شذر مذر – إن كل لما جميع

يقول مؤلف القرآن في إحدى سجعياته وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (32)وهذه السجعية تمثل نيولوجيزم. والنيولوجيزم تظهر في خلل المفاهيم التفكيرية ويقاس هذا الخلل بعدة درجات عند تقييمه

تظهر النيولوجيزم في الحالات الخفيفة عندما يتم استخدام ألفاظ معروفة استخداما غريبا غير شائع في لغة الآخرين وكلامهم. مثال ذلك قوله إن الساعة آتية أكاد أخفيها وقوله ألم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا

أو يتم استخدام ألفاظ معروفة لكن بتركيبة غريبة غير مألوفة لا يستخدمها إلا المريض لكن يمكن تخمين ما يقصد رغم غرابة التركيب مثل السجعية أعلاه

وفي الحالات المتوسطة يتم اختراع كلمات على قياس كلمات موجودة ويمكن تخمين المعنى من السياق

مثال ذلك قوله تلك إذن قسمة ضيزى. ضيزى كلمة تم اختراعها لا توجد في لغة الناس. لكن يمكن تخمين معناها بأنه يقصد غير عادلة. ولو قال قسمة شيزى أو قسمة عيزى أو قسمة فيكا فسيتم تخمين هذا المعنى نفسه من السياق.

وفي الحالات الشديدة يتم اختراع كلمات لا يمكن تخمين معناها من السياق. ومثال ذلك كهيعص وطسم وعسق. هذه الكلمات يؤمن المريض أنها كلمات خاصة مقدسة ولها أثر سحري ويمكنها تغيير أحداث الكون بمجرد نطقها. تماما مثل التعويذات السحرية وهرطقات المشعوذين


إن كل لما جميع

تخيل أنك دعيت لحفل زاخر وطلع أحدهم ليرحب بالحضور وقال: إن كل لما جميع مرحب بهم. سيصير مسخرة. ستتحدث عنه الصحف ويسخر منه الحضور وسيكون حديث الساعة. الكل سيلتقط الشذوذ في كلماته والغرابة في ألفاظه والاضطراب في مفاهيمه. كان ببساطة ينبغي عليه أن يقول الكل مرحب به

هذه السجعية

وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (32)

تصنيفها يقع في القسم الأول. كلمات معروفة لكن بتركيب غريب لم يستخدمه أحد قبل المريض ولا أحد بعد المريض

في العادة عندما نركز الضوء على هذه العلامات يقفز أحد عوام المسلمين ليقول هذه بلاغة أنتم لا تفهمون اللغة العربية الخ الخ. بينما هو لا يعرف شيئا عن البلاغة ولا يستطيع أن يشرح لنا جوانب البلاغة في العبارة ولا يمكنه إعراب جملة واحدة ولا نظم بيت واحد وأحيانا لا يمكنه التفريق بين ذ و ز وفي معظم الأحيان يكون من الشعوب المعربة التي العربية ليست لغة أم لها وإنما فرضت عليهم واختلطت بالعامية كشعوب المغرب ومصر وهو يدرك ذلك ولكنه يصاب بالذعر لإمكانية أن يكون تم الضحك عليه من قبل رجال الدين فيأبى أن يعترف أنه على خطأ وأنه كان ساذجا خدعوه واستغفلوه ويلجأ لهذه الطريقة الصبيانية

لكن تأملوا جيدا.إن كل لما جميع لدينا محضرون. ماذا يريد أن يقول الساجع؟ واضح أنه يريد أن يقول إن الجميع لدينا محضرون. لكنه لم يستطع التحكم بتدفق الألفاظ وتغلب عليه الرابط السجعي وخضع للوزن والقافية والنيولوجيزم فقال إن كل لما جميع

كلمة لما ليس لها لزوم ولا مكان ولا حاجة في المعنى. هي من أجل وزن السجعية. وكلمة جميع حشو زائد فكلمة كل كانت تكفي. كل جميع؟؟ تكفي واحدة

أما إن فحيرت المرقعين بالتفسير من بعده. فلا دروا أنها إن النافية أم إن المخففة من إن التوكيدية

وتحيروا هل لمَّا  مشددة أم هي لمَا مخففة

وهذه الحيرة سببها عدم فهمهم لاضطراب المؤلف وظنهم أن الكلام يعود لشخص عاقل بل لخالق الكون بنفسه

دعونا نستعرض بعض تخبط الترقيع الكهنوتي الذي بدأ منذ فجر الاسلام لهذه العبارة الذهانية ليتضح لنا الخلل أكثر من تفسير الطبري

( وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ )

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين:(وَإنْ كُلٌّ لَمَا) بالتخفيف توجيها منهم إلى أن ذلك “ما” أدخلت عليها اللام التي تدخل جوابًا لإنْ وأن معنى الكلام: وإن كلّ لجميع لدينا محضرون. وقرأ عامة قرّاء أهل الكوفة( لَمَّا) بتشديد الميم. ولتشديدهم ذلك عندنا وجهان: أحدهما: أن يكون الكلام كان مرادًا به: وإن كلّ لمما جميع، ثم حذفت إحدى الميمات لما كثرت والآخر: أن المراد به أن تكون( لَمَّا) بمعنى إلا مع إنْ خاصة فتكون نظيرة إنما إذا وضعت موضع “إلا”. وقد كان بعض نحويِّي الكوفة يقول: كأنها “لَمْ” ضمت إليها “ما”، فصارتا جميعا استثناء، وخرجتا من حد الجحد. وكان بعض أهل العربية يقول: لا أعرف وجه “لمَّا” بالتشديد. انتهى الاقتباس

سيتضح للعقلاني والمنطقي حيرة أهل اللغة الأوائل في هذه العبارة المجنونة أما قطيع المتدينين فسيغلق عقله ويستمر في ضلالته ويدافع كالثور الهائج عن شيء لا يفهمه وربما لا يمكنه فهمه


الشذوذ في كلام المذهون

طبعا سيكون فهم الخلل اسهل لمن يعرف قواعد العربية وهو الأمر الذي لا يهتم به العربي المعاصر الآن إذ لا يستفيد الناس من معرفة قواعد اللغة ولا يضيعون في ذلك أوقاتهم. عندما تقدم على وظيفة لا يسألونك هل تجيد العربية؟ بل يسألونك هل تجيد الانجليزية؟ الفرنسية؟ الاسبانية؟ ولذلك لا أحد يهتم. علاوة على ذلك الفصحى المعاصرة التي يرطن به التليفزيون والصحف هي فصحى معدلة من ابتكار عرابي ومجمع اللغة وهي تختلف عن العربية القديمة التي كتب بها القرآن

لكني سأستعرض الناحية اللغوية هنا باختصار لنفهم لماذا احتار المرقعون بالتفسير

إنْ  المخففة التي وردت في هذه السجعية ترد على أربعة أوجه في العربية : شرطية تجزم فعلين (إن تذاكر تنجح) أو نافية تساوي ما (إن أنت إلا مخدوع) أو مخففة من إنَّ وتعمل عملها (تنصب الاسم الذي يليها) ويميزها وجود اللام الفارقة (إنْ عمراً لمنطلق) أو زائدة بعد ما أو إلا ولا يؤثر حذفها على المعنى (فما إنْ طبّنا جبنٌ ولكن ** منايانا ودولة آخرينا)

هذه كل استخدامات إن. كلها في واد وتمتمة القرآن في واد آخر. ولذلك هذه السجعية ليست سوى تعبير عن نيولوجيزم حدث بسبب الاضطراب التفكيري الذي يصيب المذهونين

ببساطة لا يمكن ل إنْ هنا أن تكون شرطية لعدم وجود الفعلين ولا زائدة لأنها ليست بعد ما أو إلا وهذا ما أدركه مرقعوا التفسير

فإن كانت نافية بمعنى ما النافية كان يجب أن ترد بعدها إلا وليس لما وتحذف كلمة جميع على النحو التالي: إن كل إلا لدينا محضرون

وإن كانت مخففة من إنّ فيجب أن تكون كالتالي: وإن كلا (بالنصب وليس بالرفع) لدينا لمحضرون.وتحذف لما فلا مكان لكلمة لمّا مع إن المخففة ولا داعي لكلمة جميع

من دون الخوض أكثر في التفاصيل أقول لكم هي عبارة نيولوجيزمية سببها الاضطراب الذهاني الذي يعاني منه الساجع ويسبب له من فترة لأخرى اضطرابا تفكيريا يظهر في طريقة إنتاج الكلام

غرضي من عرض كلام المرقعين بالتفسير والقاعدة اللغوية هو إخبار عوام المسلمين أن المشكلة في الأقفال المغلقة على عقولهم وليس في فهمنا للغة فالخلل واضح لكل من له بصيرة وقد تعرف عليه أهل اللغة والتفسير منذ فجر الإسلام وليس اليوم ولكنهم حاولوا ترقيعه لأنهم ظنوا أنه كلام الله ولم يعرف أحد أنه كلام شخص مضطرب غير قريش التي قالت لمحمد بالحرف الواحد: يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون


النمطية عند المذهونين

ولأن الخلل المرضي يظل في دماغ المريض ويعرف ذلك في الطب النفسي بمصطلح نمطية الكلام إذ يتكرر الاسلوب الغريب الشاذ عدة مرات وقد كرر الساجع نفس الخلل التركيبي النيولوجيزمي في مكان آخر حيث قال

إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4)

لكن الخلل هنا كان أخف وقعا لانه قال كل نفس ولم يقل كل فقط فصار العجن اللغوي أخف قليلا كما أنه لم يورد كلمة جميع لتوفية الوزن السجعي لكن ظلت لمَّا المخلة للمعنى مما دفع المرقعين إلى القول أنها لمَا بتخفيف اللام وليست لمَّا بالتشديد

يقول الطبري : وقرأ من أهل المدينة نافع، ومن أهل البصرة أبو عمرو:( لَمَا ) بالتخفيف، بمعنى: إن كلّ نفس لعليها حافظ، وعلى أن اللام جواب” إن” و” ما” التي بعدها صلة مع نصب كل. وإذا كان ذلك كذلك لم يكن فيه تشديد.والقراءة التي لا أختار غيرَها في ذلك التخفيف، لأن ذلك هو الكلام المعروف من كلام العرب، وقد أنكر التشديد جماعةٌ من أهل المعرفة بكلام العرب كأنه قال: ما كلّ نفس إلا عليها حافظ لأن ذلك هو المعروف من كلام العرب، ولا ينبغي أن يُترك الأعرف إلى الأنكر. انتهى الاقتباس

الخلاصة أن الطبري ينكر تشديد لمَّا التي وردت على لسان محمد ويقول أن الاصح لمَا وذلك لأنه من الاسهل ترقيع لمَا. ويعترف أن تركيبها ليس من كلام العرب ولكي تكون مقبولة يجب أن تكون إما : إن كل نفس لعليها حافظ وتفتح لفظة كل أو إن كل نفس إلا عليها حافظ. يصحح لله أخطاءه

لو كانوا يعرفون عن الشذوذ اللغوي الذي يحدث في لغة الذهانيين ويجعل كلامهم شاذا عن الكلام الطبيعي لربما تنبهوا لاضطراب القائل. ومع ذلك اتضح لهم أنها عبارة شاذة. عبارة ليست طبيعية كبقية كلام العرب. افتحوا كتبهم واقرؤوا. هؤلاء كانت العربية لغتهم الأم وليسوا مثل مرقعي القرن الواحد والعشرين الذين لا يفرقون بين الذال والزاي

هذه السجعية تتبع نمط السجعية الأولى في سورة يس وتنبع من نفس الاضطراب ونفس السبب. لم يكن المفسرون الأوائل يعرفون شيئا عن علامة نمطية الكلام لدى المذهونين ولم تكن لهم معرفة بالذهان أصلا. لكن لا ينبغي لمن يعيش أيامنا هذه أن يظل بنفس الجهل ونفس العقلية

ومن كل تفسير يظهر لنا واضحا كمية التحريف الذي يحتاجونه لتحويل عبارة نيولوجيزمية ذهانية إلى كلام معقول: إن كل نفس لعليها – ما كل نفس إلا عليها. تم إفراغ النص من محتواه تماما ووضعت ألفاظ أخرى حتى يتم خلق معنى عقلاني

هذه العبارات الذهانية لكي يتم التقاطها والتعرف عليها من الشخص العادي يحتاج المستمع أن يكون ملما بالتراكيب المألوفة ليفهم التراكيب الغريبة غير المألوفة ولذلك سهل على المفسرين الأوائل التقاط الخلل ومحاولة ترقيعه لكن في زمننا حاليا لا يتم التنبه لهذه الهفوات الذهانية لأن الفصحى بكلها غريبة والناس تجهل قواعدها وبالتالي يصعب التقاط الجمل المجنونة مثل هذه فكل الفصحى صارت غير مألوفة وحلت محلها لغة التلفاز والراديو التي صارت تمثل الفصحى وهي ليست سوى نسخة مختزلة لجزء بسيط منها يسوده التغيير الملائم للعصر

ولو أن شخصا عاديا طلع على الناس يقول إن كل لما جميع لدينا محبوبون لصار مسخرة وألفت المسرحيات فيه لكن عندما يتم التقديس يدخل المنطق في حيص بيص ولا ينتبه للتخبيص

التفسير العلمي للسجعية

هذا النوع من اضطراب اللغة شائع في كلام المذهونين في كل الثقافات واللغات. يظهر خلل مهم في لغة المذهون ويسمى علميا بمصطلح

lack of proactive inhibition

يمكننا ترجمته بعبارة خلل التحكم بتدفق الأفكار

سنفهم ذلك أكثر إذا استخرجنا ما يريد الساجع قوله. هو يريد أن يقول سوف نحضر الجميع إلينا. في البداية الخضوع للرابط السجعي جعله يعجز أن يقولها هكذا : سنحضر الجميع. هذه عبارة نثرية لا تنفع لا للوزن ولا للقافية. ويتحكم الرابط السجعي في لغة الذهانيين في نوبات الهوس المزاجية. لذلك بدأها بالقول إن كل. كان يريد أن يقول كما خمن المفسرون القدامى إن كل لمحضر. لكن فقدان القدرة على التحكم بتدفق الافكار جلب له كلمة جميعا. وهي لفظة وردت في تفكيره مع كل. لأنها تحمل نفس المعنى. عندما أراد التحدث عن الكل وردت كلمتان بنفس الوقت : كل وجميع. الشخص السليم سيستخدم واحدة منهما ويثبط الأخرى. في الذهان تفقد القدرة على التثبيط : تسمى علميا فقدان القدرة على التثبيط الأمامي. اندفعت اللفظتان معا فصارت إن كل لما جميع.دخلت لما دخولا شاذا بسبب تصارع فكرتين : الأولى إن كل لـــ محضرون والثانية إن كل إلا محضر. لـ وإلا انتعى صراعهما بلفظة لما التي لا معنى لها ولا مكان ودوخت بالمرقعين منذ الأزل

بدون أخذ اضطراب مؤلف القرآن العقلي بالحسبان فلن يكون هناك فهم صحيح للقرآن وسيظلون يقتلون بعضهم بعضا بسبب تناقض سجعياته وغرابتها وغموضها إلى أن ينقرضوا أو ينقرض هذا الهراء. وهو أمر يبدو غير وارد في هذا الوقت على الأقل

ساهم في تبديد الخرافة

شارك المقال مع أصدقائك في تويتر

شارك المقال مع أصدقائك في الفيسبوك
HTML tutorial
شارك المقال مع أصدقائك في الواتسب
إعلانات- Advertisements
كوللاجن انتسيف … مركب يحتوي على المواد اللازمة لتجديد الكوللاجن الطبيعي كما يحفز الجلد على إنتاجه مما يساعد على إزالة التجاعيد الخفيفة وتقليل ظهور التجاعيد وخطوط الوجه وتقليلها ويساعد في تخفيف الأكياس تحت العين ويساعد على الحفاظ على منظر شاب. يفيد بشكل خاص الفتيات بين عمر الـ35 والـ 60 عاما
بروفوليكا … منتج لإعادة نمو الشعر وإيقاف التساقط. ينفع بشكل أفضل عندما يستخدم في بداية تساقط الشعر أو عندما يلاحظ خفة نمو الشعر. يعالج بروفوليكا السبب الرئيسي في تساقط الشعر لدى الرجال وهو زيادة افراز الدايهيدروتيستيرون. كما أنه يمنع نمو البكتيريا الضارة لبشرة الرأس ويساعد على إحياء الحويصلات
جين اف20 … يساعد هذا المنتج جسمك على افراز هرمون النمو مما يمكنه من مقاومة علامات التقدم في العمر وابطاء تسارع الشيخوخة. تناوله ينتج في مظهر أكثر شبابا وفي عضلات اكثر مرونة
كما انه يسرع الاستقلاب ويقوي الرغبة الجنسية ويساعد في مقاومة الخمول

ملاحظة : الوثنخاف مصطلح لتسمية الإله الإبراهيمي. ويتكون من شقين الأول وثن وتعني كائن تخيلي يتم افتراضه وتخيله ثم اقناع النفس بوجوده. وهو كائن أخرس ابكم أطرش اصم لا يستطيع أن يقول حتى كلمة بم. والشق الثاني خفي. وتعني غير مرئي وذلك لتمييزه عن الأوثان المرئية مثل هبل والعزي ومناة الثالثة الأخرى

شارك الآن إن لم تكن قد فعلت من قبل في إحصائية اللادينيين

إحصائية اللادينيين في الموقع

نزل الجزء الثاني من ذهان النبوة مجانا


التبرع للموقع


اضغط أدناه إذا أحببت التبرع للموقع عبر الباي بال او بطاقة الاعتماد


Donate Button with Credit Cards

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

Discover more from Quran Debate

Subscribe now to keep reading and get access to the full archive.

Continue reading