ردوا أيديهم في أفواههم – لغة الذهان
خلل اللغة عند المذهون تمثل العلامة الثالثة البارزة اكلينيكيا لتشخيص الاضطرابات الذهانية والفصامية. العلامة الأولى هي الإيمان بشيء لا يوجد عليه دليل. وهذه متوفرة في كل الأديان. والثانية هي الهلاوس حيث يسمع المرء أصواتا لا يسمعها أي شخص طبيعي موجود بجواره ويرى أشياء لا يراها الشخص الطبيعي. خلل اللغة أو خلل التواصل اللفظي يحدث كنتيجة لاضطراب المفاهيم والأفكار في الذهانيات
استخدام الذهانيين للكناية وللمجاز استخدام مشوه بسبب خلل التواصل اللفظي. وقد رأينا اثر الاضطراب الذهاني في التشبيهات القرآنية كما رأيناه في بناء القصة
يخلط الكثير بين الكناية والمجاز وخاصة القرآنيون والمرقعون المعاصرون للفكر الوثنخافي. والسبب أنهم لم يدرسوا قواعد البلاغة العربية أساسا وأخذوا مفهوم المجاز من اللغة الانجليزية فأسقطوه على العربية وهو ليس كذلك. المجاز عند كثير من المرقعين المعاصرين هو ترجمة حرفية للفظة
metaphor
الانجليزية ويستخدم بنفس المعنى فيها بعيدا كل البعد عن معناه الحقيقي في العربية القديمة التي هي لغة القرآن. وتم تمرير هذا المعنى للعوام الذين لا يعرفون الانجليزية ولا العربية القديمة على أساس أنه هو المعنى الفصيح للفظة ثم تم استخدامه لأغراض التدليس والترقيع
الفرق بين الكناية والمجاز
فالكناية لفظ أُريد به معنى بعيد مع جواز إرادة المعنى القريب. مثل قولنا شمر عن ساعديه. فالمعنى المقصود أنه بدأ العمل وبجدية مع جواز بقاء المعنى الحقيقي للعبارة وهو أنه ايضا شمر عن ساعديه. في الكناية هناك جانبان : فكرة مجردة وفكرة حسية. تبنى الفكرة المجردة على أساس الفكرة الحسية وذلك لأن الصورة الحسية تمثل جزءا مما يحدث في الصورة المجردة
بينما المجاز لفظ أريد به المعنى البعيد واستحال بقاء المعنى القريب صالحا لوجود قرينة وعندما يعبر عن الكل بالجزء يكون الجزء نقطة مهمة في الأمر. في المجاز يصح فقط المعنى المجازي ويستحيل المعنى الحقيقي. مثال على ذلك قول الساجع : فمن شهد منكم الشهر فليصمه. فالشهر يستحيل مشاهدته والمقصود الهلال. هذا مجاز بعلاقة السببية. ومنه قول الشاعر
كم بعثنا الجيش جرارا وأرسلنا العيونا
العيون مجاز يقصد به الجواسيس. والعلاقة هي الجزئية. العيون وحدها يستحيل أن ترسل. والعيون جزء من الجواسيس وهي جزء مهم لعلمية التجسس.وهكذا
ردوا أيديهم
في الكناية يبنى المعنى المقصود على صورة حسية تدخل ضمن الصورة. إذا قلت جرى فلان حتى تقطعت أنفاسه كناية عن شدة التعب يظل المعنى الحسي واردا وهو تقطع الأنفاس. لأن تقطع الأنفاس جزء حسي يشارك في تكوين الصورة المجرد للتعب الشديد. في الاضطرابات الذهانية يشاهد المريض صورا حسية كثيرة ليست طبيعية ولا يخبرها الانسان السليم وتسمى هلاوس بصرية. لكن المذهون لا يفرق أصلا بين الطبيعي والمضطرب فيحسبها صحيحة. ولذلك عندما يستخدمها ككناية لا يلاحظ أنها غير صحيحة. الصورة الحسية التي يستخدمها لبناء الفكرة المجردة تكون قادمة من عالم هلاوسه البصرية ولذلك يطلع بتعبير غريب شاذ لم يستخدمه أحد قبله ورفض أن يستخدمه الناس من بعده لأنه غير صحيح ولا يبدو منطقيا لهم
يقول الساجع
جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9)ابراهيم
استخدمت عبارة ردوا أفواههم في أيديهم ككناية. نستطيع أن نخمن ماذا يقصد من السياق. عدم الاستجابة. استخدمها ككناية عن عدم التصديق. هي الجزء الحسي من الفكرة المجردة لعدم التصديق. لولا أنها غير صحيحة. فلا يوجد في عدم التصديق رد اليد للفم. هي ليست جزءا من الصورة الحسية التي بنيت عليها الفكرة المجردة. الصور الحسية لعدم التصديق تتضمن النظر شزرا. الابتسامة الساخرة. هز الكتفين. رفع الحاجبين وتركيز العينين🤔أو حتى الضحك. ردوا أيديهم في أفواههم صورة حسية استجلبها الساجع من هلاوسه البصرية وخبراته الحسية المضطربة
ردوا أيديهم في أفواههم. عبارة نيولوجيزمية لا مكان لها ولا تؤدي الغرض المطلوب منها في المعنى وهو رفض دعوة الرسل والكفر بهم
الكناية جزء راسخ من كلام العرب من قبل أن يظهر محمد بقرون. مثلا نقول أسقط في يده كناية عن الندم. عض اصابعه كناية عن الندم ايضا. ما ملكت ايمانهم كناية عن العبيد والإماء. وقد استخدمت عبارة ما ملكت أيمانهم مثلا في القرآن استخداما صحيحا
لكن استخدمت عبارات أخرى استخداما نابعا من تأثير الهلاوس والضلالات واضطراب التفكير الذهاني. ومنها ردوا ايديهم في أفواههم التي استخدمت كناية عن الكفر ورفض الدعوة
في الاستخدام الصحيح للمجاز أو الكناية يكون هناك رابط بين المعنى القريب والمعنى البعيد. ويبنى المعنى المجرد دائما على الصورة الحسية في اللغة العربية وفي كل اللغات الأخرى الرسمية والعامية
فأسقط في يده مثلا استخدمت لأن الشخص يدفن راسه في يديه في تعبير لا لفظي عن الندم. وكذلك عض أصابعه لأن عض الاصابع هو تعبير غير لفظي عن الندم. لغة جسد. وما ملكت أيمانهم ايضا حيث يحق للشخص أخذ ما يملك بيمينه وعمل ما يشاء به
وفي اللغة المعاصرة نجد تعابير مثل قصف جبهة وتلقى صفعة وتعثر الخ الخ
كناية المذهون
يستخدم التعبير بالكناية عندما يكون شائعا ومعروفا للمستمعين ويتم استخدامه بكثير في معناه المقصود حيث يكون جزءا مهما من الصورة الحسية التي بني عليها الفكرة المجردة المقصودة. إذا لم يكن معروفا أو ليس جزءا من الصورة الحسية للمعنى المجرد المقصود فهو خلل في التواصل اللفظي لا يؤدي المطلوب وليس سوى شذوذ لغوي ذهاني
هذه الخواص الثلاث تمثل صلاحية التعبير بالكناية:- وجود علاقة بين المعنى القريب والمعنى البعيد– العبارة واضحة ومعروفة – استخدام ألفاظ مححدة متعارف عليها بالنص وليس مترادفات. لا يصح إيراد العتبير بالكناية بمترادفاته غير الشائعة. هذه أمور لا يعرفها الكثير على ما يبدو
وهكذا يتضح أن عبارة ردوا أيديهم في أفواههم كناية عن الكفر ورفض دعوة الرسل ليست سوى درجة من درجات اضطراب المفاهيم. فلا هي سلوك لتعبير غير لفظي عن الكفر ورفض الدعوة ولا هي عبارة شائعة تستخدم في هذا المعنى ورد اليد في الفم لا علاقة له بالكفر
طبقا للمقياس النفسي الوجيز هذه هي درجات اضطراب المفاهيم والنيولوجيزم
الآن ضعوا أنفسكم في مكنا المفسرين والمرقعين الذين وجدوا أمامهم عبارة ذهانية لكنهم يؤمنون غيبا أنها من تأليف الله وحاولوا تخمين المعنى مثلهم لكي تصبح عبارة عقلانية سليمة؟ ستفهمون تماما ما فعلوه
اضطر المفسرون إلى جعلها بمعنى عضوا أصابعهم. وكأنهم يقولون أن الساجع اراد أن يقول عضوا اصابعهم وهي العبارة المتداولة للتعبير عن الندم وليس عن الكفر وعدم التصديق . لكنها أقرب ما يمكنهم تخيله. لا يمكنهم فهم مؤلف القرآن وهم يجهلون تشخيصه الصحيح واضطرابه ويؤمنون أن المؤلف هو خالق الكون
من تفسير الطبري
حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن رجاء البصريّ قال ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله في قول الله عز وجل:( فردوا أيديهم في أفواههم ) ، قال: عضوا على أصابعهم.
حدثني المثنى قال ، حدثنا الحماني قال ، حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله:( فردوا أيديهم في أفواههم ) ، قال: عضوا على أطراف أصابعهم.
حدثنا الحسن قال ، حدثنا عفان قال ، حدثنا شعبة ، قال أبو إسحاق: أنبأنا عن هبيرة ، عن عبد الله أنه قال في هذه الآية:( فردوا أيديهم في أفواههم ) ، قال أبو علي: وأرَانا عفان ، وأدخل أطراف أصابع كفّه مبسوطةً في فيه ، وذكر أن شعبة أراه كذلك.
لاحظوا الصورة المضحكة التي أوردوها – أدخل أطراف اصابعه مبسوطة – وهي ايضا مستحيلة ولا تحدث ولكنهم يحاولون. ولقد ظهروا ايضا وكأنهم يتحدثون عن موقف واحد فقط حدث وادخل المستمع يده مبسوطة. بينما القرآن كان يتحدث عن سلوك متكرر للذين يكذبون الرسل أي عن تعبير عام ومطلق صالح لكل زمان ومكان. فمثلا لو قال فغمزوا بأعينهم لفهم الناس المقصود وظل المعنى صالحا فهو تعبير متكرر قابل للعموم والاطلاق. لكن لأن تعبير ردوا أيديهم في أفواههم نابع من صورة حسية هلوسية لم يرها أحد سوى الساجع تولد هذا الارتباك عند المرقعين قديمهم وحديثهم. فخمنوا أنه يعني عض اصابعه وتحيروا كيف هذا وعض الاصابع يكني عن الندم وليس عن الكفر والتكذيب فسكتوا عن إيراد المزيد وتجاهلوا ذلك أملا في أن يتجاهله من يقرأ لهم بعد أن شتتوه
نشأ التفسير لتحويل سجعيات القرآن المضطربة إلى كلام معقول وإخراج معنى مفهوم من عباراته الذهانية
ولهذا ارتجل وحاول المفسرون تحويل العبارة النيولوجيزمية الذهانية إلى عبارة أخرى شائعة في اللغة ومعروفة المعنى وتعبر عن الندم وليس عن الكفر وعدم الإيمان
ساهم في تبديد الخرافة
إعلانات- Advertisements
كما انه يسرع الاستقلاب ويقوي الرغبة الجنسية ويساعد في مقاومة الخمول
ملاحظة : الوثنخاف مصطلح لتسمية الإله الإبراهيمي. ويتكون من شقين الأول وثن وتعني كائن تخيلي يتم افتراضه وتخيله ثم اقناع النفس بوجوده. وهو كائن أخرس ابكم أطرش اصم لا يستطيع أن يقول حتى كلمة بم. والشق الثاني خفي. وتعني غير مرئي وذلك لتمييزه عن الأوثان المرئية مثل هبل والعزي ومناة الثالثة الأخرى
شارك الآن إن لم تكن قد فعلت من قبل في إحصائية اللادينيين
نزل الجزء الثاني من ذهان النبوة مجانا
التبرع للموقع
اضغط أدناه إذا أحببت التبرع للموقع عبر الباي بال او بطاقة الاعتماد
