الدين وغريزة القطيع
تتحكم الجينات بالصفات الفينوتايبية لكل الكائنات. وقد تطورت الثدييات بما فيها الإنسان لتعيش في مجموعات وقطعان حيث أدى هذا الأمر فائدة تطورية ساعدت على البقاء والنجاة
واقتضت غريزة القطيع بقاء الفرد مع الجماعة بغض النظر عن صحة موقفها من عدمه. ولهذا السبب يتمسك الانسان بمعتقداته التي ورثها عن آبائه وأجداده
ونجد غالبية البشر في أي لحظة من الزمن يكونون على دين البيت الذي ولدوا فيه
إذا ولدت في مكة فأنت سني وإذا ولدت في طهران فأنت شيعي وإذا ولدت في دلهي فأنت هندوسي وهكذا
الذين يستطيعون التغلب على هذه الغريزة هم قلة وإما أنهم يمتلكون معدل ذكاء أعلى من بقية أفراد القطيع البشري الذي نشأوا فيه أو أنه أتيحت لهم فرصة العيش بعيد عن بيئة هذا القطيع
وفيما يلي سأحاول توضيح الأمر أكثر. لماذا يقوم الناس بالتمسك بما وجدوا عليه آباءهم؟ لماذا يتمسكون بما تم تلقينه إياهم أطفالا صغارا؟؟ لماذا كان الدين مجرد قدر جغرافي حيث إن ولدت في مكة لابوين سنيين فإن الاحتمال الأرجح أن تكون سنيا ولا يوجد إلا احتمالية ضئيلة جدا أن تكون يهوديا أو بوذيا؟.
عندما جاء محمد لاهل مكة قاوموا دعوته. وطوال 14 عاما قضاها بالحسنى والموعظة الحسنة لم يؤمن به سوى 70 شخصا كان نصفهم عبيدا تم اعتاقهم بواسطة ابي بكر مقابل اسلامهم.بعد ذلك صار ابناؤهم والاجيال اللاحقة المتتابعة كلهم مسلمين. ويكاد يستحيل تحويلهم الى ديانتهم القديمة مرة أخرى
.هذه ظاهرة الميل للبقاء مع القطيع أو التوافق الاجتماعي
الفكرة البشرية تميل للتشعب
لكنهم تشظوا إلى اديان فرعية جديدة كثيرة جدا. اليوم نرى الشيعة والسنة والزيدية والصوفية والسلفية والاحمدية والبهائية والاباضية والخوارج والجهادية والتكفيرية والاخوانية والاسماعيلية والنصيرية والدروز وغيرها. ظاهرة التمقطع ضمن القطيع الأصلي الأول ظاهرة اجتماعية سائدة وأية فكرة إنسانية تميل للتشظي والتمزق مع الزمن
فلماذا؟
تميل الصفات الإنسانية والخصائص البشرية إلى التنوع واالاختلاف بنمط معين
اقتضى التطور بالانتقاء الطبيعي أن تكون للكائنات الحية قدرة على تحوير جيناتها. ولولا ذلك لظلت الحياة على شكل خلية أولية بسيطة
قدرة الجهاز الجيني على التنوع والتحور والاختلاف أنتج قدرة على تغير اشكال الحياة وظهور كائنات اكثر تعقيدا من الكائنات الأولى عبر تراكم الإضافات الجينية عبر ملايين السنين
وبما أن كل صفات الكائن الحي مبرمجة جينيا فقد تنوعت تنوعا واضحا
التنوع والاختلاف الذي اقتضاه التطور بالانتقاء الطبيعي نتج عنها أمران مهمان
:
عدم ثبات صفة معينة بعينها. يمكن فهم كل صفات الكائن الحي على شكل متصل بعدي. فمثلا لون الشعر. لون الشعر يقع في مدى من الأبيض مثلا الى الأسود الغامق. يتدرج خلال هذا المتصل من الألوان. وكذلك الطول. يقع الطول الطبيعي في مدى معين. فنجده يمتد من 150 سم الى 190 سم على سبيل المثال. لذلك لا يمكن التنبؤ بطول مولود بعينه بشكل دقيق ابدا. لكن يمكن التنبؤ بوقوعه بين قيميتن معينيتن.
تميل الصفات الى التمركزحول قيمة وسطية
لنفترض ان شخصا حاول أن يختار شخصا ما بشكل عشوائي من بين سكان الكرة الأرضية أو من بين سكان مدينته ويقيس طوله.
ما هو احتمال أن يكون طول هذا الشخص 160 سم؟ بالضبط 160. ليس 160.00001 وليس 159.99999 ؟
لكي نجيب عن هذا السؤال سنلجأ لدالة كثافة الاحتمال
لنرمز لهذه الدالة بالرمز
p(x)
قيمة الدالة عند أي نقطة هي المساحة تحت المنحنى. وتعطينا احتمال هذه القيمة.
لهذه الدالة شرطان يجب تحقيقهما:
الأول:
p(x) >= 0
الثاني:

ينتج عن هذين الشرطين أن احتمال تحقق عدد معين بذاته كسؤالنا السابق هو صفر.
احتمال أن تجد في تجربتك العشوائية شخصا يحقق الرقم المحدد هو صفر.
كل الصفات البشرية تحكمها الاحتمالية. الإحساس بوجود دقة متناهية هو وهم ادراكي. في الحقيقة كل الكون تحكمه الاحتمالية. كل القيم الفلكية تقريبية. سرعة الضوء وسرعة دوران الأرض ودوران القمر وسرعتك وأنت وسرعة الطيارة وبعد المسافة الى القمر وغيرها. لا توجد قيمة واحدة دقيقة الى آخر رقم عشري.
يمثل الطول (وصفات أخرى كثيرة) حالة خاصة من دالة كثافة الاحتمال تسمى بمنحنى التوزيع الطبيعي.
توزيع الصفات الإنسانية تتبع هذا المنحنى. سواء كانت بيولوجية كالطول او ضغط الدم وقيمة سكر الدم أو عدد الكريات البيضاء او كانت نفسية كالذكاء والعصبية والميل للقلق والنرجسية وغيرها.
يتوزع الذكاء طبقا لمنحنى التوزيع الطبيعي. بمتوسط مقداره 100 وانحراف معياري مقداره 15.
خواص التوزيع الطبيعي كالتالي
المتوسط والوسيط والمنوال متساوية
احتمال ان تقع القيمة في مدى انحراف معياري واحد من المتوسط هو 68 بالمائة
وان تقع بين انحرافين معياريين هو 95 بالمائة
وان تقع بين 3 انحرافات معيارية هو 97.5 بالمائة

الثقافة الجمعية والميل لتكوين القطيع
التطور بالانتقاء الطبيعي اوجد صفة التمقطع لدى بعض الكائنات ومنها الثدييات. وكذلك الانسان. الميل للانسجام مع القطيع أمر جيني
هذه الصفة تتوزع توزيعا طبيعيا بين البشرمثلها مثل الذكاء والصفات النفسية والبيولوجية.
مال الانسان للعيش في مجموعات. كون القبيلة والجماعة والشعب والعصابة.
العيش في قطيع صفة جينية ظهرت للمساعدة في البقاء.
واقتضت صفة التمقطع أن يوحد القطيع معتقداته. ولذلك يصعب تغيير الناس عما وجدوا عليه آباءهم.
ما هو احتمال طفل ولد في مكة ان يكون يهودي الديانة؟؟
لماذا لا يستطيع الشعية اقناع المولودين في مناطق السنة بمعتقدهم؟
والعكس صحيح.
تغيير الديانة يتبع توزيعا طبيعيا. فالناس تميل الى اعتناق ما تم تلقينها.
يولد الكل ملحدين. ويقوم الوالدان باسلمتهم أو تشييعهم او اسننتهم او تصويفهم أو احمدتهم الخ قائمة الديانات الموجودة.
68%
ستتمسك بتلقينها مهما كان الدليل على بطلانها. سترقع وتماري وتجادل.
27%
ستميل للإصلاح. كالقرآنيين والعدنانيين وغيرهم. نسبة من هؤلاء قد تتحول الى اللادينية.
5%
مهيؤون جينيا لتغيير الديانة. قد ينجح 1 أو 2% منهم في ترك ديانته حسب العوامل المتوفرة.
الغالبية العظمي تقع حول المتوسط.أي أن غالبية الناس ستتمسك بمعتقدها مما كان. مسيحيا يهوديا شيعيا سنيا زيديا اباضيا احمديا قاديانيا خارجيا الخ.
فقط مجموعة صغيرة ستميل فطريا(جينيا) الى تغيير معتقداتها تقع في اقصى اليسار او اقصى اليمين. حوالي
2%.
لهذا السبب لم تنجح الأديان أيضا في القضاء على اللادينية.
من وسط أتباع محمد خرج الملحدون ايضا
ونحن نعرف عن الوليد الثاني الخليفة الاموي الذي حكم العالم الإسلامي وكان يجهر بتكذيب محمد وتمزيق القرآن.
المجموعة الواقعة في اقصى اليسار قد تغير ديانتها الى ديانة أخرى.
هذا ما حدث في مكة حين اسلم مع محمد 70 شخصا فقط طوال 13 عاما.
وفي اقصى اليمين قد تترك كل الأديان.
لكن الأمر ليس بهذه البساطة أيضا. لكي تتحرر المجموعة المستعدة فطريا من التلقين المبكر يجب ان تتوفر لها عدة عوامل:
توفر المعلومة
لذلك توفير المعلومة عن نقد الأديان وبيان اخطائها وبدائيتها مهم جدا لهؤلاء. عندما تعرف أنك لست وحدك وهناك من يفكر مثلك يسهل اتخاذ القرار. يمل الانسان للتوافق الاجتماعي ولا يريد أن يكون وحده
التحرر من الروتين التلقيني
ولذلك نجد أن الذين يهاجرون الى بلد غير إسلامي اكثر قدرة على ترك الدين ممن يظلون في بلدانهم
معدل الذكاء
الدين كما رأينا ظاهرة جغرافية وسلوك جماعي للقطيع ولذلك يتمركز حوله معظم افراد المجموعة وللتغلب على ما يتم تلقينه مبكرا كحقيقة بديهية للقطيع يجب أن يتوفر الانسان على معدل ذكاء عالي. وكما راينا الذكاء نفسه يتوزع توزيعا طبيعيا. أي أن 95% من الناس سيتمتعون بذكاء يقع بين انحرافين معياريين من المتوسط أي بين 70 و 130. معدلات الذكاء تحت 90 تدخل مراحل التخلف العقلي ولذلك لا يمكن لمن يقع في اقصى اليسار من التخلص ويبقى فقط 2% ممن يقعون في اقصى اليمين ممن يتمتعون بذكاء كاف لترك غريزة التمقطع حول الدين. وهؤلاء ليس مضمونا ان تصلهم المعلومة كلهم او يتخلصون من بقية العوامل المؤثرة
فصحيح أن هناك متدينون بمعدلات ذكاء عالية. لكن غابت بقية العوامل او توفرت عوامل شخصية أخرى كقيمة الذات والفائدة الشخصية والمكسب المادي وغيرها
لكن الصحيح ايضا أن غالبية الجهلة والاميين متدينون. وأكثر الناس تمسكا بمعتقده وتعصبا له هم أصحاب الذكاء العادي والمتدني
الغالبية الساحقة من متوسطي وقليلي الذكاء متدينون
كما أنه صحيح جدا أن غالبية الربوبيين الملحدين واللادينيين يتمتعون بذكاء عالي جدا
أثبت زكرمان أن هناك علاقة عكسية بين الذكاء والتدين. كما أثبت جرفيس أن تمتع الفرد بقدرة عالية على التفكير التحليلي تؤدي إلى ترك الدين
يتراكم الدليل العلمي من دراسات عديدة على وجود علاقة عكسية بين الذكاء والتدين
الدراسات العلمية في هذا المجال كثيرة جدا. فهناك دراسات تثبت التوافق العالي بين الذكاء والإلحاد ودراسات مقارنة بين معدلات الذكاء للملحدين مقابل المتدينين ودراسات توضح وجود خلل لدى المتدينين يجعلهم عاجزين عن اكتشاف التناقضات المنطقية ودراسات أخرى كثيرة جدا في هذا الموضوع
مستوى التعليم
لن يفيد معدل الذكاء صاحبه اذا لم تتح له فرصة للتعليم. وسيطرة الكهنوت الديني على التعليم يجعل الامر صعبا على الاذكياء الذين يملكون الاستعداد الفطري للتحرر من الدين ان يفعلوا ذلك.
عقوبة مخالفة القطيع
وهناك عوامل أخرى كثيرة جدا. كوجود عقوبة على ترك الدين
فمثلا في الطوائف الإسلامية عقوبة ترك الدين او تغييره هو الإعدام. وبما أن الغرض من الصفات الطبيعية ومن الدين نفسه كثقافية قطيع جمعية هي البقاء فقد صار ترك الدين او تغييره مناقضا للبقاء وبالتالي صفة غير مفضلة من قبل الانتقاء الطبيعي مما يعيق الامر لدى افراد هذه الطوائف حتى لو توفر الذكاء أو التعليم. ومن يفعل ذلك منهم يميل لكتمان الامر لتجنب الموت
وأيضا تقبل المجتمع. فالمجتمعات التي تميز على أساس الدين وتمارس التفرقة يقل فيها تغيير الدين حتى لا يصبح الشخص منبوذا من بقية القطيع. لأن البقاء مع القطيع صفة تطورية مهمة لبقاء الجنس. وكل ما ارتبط بالبقاء كان له الأولوية في السلوك البشري
لذلك واضح الامر جدا. ما لم يتم تحرير الطفل من التلقين المبكر للديانات فانه سيكون على ديانة ما
غريزة القطيع ستحتم عليه ذلك
فقط عدد قليل جدا يبلغ 1% سيتمكن من التخلص من تاثير التلقين المبكر ويترك كل الديانات
ساهم في تبديد الخرافة
إعلانات- Advertisements

ملاحظة : الوثنخاف مصطلح لتسمية الإله الإبراهيمي. ويتكون من شقين الأول وثن وتعني كائن تخيلي يتم افتراضه وتخيله ثم اقناع النفس بوجوده. وهو كائن أخرس ابكم أطرش اصم لا يستطيع أن يقول حتى كلمة بم. والشق الثاني خفي. وتعني غير مرئي وذلك لتمييزه عن الأوثان المرئية مثل هبل والعزي ومناة الثالثة الأخرى
شارك الآن إن لم تكن قد فعلت من قبل في إحصائية اللادينيين
نزل الجزء الثاني من ذهان النبوة مجانا
التبرع للموقع
اضغط أدناه إذا أحببت التبرع للموقع عبر الباي بال او بطاقة الاعتماد
