شيء من لا شيء – موت الوثنخاف
العلم والدين نقيضان لا يلتقيان. في العلم لا نقوم بفبركة أشياء نتخيلها ثم نقنع أنفسنا بوجودها لكي نفسر الأشياء التي نراها بل نقوم بالتحليل المنهجي المبرهن رياضيا لكي نعرف الأشياء التي لا نراها. بينما في كل الأديان سواء تلك ذات الوثن الواحد المختبئ مثل الوثنخاف الإبراهيمي ايا كان اسمه يهووه أو الرب أو الله أو تلك ذات الأوثان المتعددة مثل الهندوسية او الزولية أو ديانات الاغريق يتم فيها كلها اختراع كائنات تخيلية ثم اقناع النفس بوجودها ثم نسج الحكايا حولها بحرية وبلا قيود لم يعف نفسه منها حتى مؤلفوا ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة. فتجد الثور المجنح عند الزرادشتيين والهدهد الساجع عند المسلمين والحصان المجنح عند الاغريق والنملة الفصيحة عند المحمديين وكرش الحوت الفندقي عند اليهود والبقرة الفاقعة التي تحيي الموت بضربة ذيل أو رجل عند الوثنخافية المحمدية
في كل الوثنيات بما في ذلك الوثنخافيات الابراهيمية يتم تخيل كائن خارق قام بخلق الكون. وفي كل الوثنيات لا يقدم أي دليل اكثر من حكايا العجائز وادعاء حصول آيات لكن في زمن واق الواق. ومن خواص هذه المعجزات أنها اختفت عندما اخترع البشر الكاميرات والتوثيق. كما أن أهم خاصية لها أنها لم تحدث قط أمام أولئك الذين كانوا يدونون الأحداث ويوثقونها فوق الصخور والحجر والنقوش والآثار حتى لا يسجلوها. نصف مليون نقش لمنطقة الشرق الأوسط من فارس إلى بلاد الرافدين إلى سوريا إلى مصر إلى اليمن إلى مناطق الامبراطورية الرومانية لم نجد فيها ذكر لمملكة سليمان الخارقة ولا لموسى ولا عصاه السحرية ولا اسم شخص واحد من الموتى الذين أحياهم المسيح. ولا الجن الذين يمارسون رياضة الغوص ولا الطيور التي تشتغل في الجيش ولا افاتار الذي يتحكم بالريح (سخرنا له الريح تجري بأمره حدثت فقط في زمن واق الواق)
بل إن بعض الوثنيات ذات الصنم الخفي الواحد مثل الاسلام ادعت حدوث معجزات عندما كان الكاهن المؤسس لوحده فقط. مثل تحادثه مع كائن فضائي مجنح لوحده في مغارة بعيدة نائية. كما أن الوثنخاف أرسل له بغلة خارقة تطير اسرع من الضوء لكنها وصلت بعد أن نام كل الناس وحملته إلى آخر العالم ثم أعادته قبل أن يستيقظ شخص واحد منهم. ومن الغريب أنه في تلك الليلة لم يحدث أن اصاب الأرق شخصا واحدا من حوالي 10000 شخص يسكنون مكة لكي يرى لحظة الهبوط والاقلاع للبغلة الخارقة. ولم يحدث أن صحا أحدهم ليخرج للبول أو قضاء الحاجة ليرى الهبوط أو الاقلاع. هذه معجزة سرية 🤣🤣 حدثت بسرية تامة 🤣🤣
كان الغرض من المعجزات قبل البغلة الخارقة هو أن تحدث أمام الناس لكي تكون برهانا حتى جاء زمن البغال فصار الغرض من المعجزات أن تحدث بسرية تامة حتى يتم عمل فخ للكفار وإدخالهم في الجحيم
الكون عند الوثنخافية
الوثنخافية تفترض مسبقا إجابات ثم تفبرك لها قصص وحكايات. وكل وثنية تخترع إلهها سواء كان وثنخاف مثل الله أو صنم مرئي مثل هبل. وبعد افتراض وثنخافها تقوم بتفصيل كل شيء على مقاسه. ولذلك يؤمن الوثنخافيون بالنملة المتكلمة والهدهد الجاسوسي وذيل البقرة الصفراء الفاقعة الذي يحيي الموتى ويساعد في تحقيقات الجرائم وبالميت الذي يتمكن من الإمساك بعصا والوقوف عليها. ولو نمت على سرير وأنت متمدد وبيدك جوالك فسيسقط لحظة دخولك في النوم. لكن هذه هي الوثنخافية لا يمكن أن تتم دون الإيمان بالخرافة ومناقضة العلم والمنطق والبديهة والعقل السليم. الإيمان عسر جدا وملتوي ومع ذلك يتمسكون به لخوفهم من وجود وحش في السماء سيحرقهم اذا لم يقتنعوا أن الهدهد لا يجيد السجع ولا يقول جئت من سبأ بنبأ كما سيعطيهم فروج العذارى إذا أقنعوا أنفسهم بهذا الكم الهائل من الخرافات
وفي ظل هذا التفكير الخرافي المضحك لا نستغرب أن يقولوا ببساطة أن الكون صنعه الوثنخاف خاصتهم في ستة ايام بدأ في أول يوم بالأرض ثم مصادر الغذاء التي هي الأقوات ثم ألقى بالجبال من فوقها ثم بعد ذلك سوى السموات ومجراتها وانتهى بالنجوم وكان يجهل أن منها الشمس طبعا في اليوم السادس. وسخر كل هذه الاشياء لهم.وخلق النجوم لتدلهم على الطرقات وترجم العفاريت حتى لا يسرقوا القرآن على نبيهم ولتزين لهم المنظر في الليل. وجعل الكواكب توقد من شجرة زيتونة. وجعل الشمس تدخل في عين حمئة وتطلع على قوم ليس لهم ستر.
الكون عند العلم
لا يوجد في العلم افتراض مسبق يتم لوي عنق الحقائق التي تظهر حتى تتوافق معه. عندما تظهر حقائق تثبت أن التصور السابق كان خاطئا يتم العمل بها والتخلي عن الخطأ. عندما عرف العلم أن نموذج السماوات السبع لبطليموس خاطئ تم التخلي عنه ببساطة. وعرف العلماء أن الكون ليس سوى فراغ مترامي توجد فيه الكتلة الكونية.
بالنسبة للعلم ما يهم هو البرهان بالرياضيات. ما برهنته الرياضيات تم اثباته. وليس ما يريده ويرغبه صاحب الفرضية
لو بدأنا من العدم. فراغ تام . فراغ ليس فيه شيء. ليس فيه مادة وليس فيه إشعاع. لا شيء أبدا. مجرد عدم فارغ من كل شيء
لو افترض أحدهم أن هذا الفراغ قادر على التمدد بشكل لا متناهي وملئ المساحة الناتجة بالمادة والاشعاع وإنتاج كون مكتمل الأركان فما عليه سوى البرهان على ذلك.
يبرهن أن الفراغ التام قادر على التمدد. يبرهن أن الفراغ التام يمكنه أن ينتج شيئا. أي أن هناك شيء ينتج من لا شيء
في الحقيقة إذا تمكن من برهنة نشوء الكون من نقطة صغيرة من الفراغ التام دون أن تتم الحاجة لنقطة طاقة واحدة من خارج هذه النقطة فقد برهن أن الكون نشأ تلقائيا بدون خالق. عملية الخلق إعطاء طاقة من قوة خارج هذا النظام. تغذيته من الخارج. إذا ظلت طاقة هذا النظام تساوي الصفر فإنه لم يوجد أحد فعل اي شيء من خارج هذا النظام. لقد تكون كل شيء داخل هذا النظام من لا شيء
إذا قدم البرهان على هذا فهذا هو المطلوب. إذا لم يستطع فلا داعي لاعتبار فرضيته. هي مجرد ادعاء
هل يمكن للفراغ التام فعل ذلك؟
هل يمكن للاشيء أن ينتج شيء؟ علميا لا نحتاج أكثر من البرهان. عقول الوثنخافيين قد لا يمكنها استيعاب ذلك بسبب التزامهم بقوالب مسبقة جاهزة تم تلقينهم إياها منذ الصغر. لكن الكون لا يغير من حقائقه ليرضي رغبات أو قدرات أحد. نحتاج فقط البرهان. هل هناك رياضيات تثبت هذا الأمر؟ هذا كل ما نحتاجه. قدرتهم على فهم الأمر من عدمه لا تعني شيئا. معظم الكائنات ايضا لا يمكنها أن تفهم ذلك. هل عدم قدرة البقرة على فهم المعادلات التفاضلية يجعل المعادلات التفاضلية غير صحيحة؟ كلا. لا يهم. لا يكترث الكون ولا حقائقه بقدرة البقرة على فهم المعادلات التفاضلية كما لا يهتم بعدم قدرة الوثنخافيين على فهم رياضيات الكون
في العام 1995 كتب الفيزيائيان لورنس كراوس و مايكل تيرنر ورقة علمية توضح أن الحقائق الناتجة عن الملاحظات العلمية للعناقيد المجرية وحسابات ديناميكياتها الداخلية وحسابات النسبية العامة تقتضي وجود طاقة في الفراغ التام تعمل على تسارع تباعد المجرات عن بعضها وتمنع طاقة الجاذبية من سحب المجرات تجاه بعضها وانهيار الكون
بحلول هذا الوقت الكل يعرف أن الطاقة والمادة صورتان لعملة واحدة. الطاقة يمكنها أن تنتج مادة حسب معادلة آينشتاين الشهيرة:
E = m c^2
إذا أخذت مقدار الطاقة وقسمتها على مربع سرعة الضوء فستحصل على كتلة المادة الناتجة
هذا يعني شيئا واحدا : الفراغ التام يمكنه إنتاج مادة. اللاشيء يمكنه إنتاج شيء. قد يعترض الوثنخافيون من دافع متحيز لمعتقداتهم على تعريف اللاشيء هنا بعد أن عرفنا أن الفراغ التام يحتوي على طاقة. لكنه فراغ تام. فيزيائيا فراغ تام. يعني لا شيء. لا شيء فيه. طاقة الفراغ التام خاصية داخلية كامنة فيه. وهي طاقة سالبة.
لا يهم اعتراضهم على أية حال. هو مثل اعتراض بقرة على المعادلات التفاضلية نابع من دافعين: الأول التحيز المسبق لافتراض خاطئ اعتنقوه باكرا والثاني عدم قدرتهم على فهمه في ظل معتقداتهم وافتراضاتهم المسبقة التي تتعارض اساسا مع الحقائق العلمية ولا تقبلها إذا زعزعت نصوصهم المقدسة
لكن كان هذا اقتراح على أساس معادلات النسبية العامة وعلى أساس شكل الكون المحبذ وقتها. يحتاج لبرهان
كان هذا المقترح تبيين لوجود خلل في التصور الراهن وقتها وليس حلا للمشكلة. ولذلك كانت هناك حاجة لتجربة علمية وبرهان رياضي
بدأت سلسلة من التجارب منذ العام 1998 لدراسة الفراغ التام. عرفت هذه السلسلة باسم
كانت النتيجة مذهلة. من لاشيء تظهر بين الفينة والفينة جسيمات افتراضية ثم تختفي. هناك شيء ينتج من لاشيء. ليس الأمر فقط أنه يمكن أن يظهر شيء من لا شيء. بل أنه أمر حتمي أن يظهر شيء من لاشيء. هذه صفة كامنة في كوننا. لا بد أن يظهر شيء من لا شيء. عكس التضليل الذي مارسته معابد الوثنخاف منذ فجر التاريخ وبسببه وقعت في وهم الوثنخاف من الأساس
اخترعوا الآلهة لأنهم جهلوا أمرا مهما جدا : ظهور شيء من لا شيء أمر حتمي
فيما بعد وباستخدام مسرعات الجسيمات في سويسرا وفي اليابان عرفنا أن هذه الجسيمات هي أزواج من المادة والمادة المضادة. الكترون وبوزيترون مثلا. عندما يلتقي الالكترون والبوزيترون يتلاشيان. يصبحان لا شيء. وعندما يفترقان يصبحان جسيمين. كان العلماء يعرفون منذ فترة طويلة أن الجسيمات تتمتع بالقدرة على التصرف كموجة وكجسيم. وكلما تقدم العلم عرفت البشرية أشياء اكثر
مفاجآت أخرى
إذا عرفت بعد كوكب مثلا من نجمه الذي يدور حوله وعرفت طول سنته فبإمكانك معرفة كتلة النجم باستخدام قانون كيبلر الثالث
T^2 / R^3 = 4*PI^2 / GM
G = 6.67408 × 10-11 m3 kg-1 s-2
لنأخذ المريخ والشمس كمثال
سنة المريخ التي يكمل بها دورة واحدة حول الشمس تبلغ
686.971
يوما أرضيا. نقوم بتحويلها إلى وحدة صالحة للحسابات وهي الثانية بضربها في 24 في 60 في 60
ويبلغ نصف محوره الأكبر حول الشمس
227939200
كيلومترا. نضربها في 1000 لتحويلها إلى متر
الآن فقط نحل المعادلة في
M
وندخل القيم ونحصل على النتيحة

=
1.989 × 10^30
Kg
يمكن فعل ذلك لأي نظام آخر. يمكن للمشتري أو لزحل مع الشمس. يمكن للمشتري وأي من اقماره. يمكن للأرض مع قمرها. في الحقيقة كل حسابات الكواكب تمت رياضيا. استطاعت البشرية حساب مدار المريخ وسرعته وجاذبيته وحساب كيف نرسل مركبة وننزلها في نقطة محددة على سطحه رياضيا. لم يأخذ أحد مسطرة ويقيس الابعاد. البرهان الرياضي هو الأصدق على الاطلاق وهو الوحيد الذي يعطي نتائج وحقائق
استخدم التطبيق الشبكي التالي لأي نظام يدور فيه جرم حول جرم آخر. ادخل طول الدورة الكاملة للجرم الذي يدور وبعده عن المركز وستحصل على كتلة الجرم الثابت. بمكنك فعلها للقمر والارض. او لقمر صناعي والارض. أو للمشتري والشمس وهكذا
Period in days :
Distance in Kms :
The Mass in Kgs is :
بناء على هذا القانون ستكون سرعة الاجرام القريبة أكبر من البعيدة لأنها ستقطع المسافة في فترة زمنية اقصر. لكن بدراسة المجرات تبين أن هذا الأمر غير صحيح

ليست فقط مجرتنا درب التبانة بل كل المجرات بدون استثناء كما نرى من الداتا أعلاه. مراكز المجرات تحتوي على ثقوب سوداء هائلة تمت حسابات كتلها.
يظل القانون فعالا ضمن نصف قطر كتلة المجرة الفعالة. وخارج ذلك لا تنطبق الحسابات. هذا يعني أن هناك كتلة مفقودة.
يستطيع العلماء حساب كتلة كل النجوم المرئية في المجرة بشكل مباشر. وبما أن النجم يكون 99% من كتلة كل نظام نجمي فالحصول على الكتلة سهل نوعا ما
وهل يمكن حساب الكتلة المفقودة ؟ يمكن ايضا بسهولة. لأن الحسابات رياضية ومتى عرفت المعطيات عرفت كيف تجريها
شرح هذا الأمر خارج مجال هذا المنشور. لكن الصورة التالية توضح مثالا على مجرتنا باستخدام الشمس

هذه نسبة كتلة المجرة لكتلة الشمس. والقيمة تفوق كل الحسابات من العد المباشر للنجوم والاحتمالات الأخرى
وبعد دراسات عدة توصل العلماء للمادة المظلمة. جسيمات من نوع ما غير معروف لنا وغير المادة الباريونية التي نعرفها يعطي هذه الكتلة. تبلغ كتلة هذه المادة في الكون اكثر من خمسة أضعاف كتلة المادة المعروفة
الطاقة المظلمة
لكن حسابات المادة المظلمة لم تعطي الجواب الكافي. لم تعطي رياضيات كافية لحسابات تسارع المجرات.
هناك مقدار آخر من كتلة الكون. يفوق الكتلة العادية خمسة عشر مرة. ويمثل 70% من كتلة الكون.
طاقة اللاشيء
في العام 1990 وجد العلماء الشمعة القياسية – جسم إضاؤته الداخلية يمكن قياسها بشكل مستقل عن اضائته الظاهرة وبالتالي يمكن حساب بعده عنا بدقة عالية. كان اسم هذه الشمعة السوبرنوفا. القدرة على حساب الاستضاءة المطلقة والاستضاءة الظاهرة وحساب توسع الزمن بسبب تباعد المجرات وباستخدام ظاهرة الدوبلر وحساب الانزياح نحو الطيف الاحمر مكن العلماء من حساب المسافة وحساب السرعة وثابت هبل
وكنتيجة طبيعية للقدرة على حساب سرعة وبعد السوبرنوفا البعيدة جدا عنا تمكن العلماء من حساب سرعة انتشار الكون. وكان العماء وقتها يتوقعون أن الكون تتباطأ سرعته بناء على الكتلة الكونية التي يعرفونها وبتوقع أن وقى الجاذبية تعمل على جذب المجرات نحو بعضها وتسعى لاعادة الكون لنقطة الصفر
لكن النتيجة كانت أن الكون يتسارع. وخلصت الحسابات أن 70% من الطاقة اللازمة ليحدث هذا التسارع تقع في الفراغ التام. حيث لا يوجد أي شيء. لا مادة ولا إشعاع ولا موجات. لاشيء على الاطلاق
وأجريت بعدها عدد من التجارب وجمع الكثير من الداتا. وفي عام 1998 ظهرت مجلة الساينس العلمية
Science Magazine
بصورة لآينشتاين وهو مندهش على غلافها تحت عنوان الكون المتسارع

توافقت كل الداتا مع حقيقة طاقة الفراغ التام – طاقة اللاشيء
البيان التالي يوضح نتائج بعض هذه الداتا

المادة العادية والمادة المظلمة تفسر 30% من الطاقة اللازمة لما نشاهد عليه كوننا. لكن 70% تأتي من الفراغ التام , من اللاشيء
كانت الفكرة قد ظهرت في وقت سابق في عالم ميكانيكا الكم. شكل فينمان كان واحدا من الحقائق الفيزيائية التي توضح كيف ينتج شيء من لا شيء في الفراغ التام أو العدم كما يحلو لرجال الدين تسميته
الشكل التالي يحاول تبسيط الفكرة

يمكنكم فهم الفكرة ببساطة كالتالي: حول نواة الهيدروجين يدور الكترون واحد. له عدة مستويات للطاقة طبقا لميكانيكا الكم. وكل مستوى يمثل كما محددا من الطاقة. بامكان الالكترون الانتقال من مستوى اقل الى مستوى اعلى دون ان يعبر المسافة الفاصلة بينهما او العكس. هذه المسافة عبارة عن فراغ تام. فراغ لا يوجد فيه شيء. لا يوجد فيه شيء على الاطلاق. يختفي الالكترون فجأة من المستوى الاقل ويظهر بنفس الوقت في المستوى الاعلى. وكأنه أخذ مسارا آخر أو مارس الانتقال الفوري.
شكل فينمان يعطي التفسير. في الفراغ التام بين المستويين ظهر فجأة شيء من لا شيء.ظهر زوج من الجسيمات الكترون وبوزيترون بالتكون التلقائي من الفراغ التام. الجسيمات التي تظهر كتذبذبات كمومية للحظات قصيرة جدا يصعب قياسها ثم تتلاشى تسمى الجسيمات الافتراضية. لكن أحيانا ينجو بعضها . في هذه الفترة الزمنية التي تقل عن زمن بلانك التقى البوزيترون الوليد مع الالكترون الموجود مسبقا في المستوى الاقل. وتلاشيا. بينما الاكترون الذي نجا من الزوج المتكون حديثا احتل مستوى الطاقة الاعلى. وهكذا ظهر شيء من لا شيء من الفراغ التام
سميت طاقة الفراغ التام بالطاقة المظملة. وصرنا نعرف أنها طاقة سالبة وتعمل عكس الجاذبية حيث تسارع المجرات بعيدا عن بعضها
وصرنا نملك جوابا. الفراغ الذي لا شيء فيه سوى العدم له طاقة كامنة. كل ما نحتاجه الآن لبرهنة أن الكون انبثق من تلقائيا من الفراغ التام هو حساب الطاقة الكلية للكون. لو كانت تساوي الصفر فهذا يعني أنه لم توجد قوة وضعت اي طاقة في الكون. لا يوجد عملية خلق وبالتالي لا يوجد خالق. لاشيء تمت اضافته للفراغ التام من الاساس
شكل الكون
لكي نعرف شكل الكون نحتاج لحل معادلة آنيشتاين فريدمان
á(t)²/a(t)² – 8ΠGρ/3= – κ
الطرف الأيمن يدعى كابا ويعبر عن درجة انحناء الكون. وذلك لأن نظرية الجاذبية في النسبية العامة تجعلها معتمدة على انحناء الزمكان وليس على الكتلة كما في نظرية الجاذبية لنيوتن
إذا كانت قيمة كابا موجبة اي أن الطرف الايمن سالب فإن شكل الكون منتهي مغلق وكروي
وإذا كانت كابا سالبة فإن شكل الكون قطع زائد مفتوح لانهائي
وإذا كان كابا يساوي الصفر فإن شكل الكون مسطح غيرمنحني مفتوح ولا نهائي
دعونا نعالج هذه المعادلة قليلا.
إن a(t)
هو معامل الانتشار كدالة للزمن
و Δx
هو التغير في المسافة حيث تكون المسافة في اية لحظة هي
D = Δx.a(t)
نضرب الطرفين في معادلة آينشتاين فريدمان في
a(t)²
سنحصل على
a´(t)² – (8G*π*a(t)²*ρ)/3 = k* a(t)²
وبضرب الطرفين في
Δx²
نحصل على
Δx².a´(t)² – (8G*π*Δx².a(t)²*ρ)/3 = k* a(t)²* Δx²
وبما أن الحجم في الكثافة يساوي الكتلة وقليل من الجبر نحصل على
Δx².a´(t)² – 2GM/Δx.a(t) = k
وبما أن
D = Δx.a(t)
وبأخذ المشتقة الأولى للطرفين نجد ألتالي
v = Δx.a´(t)
فإن
Δx².a´(t)² – 2GM/Δx.a(t) = v² – 2GM/D
أي
v² – 2GM/D = k
وبضرب الطرفين في
½m
نحصل على
½mv² – GMm/D =k*½m
الطرف الأيمن ثابت ايضا ويمكن كتابته على شكل
½mv² – GMm/D = C
هذه المعادلة تحسب الطاقة الكلية للكون طبقا لفيزياء نيوتن. ونلاحظ أن سي يساوي الصفر إذا كابا في النسبية العامة يساوي الصفر. وأن سي موجب إذا كان كابا سالب ويكون سي سالب إذا كان كابا موجب
أي أن الطاقة الكلية للكون تساوي الصفر إذا كان شكل الكون مسطح غير منحني لانهائي ومفتوح. هذا يعني أن الكون نشأ تلقائيا من الفراغ التام دون اي تدخل من أية قوة خارجية. اي أن الكون ظهر تلقائيا من لا شيء.عملية الخلق تعني إضافة طاقة أو مادة أو اي شيء من قبل الخالق المفترض
الآن لكي نبرهن على أن الكون نشأ تلقائيا من لاشيء نحتاج إلى أمرين : الاول البرهنة على أن شكل الكون مسطح غير منحني والثاني أن تكون الطاقة الكلية للكون تساوي الصفر في النسبية ايضا
لدينا ثلاث احتمالات لشكل الكون من معادلة آينشتاين فريدمان. نحتاج لمعرفة اي احتمال هو الصحيح. فماذا نتج عن الداتا المجمعة عن الكون
خلفية أشعة المايكرويف الكونية
خلفية أشعة المايكرويف الكونية هي البريق الذي لحق الانفجار العظيم. عدد من جوائز نوبل أعطيت لمن اكتشفوا ودرسوا هذه الاشعة
منذ لحظة الانفجار العظيم ولمدة 300000 عام كانت حرارة الكون عالية ولا تسمح بتكون الذرات. وجدت المادة على شكل بلازما من الجسيمات تحت الذرية والأيونات. وكان الكون معتما. البلازما معتمة لا تسمح بمرور الكون. لذلك لم يصلنا اي شعاع من هذه الفترة. لكن بعد حوالي 300 الف عام بردت حرارة الكون وسمحت بتكون الذرات ومرور الفوتونات. وصرنا نستطيع ان نرى إلى ذلك الوقت. وهذه الأشعة هي اشعة خلفية المايكرويف الكونية
ما قبل هذه الفترة يسمى بالعصور المظلمة. ويسمى هذا الجزء من الكون الذي سمح لأول مرة بمرور الضوء بالسطح المشتت الأخير
Last scattering Surface
على هذا السطح المشتت الأخير وجد العلماء مقياسا مهما للغاية. مقياسا صنعه الزمن نفسه. إذا أخذنا مسافة على هذا السطح تغطي لعين الناظر من الأرض مقدار درجة واحدة فإن هذه المسافة تساوي 300000 سنة ضوئية كما هو واضح من الشكل التالي

هذا سينتج مثلثا أحد اضلاعه يساوي 300000 سنة ضوئية وأحدهما يساوي المسافة بين الأرض وبين السطح المشتت الأخير كما يظهر في الشكل السابق
لكن الزاوية التي ستغطي هذه المسافة ستكون مساوية لدرجة واحدة تماما فقط إذا كانت زوايا هذا المثلث تساوي 180 درجة. أي غذا كان شكل الكون غير منحني. أما إذا كان الكون كرويا فسوف تساوي زوايا المثلث أكثر من 180 درجة. يمكن رسم مثلث على كرة والتأكد من ذلك. وبالتالي ستكون هذه الزاوية أكبر من درجة واحدة. وإذا كان شكل الكون هيبربوليك فستكون هذه الزاوية أقل من درجة. الشكل التالي يوضح ذلك

بوميرانج
أول تجربة عملية تمت لدراسة أشعة الخلفية المايكرويفية للكون كانت بوميرانج
Balloon Observations of A1illimetric Extragalactic Radiation and Geophysics
أطلقت في العام 1997 في القارة القطبية الجنوبية. تم جمع الداتا ثم تحليلها. واستخدمت لحساب الزاوية المذكورة اعلاه. وأعطت النتائج الصورة التالية

تم عمل الكثير من الدراسات والتحليلات على معلومات بوميرانج. ومنها مقارنة الصورة التي حصل عليها بوميرانج للكون مع النماذج الرياضية لكل الاشكال المحتملة

وبنسبة خطأ بسيط كان قياس الزاوية المذكورة أعلاه يساوي درجة واحدة

وكانت الصورة الناتجة قريبة فقط من شكل الكون إذا كان مسطحا غير منحني. وبعيدة عن الاحتمالين الآخرين
هذه النتيجة تعني أن الطاقة الكلية طبقا لنظرية نيوتن عن الجاذبية للكون تساوي الصفر. أي أن الكون نتج تلقائيا من لا شيء
دبليوماب
في يونيو 2001 أطلقت ناسا قمرا صناعيا لدراسة أشعة الخلفية الكونية ,اطقلت عليه اسم دبليوماب كاختصار لعبارة
Wilkinson Microwave Anisotropy Probe (WMAP)
أطلق إلى بعد مليون كيلومتر عن الارض في الجهة البعيدة عن الشمس حتى يتخلص من التلوث بأشعة الشمس
مرة أخرى تم جمع المعلومات على مدار سنوات وتحليلها. وعلى مدار سبع سنوات استطاع دبليوماب الحصول على صورة كاملة للكون على شكل أشعة مايكرويف كونية
وتمكن العلماء من الحصول على نتائج وبدقة غير مسبوقة
وكانت النتيجة هي تأكيد أن الكون مسطح وغير منحني وبنسبة خطأ تقل عن 1%. الكون المسطح كون سيستمر في التمدد إلى ما لانهاية مع التباطؤ التدريجي دون أن يصل ابدا إلى الصفر. كل قصص الاديان عن نهاية الكون تبخرت أخيرا. نهاية الكون ويوم القيامة وطي السماء كلها خرافات. لن يطوى أي شيء ولن يتشقق أي شيء ولن ينفطر اي شيء.
لكن هناك نتيجة أخرى مهمة جدا : الطاقة الكلية للكون تساوي الصفر. لا يوجد من اضاف شيئا لهذا النظام المغلق. لا يحتاج الكون إلى خالق للظهور. يكفي وجود الطاقة المظلمة لتفسر لنا علميا ظهور الكون من لا شيء. لا تريد أن تقبل النتيجة العلمية هذا شأنك. لكن إيمانك بوثنخاف قام بصناعة الكون لم يعد له اية قيمة
العقبة الأخيرة على بعد خطوة
تبقت عقبة أخيرة أمام دفن الوثنخاف حرفيا للابد. وهي أن نتائج أشعة الخلفية المايكرويفية للكون اثبتت أن الطاقة الكلية للكون تساوي الصفر طبقا لنظرية نيوتن. لكن ليس للنسبية العامة. في النسبية العامة الطاقة الكلية ليست فقط الطاقة الناتجة عن قوة الجاذبية والحركة. ما زالت هناك طاقة كامنة في الكتلة. أي كتلة هي طاقة.
لكي نثبت أن الطاقة الكلية للكون تساوي الصفر يجب ايضا أن نثبت أن الكتلة الكلية الموجودة في الكون تساوي الصفر.
اكتشاف المادة المضادة هو الحل هنا. إذا كانت كمية المادة تساوي كمية المادة المضادة وقت الانفجار العظيم تساوي الصفر ثم حدث لا تناظر بسيط نتج عنه فائض من المادة فإن المطلوب اثباته قد تم
وهناك تقدم كبير في هذا الخصوص. وكل الأدلة العلمية تشير في هذا الطريق.
استطاعت تجربة اجريت في اليابان حديثا أن تلقي الضوء على دور النيوترينوهات في إيجاد هذا الفائض بسبب قدرته على تغيير ما يعرف بالنكهة. بمعنى يمكن لعملية متسلسلة عن طريق النيترينوهات تغيير مقدار من المادة المضادة إلى مادة. ما تبقى من المادة المضادة والمادة سيلاشي بعضه بعضا. وهذا الفائض سيبقى لينتج الكون.
في الحقيقة نحتاج فقط جزء من المليار ليبقى. وما يدعم هذا الرقم هة أن مقدار الفوتونات في أشعة الخلفية الكونية هو مليار فوتون لكل فوتون في كوننا المعاصر
دراسات أخرى من مسرع الجسيمات سيرن تشير لنفس النتيجة. كان الوثنخاف مجرد فرضية عجز مخترعوها عن اثباتها. لكن اثبات عدم وجودها ايضا صار في المتناول. لن يبقى إلا ما كان : إيمان أعمى غيبي. وستنتهي كل السفسطة العقيمة القديمة عن السبب الأول وبلا بلا بلا
مراجع
A universe from nothing, By Lawrence Krauss
ملاحظة : الوثنخاف مصطلح لتسمية الإله الإبراهيمي. ويتكون من شقين الأول وثن وتعني كائن تخيلي يتم افتراضه وتخيله ثم اقناع النفس بوجوده. وهو كائن أخرس ابكم أطرش اصم لا يستطيع أن يقول حتى كلمة بم. والشق الثاني خفي. وتعني غير مرئي وذلك لتمييزه عن الأوثان المرئية مثل هبل والعزى ومناة الثالثة الأخرى
شارك الآن إن لم تكن قد فعلت من قبل في إحصائية اللادينيين
نزل الجزء الثاني من ذهان النبوة مجانا
التبرع للموقع
اضغط أدناه إذا أحببت التبرع للموقع عبر الباي بال او بطاقة الاعتماد
