الكون فيظل يرقع لنهاية عمره. من قصة لقصة ومن سجعية لسجعية
الصافنات الجياد
وتتواصل الذهانية في القصة. حيث بعد بتره قصة داود بهذا الشكل الخرافي المشوه انتقل لسليمان وقال
وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (33)
يظهر سليمان كطفل ويتصرف بصبيانية ساذجة ويقطع سيقان وأعناق الخيل.
تخيلوا صاحب معرض سيارات. انشغل بالسيارت حتى فاتته صلاة العصر. فتأثر وقال أعيدو علي السيارت وأخذ يمسح عجلة كل سيارة ومقدمتها؟ مسحا بالسوق والأعناق؟ ما هذا الخبال؟
وماذا لو قيل لكم أن هذا الشخص هو ملك أكبر مملكة في الوجود؟ هو الملك هو الرئيس هو الزعيم؟ هذا الأهبل هو الملك؟
هل هذا كلام شخص عاقل؟ هل مؤلف هذه القصة شخص عاقل؟ ماذا لو قيل لكم إنه خالق الكون شخصيا 😅😅😅. هل رأيتم حجم الهراء؟
يقول بعض المفسرين أن مسحا بالسوق والأعناق تعني قطعا بالسيف. ورغم وضوح التكلف وخضوعهم لما فهموه من السياق وليس من اللفظ إلا أن هذا اسوأ. تخيلوا صاحب معرض السيارات يأخذ فاسا ويقطع العجلات والمقدمة؟😅😅هل سيبقى لديكم شك في أنه مجنون
الجني والملك
ثم يصل الساجع إلى قمة الجنون
وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34)
مرة أخرى قصة مبهمة مبتورة. لا أحد يعرف ماذا يعني. وهو يعتقد أن الآخرين يعرفون ما يعني ولا داعي للشرح والتوضيح. وذلك بسبب اضطرابه الذهاني الذي من علاماته هذيان إذاعة الأفكار
هذا الاضطراب القصصي أعطى المفسرين مساحة واسعة للهو والمرح في سجعيات القرآن وللابتكار والاختراع والابداع والتفنن في التأويل
ألقينا على كرسيه جسدا…. هل تبدو لكم هذه الجملة كلام شخص عاقل؟ ماذا يعني؟ هل قام الله بإلقاء جسد على كرسي سليمان من الفضاء الخارجي؟ وما هو هذا الجسد؟ هل هو كائن حي؟ يبدو نعم فالساجع استخدم كلمة جسد بمعنى حي في قصة عجل ابراكدابرا للسامري : عجلا جسدا له خوارأي عجلا حيا.
وهذا ما فهمه المفسرون. فأضافوا البهارات محاولين أن يخرجوا معنى عقلانية من قصة ذهانية غير عقلانية وغير ذات معنى
فمنهم من يقول : وجد سليمان نسخة منه حية على الكرسي. ومنهم من يقول وجد شخصا آخر
دعونا نضحك مع الطبري الذي فسر ذلك بالقول
يقول تعالى ذكره: ولقد ابتُلينا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا شيطانا متمثلا بإنسان، ذكروا أن اسمه صخر. وقيل: إن اسمه آصَف. وقيل: إن اسمه آصر. وقيل: إن اسمه حبقيق.
🤣🤣🤣🤣
يتفنون حتى في الأسماء.
كل هذا ليرقعوا قصة مبتورة غير مفهومة. كان الأولى أن يقولوا أن ساجع القرآن بتر القصة وأن كلامه غامض مبهم غير مفهوم
والحقيقة أن مريض الذهاني تختل لديه القدرة على التواصل اللفظي الصحيح ويصير كلامه مبهما وغير مفهوم. وكل الذي كان على أهل حبقيق ومبقيق أن يفعلوه هو أن يلتزموا بشرف الكتابة وأمانة التأليف ويقولوا هذا كلام غير مفهوم ولا معنى له
هل تريد تفاصيل قصة آصف وحبقيق هذا؟ تفضلوا:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله( عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ) قال: شيطانا يقال له آصف، فقال له سليمان: كيف تفتنون الناس؟ قال: أرني خاتمك أخبرك. فلما أعطاه إياه نبذه آصف في البحر، فساح سليمان وذهب مُلكه، وقعد آصف على كرسيه، ومنعه الله نساء سليمان، فلم يقربهنّ، وأنكرنه; قال: فكان سليمان يستطعم فيقول: أتعرفوني أطعموني أنا سليمان، فيكذّبونه، حتى أعطته امرأة يوما حوتا يطيب بطنه، فوجد خاتمه في بطنه، فرجع إليه مُلكه، وفر آصف فدخل البحر فارّا.
هذا التخريف محاولة لجعل كلام مختل القدرة على التواصل اللفظي ذا معنى عقلاني. كل هذا التخريف من أجل سمكرة قصة مبتورة كان مؤلفها يعاني من اضطراب ذهاني
هل تريدون أكثر من هذا لتعرفوا مدى سوء الدين ومدى اختلاله ومقدار الكذب والدجل الذي يملؤه من أول سجعية إلى آخر ترقيع؟
يواصل محمد بعد ذلك قصته الخرافية ويذكر الرياح التي تشتغل في الجيش والجن الذين يمارسون رياضة الغوص والنملة التي تلقي خطبا عصماء وتقول يا أيها النمل ادخلوا والهدهد الذي يتحدث بالسجع ويقول من سبأ بنبأ
ساهم في تبديد الخرافة
إعلانات- Advertisements

ملاحظة : الوثنخاف مصطلح لتسمية الإله الإبراهيمي. ويتكون من شقين الأول وثن وتعني كائن تخيلي يتم افتراضه وتخيله ثم اقناع النفس بوجوده. وهو كائن أخرس ابكم أطرش اصم لا يستطيع أن يقول حتى كلمة بم. والشق الثاني خفي. وتعني غير مرئي وذلك لتمييزه عن الأوثان المرئية مثل هبل والعزي ومناة الثالثة الأخرى
شارك الآن إن لم تكن قد فعلت من قبل في إحصائية اللادينيين
نزل الجزء الثاني من ذهان النبوة مجانا
التبرع للموقع
اضغط أدناه إذا أحببت التبرع للموقع عبر الباي بال او بطاقة الاعتماد
