علامات ذهانية في التشبيهات القرآنية – 2

التشبيه بناء تعبيري تمثيلي لتوضيح الفكرة في كل اللغات. يتم تشبيه شيء غامض وغير مفهوم للمستمع بشيء معروف جيدا للكل ومتفق عليه لكي تتضح الصورة. الشيء السيء يتم تشبيهه بشيء سيء والجيد يتم تشبيهه بشيء جيد

لكن في المذهونين تختل القدرة المجردة في التفكير وتطغى الحسية فيشبه الغامض بما هو أغمض منه والمجهول بما هو أكثر إبهاما كما يشبه الجيد بالسيء والعكس وينجرف الكلام وتظهر الظرفية المفرطة

فرط التضمين والظرفية الفائضة علامات ذهانية من علامات اضطراب التفكير. ويمكن لأي مختص ملاحظة هاتين العلامتين في كلام ساجع القرآن التشبيهي وغير التشبيهي. لنتفحص هذا التشبيه كمثال توضيحي

إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24)

 

عندما يشبه المضطرب عقليا السيء بشيء جيد فإنه يبدأ في الانجراف في صورة حسية لكي يجعل الجيد سيئا وصالحا للتشبيه

المشبه هنا هو الحياة الدنيا. الساجع يريد أن يظهرها سيئة رغم أنها ليست كذلك أصلا. والمشبه به هو ماء نزل من السماء. والماء النازل من السماء جيد ومفيد ونافع. ولكي يجعله سيئا انجرف في صورة حسية تتراءى غالبا للمذهونين كمشهو هلوسي حي يعيشونه ثم نسي أنه كان بصدد التشبيه تماما وبقي في رأسه فقط سوء الصورة. فبدأ بالانجراف الحسي والتقوقع في صورة ضيقة. بدأ التقوقع بقوله اختلط به نبات الأرض. الآن اي ماء ينزل من السماء ولا يختلط به نبات الأرض ليس معنيا. هناك صورة هلوسية محددة تتراءى للساجع. ثم ينجرف أكثر. لم يعد المقام مقام تشبيه. أخذ يسرد احداثا بتسلسل زمني — حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينيت– ازداد التقوقع. إذا لم تأخذ الأرض زخرفها لم يعد الماء النازل معنيا. واذا لم تتزين لم يعد معنيا. وينجرف أكثر –وظن أهلها أنهم قادرون عليها–إذا لم يظنوا لم يعد هناك داعي لاي شيء. وإذا تيقنوا انتهى الأمر ولا باس. المهم أنهم إذا ظنوا أنهم قادرون ولم يتيقنوا ستحل الكارثة. يسمون هذا الاضطراب المعروف في الطب النفسي بمصطلح

derailment

بأنه بلاغة وفصاحة وهو انجراف وعجين وطحين. ثم يصل الساجع إلى ختام مشهده الهلوسي : أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجلعناها حصيدا. ضاع التشبيه تماما. نسي أنه كان يشبه الحياة الدنيا السيئة بالماء النازل من السماء النافع والمفيد. وانجرف في صورة هلوسية يسرد لنا كيف تزينت الأرض وظن أهلها أنهم قادرون عليها ثم دمرها الوثنخاف

لم يبق من التشبيه إلا مكابرة المؤولين الذين يصرون أنه ما زال بصدد التشبيه لكن المشبه به طويــــــــــــــــــل وأنه فقط صار إسهابا مملا جدا نتيجة الظرفية الفائضة وفرط التضمين

الحقيقة أن الساجع عاد لصورة المشبه والحياة الدنيا وأخذ في تصورها وسرد هذه الصورة فالحياة الدناي فيه أرض مخضرة متزينة وفيها اهل مكة الذين يظنون أنفسهم عظماء وستكون نهايتهم بالتدمير

ارتباك الساجع وخلطه بين المشبه والمشبه به وعدم قدرته على الحفاظ على الحدود بين الاثنين وردت في مواضع كثيرة كقوله

مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17)

وقوله

وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39)

ففي هاتين السجعيتين نسي الفواصل بين المشبه والمشبه به واختلط الاثنان عليه. إذا لم يتضح لك هذا الارتباك عد إلى المقالين الخاصين بكل سجعية. انسخ السجعية أو بعضا منها وادخلها في خانة البحث أدناه وستجد المقال الخاص بها

اختلال القدرة على التفكير المجرد وبناء المجاز بالشكل الصحيح إضافة إلى الانجراف بعيدا عن المعنى الأصلي جعلت تشبيهات القرآن من أكثر المواضع غنى بالعلامات الذهانية

مرارا وتكرارا نقول أن الغرض من التشبيه في أي لغة من لغات العالم هو تقديم شيء مبهم وغامض للمستمع (المشبه) ليقارنه بشيء معروف جيدا وواضح (المشبه به) حتى يتم توصيل المعنى وإزالة الغموض وتبيين الفكرة المراد إبلاغها

أراد الساجع تبيين فكرة عامة ومطلقة ومجردة وهي وجهة نظره عن الحياة الدنيا كما يسميها فقام بصياغة تشبيه من أجل ذلك

لكن اختلال قدرة التكفير المجرد لديه ساقته لصورة حسية ركيكة. ماء نزل من السماء. لكن الماء نافع وهو يريد أن يقول أن الحياة الدنيا تافهة لا قيمة لها. فاضطر للاسهاب واضافة تفاصيل حسية أخرى منجرفا رويدا رويدا عن فكرة الأصل وهي تفاهة الحياة الدنيا (مقارنة بالآخرة المزعومة) مع بقاء اتصال خفيف يحافظ على خيط الفكرة أخذ يتلاشى رويدا رويدا حتى اختفى

ضاع كل دماغه في صورة حسية عن أهل قرية مع بقاء فكرة الدمار والهلاك ونهاية الحياة مخيمة على المزاج العام

هذا الماء اختلط بنبات الأرض. حسنا كل ماء يختلط بالنبات والتراب وكل ما يصادفه. يختلط بالتراب والطمي ويصير سيولا. هذا معروف فماذا بعد؟

اختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام. فقط؟ وماذا عن النبات الذي لا يأكله الناس ولا الأنعام؟ هذا الماء انتقائي جدا. ويستطيع أن يختار ما يختلط به من النبات

لم يكن هناك أي داعي لعبارة مما يأكل الناس والأنعام. هذه العبارة نتجت من فرط الظرفية الذي يصاحب لغة الذهان ويعرف في الطب النفسي بـ

Circumstantiality

ومن التقوقع نحو صورة محددة في رأسه.ثم تظهر سيطرة هذيان نهاية العالم على الصورة. من العلامات المتكررة كثيرا في الذهان هذيان عذاب من السماء كالطوفان أو الصاعقة أو الرجفة أو تساقط كسف السماء أو حجارة مشتعلة إلى غيرها من الصور الضلالية التي تخيم على أدمغة المرضى والتي تدخل مخزون ذاكرتهم من قصص شعبية خرافية أو كهنوتية منتشرة في ثقافتهم وبيئتهم

فبعد أن تخضر الأرض وتتزين يأتيها أمر الله وهو هذيان العذاب فيجعلها حصيدا ويأتي فجر اليوم التالي وهي منتهية تماما كأن لم تغن بالأمس.

لاحظوا إلى أين وصلت الظرفية المفرطة بهذا التشبيه؟؟ تم عكس الغرض من التشبيه تماما وتم تشبيه الحياة بشيء تخيلي هذياني لا يحدث أبدا ولا يشاهده الناس في حياتهم اليومية

المشبه به في لغة الشخص السليم يكون شيئا معروفا للكل وشائعا يحدث في الحياة اليومية بكثرة. وعند الذهاني يكون شيئا هذيانيا لا يحدث

الغرض من التشبيه دائما هو تشبيه شيء غامض بشيء يعرفه الناس جيدا ويحدث بشكل دائم من أجل إزالة الغموض

تشبيه الاشياء بصور حسية متأثرة بضلالات نهاية العالم أو ضلالات عذاب ينزل من السماء لا تحدث إلا في التفكير الذهاني المضطرب. لا يفعلها شخص سليم أبدا 

كثيرا ما يستخدم ساجع القرآن مشاهد هلوسية لا تنتج إلا في دماغه ليقوم بتشبيه عباراته الغامضة بها فيصر كلامه مجرد هذيان لا يوصل فكرة ولا يبين صورة ولا يزيل غموضا بل يزيد الطين بلة ومع ذلك يجبر المسلم نفسه على الاقتناع عمياني وبمنطق عنزة ولو طارت أن هذا الكلام هو قمة البلاغة والفصاحة وتم تأليفها من قبل الله في السماء فقط لأن الله لا يملك مطابع في السماء كتبوه على جلود الماعز. منتهى الغباء والسذاجة

ساهم في تبديد الخرافة

شارك المقال مع أصدقائك في تويتر

شارك المقال مع أصدقائك في الفيسبوك
HTML tutorial
شارك المقال مع أصدقائك في الواتسب
إعلانات- Advertisements
كوللاجن انتسيف … مركب يحتوي على المواد اللازمة لتجديد الكوللاجن الطبيعي كما يحفز الجلد على إنتاجه مما يساعد على إزالة التجاعيد الخفيفة وتقليل ظهور التجاعيد وخطوط الوجه وتقليلها ويساعد في تخفيف الأكياس تحت العين ويساعد على الحفاظ على منظر شاب. يفيد بشكل خاص الفتيات بين عمر الـ35 والـ 60 عاما
بروفوليكا … منتج لإعادة نمو الشعر وإيقاف التساقط. ينفع بشكل أفضل عندما يستخدم في بداية تساقط الشعر أو عندما يلاحظ خفة نمو الشعر. يعالج بروفوليكا السبب الرئيسي في تساقط الشعر لدى الرجال وهو زيادة افراز الدايهيدروتيستيرون. كما أنه يمنع نمو البكتيريا الضارة لبشرة الرأس ويساعد على إحياء الحويصلات
جين اف20 … يساعد هذا المنتج جسمك على افراز هرمون النمو مما يمكنه من مقاومة علامات التقدم في العمر وابطاء تسارع الشيخوخة. تناوله ينتج في مظهر أكثر شبابا وفي عضلات اكثر مرونة
كما انه يسرع الاستقلاب ويقوي الرغبة الجنسية ويساعد في مقاومة الخمول

ملاحظة : الوثنخاف مصطلح لتسمية الإله الإبراهيمي. ويتكون من شقين الأول وثن وتعني كائن تخيلي يتم افتراضه وتخيله ثم اقناع النفس بوجوده. وهو كائن أخرس ابكم أطرش اصم لا يستطيع أن يقول حتى كلمة بم. والشق الثاني خفي. وتعني غير مرئي وذلك لتمييزه عن الأوثان المرئية مثل هبل والعزي ومناة الثالثة الأخرى

شارك الآن إن لم تكن قد فعلت من قبل في إحصائية اللادينيين

إحصائية اللادينيين في الموقع

نزل الجزء الثاني من ذهان النبوة مجانا


التبرع للموقع


اضغط أدناه إذا أحببت التبرع للموقع عبر الباي بال او بطاقة الاعتماد


Donate Button with Credit Cards

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

%d bloggers like this: