white concrete houses near palm trees

ريح فيها صر


رغم إيمان العبوديين غيبا ببلاغة القرآن إلا أن المتخصصين منهم يدركون في قرارة أنفسهم أن هناك خللا ما. لكنهم يتعوذون من الوسواس ويواصلون طريقهم على درب الإيمان الأعمى الذي يعدونه فضيلة عظمى ويكبتون الشك والتساؤل ويعتبرونهما حركات شيطانية. عدم معرفتهم باضطراب الساجع وعدم معرفتهم بعلامات هذا الاضطراب ورغبتهم الشديدة أن يكون دينهم هو الحق تمنعهم من رؤية الأمر بموضوعية. ومن مواطن ظهور الشذوذ اللغوي في سجعيات محمد التشبيهات. وفي كل تشبيه في القرآن علامات ذهانية عدة. وقد ناقشنا الكثير منها في السابق ونناقش هنا تشبيه الريح ذات الصر.

فيها صر

ينجرف الذهاني انجرافا شاذا في أحد طرفي التشبيه – المشبه أو المشبه به. راينا ذلك في مقالات سابقة مثل سجعية إعصار فيه نار. الآن دعونا نرى موضعا آخر. يقول الساجع

مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ

للوهلة الأولى يبدو الأمر عاديا. لكن الناس اليوم لغتها الأم هي الدارجة ولا يمكنها إدراك الخلل بدون تفكر وتأمل. أما أهل مكة فأول ما سمعوا الساجع عرفوا التشخيص : يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون.

بل عند ضرب الأمثال بالذات كانوا يسخرون : ماذا أراد الله بهذا مثلا. لأن الغرابة واضحة.

لاحظوا عناصر التشبيه. المشبه هو المال المنفق في الدنيا. المشبه به ريح فيها صر.

الصر البرد. يعني مثل المال المنفق كريح شديدة البرودة.

إلى هنا لا يوجد وجه شبه معقول. ماذا يعني أن تقول المال المنفق مثل ريح باردة؟

يجب أن يكون هناك وجه شبه منطقي. ماذا لو قال المال المنفق مثل ريح دافئة؟.

ماذا أفادت برودة الريح؟ سنرى ما كان يريد قوله فيما يلي


التقوقع والانجراف

واصل الساجع قائلا ريح فيها صر اصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته. صار المعنى المال المنفق في الدنيا مثل ريح باردة هبت على زرع قوم ظالمين فدمرته. كلما يريد قوله هو أن المال المنفق مثل زرع دمرته الرياح العاصفة. انظروا إلى صعوبة الانتقاء التعبيري في كلام الساجع

عبارته السجعية أضاعت المعنى. بقي على الناس أن تخمنه تخمينا. لا يعني شيئا أن تقول أن المال المنفق مثل ريح باردة هبت على مزرعة معينة فدمرت الزرع. لا يوجد وجه شبه منطقي. عليك أن تخمن وتستنتج وترقع.

والتخمين سهل. فما يريد الساجع قوله وعجز عنه واضح من السياق. فهو يريد أن يقول أن المال المنفق في الدنيا لا فائدة منه. وبالتالي يمكننا أن نخمن ان مقصده أن المال المنفق لا يوجد فيه فائدة مثل زرع مدمر. ومع ذلك يظل التكلف واضحا في الترقيع.

هذا الشذوذ اللغوي الذهاني كان نتيجة لتدافع الأفكار في رأس الساجع وعدم قدرته على التثبيط الأمامي وهي علامة شائعة في لغة الذهانيين. ذلك إلى جانب صعوبة الانتقاء التعبيري الذي يحدث ايضا للمذهونين

واضح أنه لم يرد تشبيه المال المنفق بالريح بل بالزرع المدمر. كأنه يريد القول مثل المال المنفق في الدنيا كمثل زرع ذابل لا قيمة له. وكان هذا يكفي لو اكتفى به

لا يلزم المعنى كيف تدمر الزرع. الطريقة والتفاصيل المخصصة لم تكن لازمة وحولت الفكرة المجردة إلى صورة حسية. لا يعرف الناس أن هذا ما يحدث في الذهان. تتحول الفكرة المجردة إلى صورة بصرية هلوسية خاصة ومحددة التفاصيل

يفقد المذهون القدرة على التفكير المجرد وينجرف في صور حسية بسبب تولد مشاهد هلوسية. لذلك بدلا عن تشبيه المال المنفق بزرع تم تدميره تقافزت الصور في راسه وتكون مشهد هلوسي. صورة الزرع المدمر جلبت الريح وليس أي ريح ثم حرث قوم محددين صفاتهم كيت وكيت. ما ناقص إلا أن يذكر إحداثيات موقع الحرث 

شبه المال بريح باردة. قفز إلى أداة التدمير دون مقدمات وهذا هو فقدان القدرة على التثبيط وبالتالي القدرة على الترتيب الصحيح للأفكار. ثم تقوقعت الصورة حسيا فصارت ريح فيها صر. أي ريح ليس فيها صر ليست معنية. لو كانت ريحا حارة فليست معنية. ولو كانت ريحا فيها غبار فليست معنية. تحديد نوع الريح عبارة عن تقوقع صوري وهو شائع في لغة الذهانيين ولا يخدم أية غاية. فقط يحول التشبيه الذي هو تعبير مجازي مجرد إلى صورة حسية خاصة جدا.

ثم تقوقع أكثر فأكثر. فهذه الريح أصابت حرث قوم. لو اصابت بيوتهم فليست معنية. ولو أصابت قوافل تجارتهم فليست معنية. فقط حرثهم. صارت صورة خاصة جدا وبدأ الساجع يرى مشهدا هلوسيا معينا.

هذا الانجراف التقوقعي حدث لأنه يريد الوصول أصلا إلى صورة الزرع المدمر التي يقصدها من البداية

وازداد التقوقع. قوم ظلموا أنفسهم. لو أصابت حرث قوم لم يظلموا أنفسهم خرجت من الصورة. ليست هي المقصودة. ولو اصابت حرث قوم ظلموا أعداءهم وليس أنفسهم فليست معنية ايضا. صار أصحاب الحرث قوما محددين في رأس الساجع دخلوا عنوة في المشهد الهلوسي. بينما لا تفرق ابدا في الصورة لمن يعود الزرع ما دام مدمرا

فأهلكته. اكتمل المشهد الهلوسي في رأسه. مزرعة مدمرة. وهذا ما كان يريد أن يقوله من البداية : مثل المال المنفق مثل مزرعة هالكة

لم يكن يهم ما هي أداة التدمير لو كان المتحدث سليم القدرات العقلية. أكانت ريحا أم سيلا جارفا أم هو الجراد أم الجفاف أم حريق غابات. لم يكن يهم أبدا لولا أن مشهدا هلوسيا محددا قفز في دماغ الساجع وجعله ينجرف ويتقوقع في صورة حسية شديدة وضيقة

هذا التقوقع والانجراف كشذوذ لغوي ذهاني رأيناه في سجعيات كثيرة. منها سجعية إعصار فيه نار ومنها سورة همزة لمزة


سلسلة التشبيهات الذهانية


التبرع للموقع

يعتمد هذا الموقع على الإنفاق الذاتي وعلى تبرعات المتابعين. تستخدم النفقات لتغطية تكاليف استضافة الموقع ورسوم الدومين وعمليات الصيانة وأجور المبرمجين للتطبيقات الشبكية ومقابل الاستشارات العلمية. إذا أحببت اضغط على الزر أدناه للتبرع عبر باي بال أو بطاقة الاعتماد


Donate Button with Credit Cards

نزل تطبيق الموقع لأجهزة الأندرويد. معكم أينما كنتم


قناتنا على اليوتيوب



ملاحظة : الوثنخاف مصطلح لتسمية الإله الإبراهيمي. ويتكون من شقين الأول وثن وتعني كائن تخيلي يتم افتراضه وتخيله ثم اقناع النفس بوجوده. وهو كائن أخرس ابكم أطرش اصم لا يستطيع أن يقول حتى كلمة بم. والشق الثاني خفي. وتعني غير مرئي وذلك لتمييزه عن الأوثان المرئية مثل هبل والعزي ومناة الثالثة الأخرى

تعريف النبي : في الدين النبي هو شخص يسمع أصواتا لا يسمعها أي شخص طبيعي آخر حتى لو تواجد معه وقتها. ويرى اشياء لا يراها أي شخص طبيعي حتى لو تواجد معه وقتها. ويعتقد أنه المصطفى الذي يصلي عليه الله والملائكة. وهذا التعريف الديني للنبي يتوافق تماما مع التعريف الطبي للاضطراب الذهاني

شارك الآن إن لم تكن قد فعلت من قبل في إحصائية اللادينيين

إحصائية اللادينيين في الموقع

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

Discover more from Quran Debate

Subscribe now to keep reading and get access to the full archive.

Continue reading