red and gray pagoda temple

قبلة ترضاها

يتميز التفكير الذهاني بالاندفاعية وتزاحم الافكار. عندما تطرأ فكرة ما أو يلح أمر ما على دماغ المذهون ويبدأ بتحويله إلى كلام يضيع منه الترتيب الزمني, وينعدم التروي في الحفاظ على التسلسل, وتتسابق الافكار الأخيرة مع الافكار المولدة لها, وفي الحالات القصوى قد يبدأ من الحلقة الأخيرة في سلسلة الافكار وينتهي بالأولى

لكن الاندفاعية ليست فقط ما يهيمن على التفكير الذهاني. فهناك التمحور حول الذات -حيث لا يمكنه إدراك وجهة نظر الآخرين ويفسرها تفسيرا ضلاليا مثل أنهم يتآمرون عليه ويديرون الدسائس ويقصدون بها أشياء عكس ما يظهرون –  وهناك ايضا التكرار القهري للافكار -حيث يعيد ويزيد ويكرر الفكرة الواحدة مرات كثيرة حتى يقول من حوله ليته سكت. وهناك ما يسمى بــ الڤربيجرايشن وهو تكرار قهري لفكرة بعد انتهاء الفائدة منها حيث لم تعد تضيف شيئا للمعنى

كل هذه الاختلالات واختلالات أخرى هي شذوذ لغوي ذهاني وتسمى مجتمعة بخلل التواصل اللفظي أو اضطراب تنظيم الكلام وهي من العلامات الرئيسية في الاضطرابات الذهانية

Disorganized speech

الناسخ والمنسوخ

عانى ساجع القرآن من اضطراب الثبات الداخلي. وكلما طرأت على باله فكرة أو أعجبه أمر ما أو تمنى شيئا ما تبلور إلى صوت يسمعه وبسبب اضطرابه قد يعتقد أن هذا الصوت قادم من الله|الوثنخاف ليبلغه أمرا حتمي التنفيذ

ولأن أمنيات المريض الذهاني تتحول إلى هلاوس فقد كثرت هذه الحوادث. وقد وصفها وصفا دقيقا بقوله

وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53)

هذا وصف دقيق يحقق معيار التشخيص بثقة عالية. أمنية تتحول إلى إلقاء. والإلقاء هي اللفظة التي يطلقها الساجع على الاصوات التي يسمعها

إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5)

يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (223)

فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (5)

الإلقاء في كلام الساجع مرتبط بكائنات غير أرضية وبالقول و السمع ارتباطا شديدا. الإلقاء هو اسم الهلاوس السمعية لدى الساجع. الأمنية تتحول إلى هلاوس سمعية. يحمل كلام الساجع كل المعايير اللازمة لتشخيصه

تحول أمنيات الساجع إلى إلقاء (المصطلح الذي أطلقه الساجع على الهلاوس السمعية) ولد عبر الزمن أوامر متناقضة. ولحل الإشكالية كان أتباعه يلتزمون بالأخير منها ويسمونه ناسخ ويهملون القديم منها ويسمونه منسوخ. ولم يفكروا يوما لماذا الله|الوثنخاف ليس مستقرا على رأي واحد؟ هل هو يتعلم بالتجربة والخطأ ويستفيد من خبراته الخاطئة السابقة ويصححها؟

بل إنهم فعلا صدقوا أنه يستفيد من أخطائه السابقة ويتعلم ويصحح

وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ

في هذه السجعية ينسب ساجع القرآن لله|لوثنخاف أنه تعلم من أخطائه السابقة واستفاد من تجاربه الفاشلة ولم يعد يلدغ من الجحر مرتين ويصدق كل عبدة الله ذلك. أمر مثير للاهتمام

أينما تولوا فثم وجه الله

تغيير الله|الوثنخاف لرأيه مع الوقت انطبق على القبلة من ضمن أمور أخرى كثيرة

مرت القبلة بعدة مراحل. المرحلة الأولى هي قبلة اليهود. إيمانه بوجود هيكل يهودي مقدس في القدس سماه المسجد الأقصى. بدأ تغيير القبلة بأمنية شديدة عند محمد كرد فعل انتقامي من اليهود لاتهامهم له بالكذب والدجل بعد هروبه للمدينة. تحولت هذه الأمنية إلى صوت. هذا الصوت عبارة عن هلوسة سمعية لا يسمعها أحد غيره سماها وحي. وكما سنرى ألغت له الأصوات القبلة الأولى نحو القدس وسمحت بقبلة حرة غير محددة حيث قال الصوت أينما تولوا فثم وجه الله. وهذه هي المرحلة الثانية مرحلة القبلة الحرة. ثم لحقتها فترة شك وعذاب حيث ظل يقلب وجهه في السماء ليلة بعد ليلة ويتمنى بشدة وجود مكان محدد كنا سنرى لاحقا من السجعيات. وتحولت الأمنية إلى هلوسة سمعية تحقق له بالضبط ما يريد ووصفها بدقة بقوله قبلة ترضاها. كلمة ترضاها تحمل في طياتها تشخيصا دقيقا جدا. فيما يلي تفاصيل الحكاية

أولى المراحل

ظل الساجع يؤمن أن قبلة الصلاة هي نحو هيكل اليهود لمدة تزيد عن 15 عاما. وقد كان في بداية دعوته يؤمن أن اليهود والمسيحيين يصدقونه ويؤمنون به. وكان يسمي الروم بالمؤمنين. قال في سجعية مكية

الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ

وقال في مكة ايضا

الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52)

وقال في سجعية مكية غريبة

أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197)

زعم لأهل مكة أن علماء بني إسرائيل يعلمون القرآن واعتبر تلك معجزة. كان غارقا في أوهامه وهلاوسه إلى حد مذهل ولذلك سهل على أهل مكة تشخيص اضطرابه وقالوا له أنت مجنون

وقال في سجعية مكية أخرى أغرب من كل ما سبق

وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43)

كان يؤمن بوجود شخص تخيلي عنده علم الكتاب ويقول لهم روحوا تأكدوا منه. لم يتأكدوا منه ولكنهم بالطبع تأكدوا من اضطرابه العقلي ولهذا السبب هرب من مكة ولم يصدقه طوال 14 عاما سوى سبعين شخص غالبيتهم كانوا عبيدا رشاهم أبو بكر بعتقهم

ثاني المراحل

وبعد هروبه انصدم بحقيقة أوهامه. أهل الكتاب الذين اعتقد في مكة أنهم يؤمنون به لا يصدقون أن الاصوات التي يسمعها وحي. فناقض نفسه والف سجعيات يقول فيها أن أهل الكتاب كفار ولم يعودوا مؤمنين كما كان الحال في مكة. ولأن المذهون لا يستطيع تنظيم عواطفه ويهيمن عليه غضبه وحقده على معارضيه فقد غير القبلة ليخالفهم يغيظهم

وبدأ سلسلة السجعيات التي حول بها القبلة بمعالجة الصراع الداخلي. عنده الآن ضلالتان زوريتان  الأولى أن القبلة التي يريدها الله|الوثنخاف خاصته هي هيكل اليهود الذي شاهده في ليلة الإسراء. وهو مشهد هلوسي حيث صدق الساجع وجود الهيكل وسماه المسجد الأقصى وقام بوصفه للناس كما رآه في تلك الليلة. لكن لأن ما رآه كان هلاوس بصرية لا صحة لها فقد تفاجأ عمرو بن العاص عندما فتح القدس بعدم وجود مكان كالذي وصفه محمد في حادثة الإسراء المزعوم. وظن الفاتحون أنه كنيسة القيامة لكنه شك وكتب إلى عمر بن الخطاب. وذهب عمر بنفسه ليتأكد ودخل كنيسة القيامة وثبتها ومنع عمرو بن العاص من هدمها ثم خرج منها وابتعد حوالي مسافة 400 متر وصلى في العراء المفتوح حيث بنى المسلمون المسجد العمري الذي اسماه عبدالملك بن مروان لاحقا المسجد الأقصى وبنى قبة الصخرة وأسس المسجد المعروف الآن

كان الساجع يؤمن بوجود هذا الهيكل. كضلالة راسخة في دماغه من ايام جلساته مع بحيرى وورقة وغيرهما. وظهرت عنده ضلالة أخرى مناقضة لها وهي أن القبلة التي يريدها الله|الوثنخاف يجب أن تخالف قبلة اليهود. واستمر في صراع مع نفسه كما يظهر من سلسلة السجعيات

وبدأ سلسلة سجعيات تغيير القبلة في السجعية 115 من سورة البقرة التي تحيي الموتى بذيلها

وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115)

أي طبيب نفسي متمكن أو عالم نفس شاطر يمكنه فهم هذه السجعية. بدأ الساجع يتمنى تغيير القبلة عن هيكل اليهود الذين لم يصدقوا مزاعمه. وعنده اعتقاد راسخ سابق ان القبلة هي هيكلهم منذ 15 عاما. وبدأت هذه الأمنية تتحول إلى إلقاء. والإلقاء هو صوت يسمعه وحده ولا أحد غيره يسمعه. بدأ الصوت يقنعه : فاينما تولوا فثم وجه الله

نصادف ايامنا هذه بعض عبدة الله الذين يدافعون عن التوجه نحو مكعب أسود من الحجارة بالقول ان القرآن أصلا أباح التوجه لاي مكان. والحقيقة هذه السجعية نسخت. هذه السجعية كانت الخطوة الأولى في تحقيق أمنية الساجع بمخالفة اليهود وإغاظتهم وعدم الصلاة نحو قبلتهم. فاباح التوجه نحو أي مكان آخر. لم تكن بعد فكرة الكعبة قد تبلورت كضلالة راسخة. شرع قبلة حرة لأن كل همه الآن هو إلغاء التوجه نحو هيكل اليهود

ما ولد الإرباك لدى عبدة الله في فهم هذا التسلسل هو عدم إدراكهم لذهانية المؤلف وعدم معرفتهم بالعلامات الذهانية وطريقة التفكير الذهاني. أشرنا في البداية لعلامة مهمة هي التمحور حول الذات. التمحور حول الذات يجعل المذهون غير قادر على رؤية الصورة كاملة ويجعله غير قادر على فهم وجهة نظر الآخرين كما يجعله غير قادر على الحفاظ على الثبات الداخلي لحجته

مثلا يمكنه أن يبرر عدم تصديق الناس له بأن الله شاء ذلك وليس بأنه لا يملك دليلا فيقول معبرا عن ذلك

وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107)

لو شاء الله ما أشركوا. برر لنفسه عدم إيمانهم. السبب هو أن الله لم يشأ. جملة بسيطة وواضحة لا تحتاج أي تأويل وتلاعب لفظي يعتم وضوحها

لكنه مضطرب لا يدرك الابعاد الكاملة لهذه الحجة. ولا يستطيع الثبات عليها إذا عارضت استنتاجاته لاحقا. وهذا ما حدث حين استخدمها خصومه عندما كرر مزاعمه على أسماعهم فقالوا له لماذا تتعب نفسك وأنت تعرف أن الله لم يشأ أن نؤمن ولو أنه شاء ما أشركنا كما زعمت أنت بنفسك. فجن جنونه وسارع على الفور إلى نسخها ومناقضتها بسجعية أخرى :

سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا …… قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148)

هل اتضح لكم الخلل؟ هذا ما يعرف علميا بفقدان الثبات الداخلي

Lack of internal consistency

وهو شائع جدا في جدليات المذهونين وتبريرهم لأوهامهم ومعتقداتهم الخاطئة

وهو نابع عن التمحور حول الذات. حيث يبرر أوهامه بما يناسب معتقده ولكنه لاحقا لا يلتزم بالقاعدة التي أنشأها بنفسه لتبرير ضلالته في موضع آخر

وهذا ما حدث في تحويل القبلة. فعندما أراد اقناع نفسه بعدم الالتزام بموطن اليهود المقدس كقبلة برر ذلك قائلا :

وأينما تولوا ثم وجه الله

ثالثة المراحل

وبعد أن اكتملت ضلالة التوجه لمكة نسخ هذه القاعدة وناقضها وجعل الصلاة عمدا نحو مكان غير مسقط راسه باطلة وجعل تحري القبلة شرطا اساسيا لصحة الصلاة. فقط إذا تحريت وأخطأت قد تقبل صلاتك. أما عند التوجه عمدا نحو مكان آخر وأنت تعلم اتجاه الكعبة فصلاتك باطلة وربما أنت كافر

إذن بدأ تحقيق امنيته بعدم موافقة اليهود في القبلة بإباحة التوجه إلى اي مكان آخر وتشريع قبلة حرة. واستمرت ضلالة التوجه نحو مكة بالتطور حتى عادت لقبلة واحدة فقط وهي الكعبة.

جدير بالذكر أن الساجع لم يدرك تغير الليل والنهار ولا كروية الأرض وظن كل الأماكن مثل يثرب. عندما حاول سدنة معابد الله|الوثنخاف في أمريكا الشمالية تحديد القبلة وجدوا أنه ليس للقبلة معنى. هم في الجهة الثانية من الكرة. أي توجه سيتهي في الفضاء الخارجي. فاتفقوا كلهم على التوجه شمال شرق عبر الدائرة الكبرى لموقعهم مع مكة من أي مكان. إن كنت في فانكوفر شمال كندا فلن تتجه جنوب شرق بل نحو القطب الشمالي ومن هناك ستسحبها الملائكة بحبل إلى الكعبة. وإذا كنت في جنوب الأرجنتين فقبلتك ايضا شمال شرق. للمزيد عن هذا الخطأ في الرابط التالي

وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ

تبلورت الفكرة. وقرر التخلي عن  :اينما تولوا فثم وجه الله إلى :وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره

لكن عند سرده للصوت الذي سمعه على شكل كلام مسجع ظهرت الاندفاعية. فبدأ من الآخر للأول بترتيب معكوس للأحداث والاهتمامات

بعد أن ابطل التوجه نحو اورشليم القدس في السجعية 115 عاد بعد حوالي 26 سجعية وتسببت اندفاعيته إلى الابتداء بالاهتمام بكلام الناس وسخريتهم من تغييره للقبلة وليس كما هو متوقع من الشخص السليم بذكر تغيير القبلة إلى مكة أولا ثم الإجابة على الانتقادات

بدأ فجأة وبدون اية مقدمات مشغولا بكلام الناس. وهكذا الذهانيون لأنهم يعانون من حساسية زائدة تجاه نوايا الناس ونظرتهم بسبب ضلالات المؤامرة التي تسيطر عليهم. اندفع تحت ضغط كل هذه الأوهام والمشاعر قائلا

سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142)

سيقول السفهاء… يتنبأ ويتوقع. لم ينتظر حتى يقولوا فعلا. سبقته هلاوسه. شغل باله ما سيقوله الناس. حتى قبل أن يوضح للناس أنه تم تغيير القبلة وقبل أن يوضح من أين تم تغييرها وإلى أين بدأ بالصراخ والعويل سيقول السفهاء. قبل أن يقولوا استبق الأمر وقال سيقول السفهاء. يعيش المذهون في توجس وريبة غارقا في أوهام المؤامرة معتقدا أن الكل يتحدث عنه من وراء ظهره. سيقول السفهاء. وفي آخر اليوم ربما لم يقل أحد شيئا

ويبين وصفه لخصومه بالسفهاء كمية الغضب والحقد والغيظ من كلامهم وتعجبهم. وهو الغضب والحقد الذي تبلور لاحقا إلى سلوك عنيف وإبادة جماعية لليهود

ويظهر التمحور حول الذات مرة أخرى. فقد قال مجيبا عن تنبؤه ووساوسه : لله المشرق والمغرب مبررا تغيير القبلة من بيت المقدس لكنه لم ينتبه أن هذا يعني أنه لا يجب أن يفرض مكة ايضا فلله المشرق والمغرب. بل بناء على تبريره هذا لا يجوز فرض اية نقطة محددة كقبلة أيا كانت. لكن كما وضحت سابقا يتمحور الذهاني حول ذاته ويرى فقط جزء الصورة الذي يهمه ولا يمكنه رؤية الصورة كاملة كما لا يمكنه الحفاظ على الثبات الداخلي للحجة فلو استخدمت ضده ينسخها وينقضها ولا يستطيع فهم وجهة نظر الآخر. يمكن لأي شخص أن يصلي نحو طوكيو ويقول له أنت تتعجب من تغيير القبلة من مكة؟ لله المشرق والمغرب وأينما نولي فثم وجه الله. لا يمكنه كمذهون إدراك شمولية الحجة والقاعدة ويفهم فقط أنها صالحة للتغيير من القدس لكنها قاعدة باطلة إذا استخدمت للتغيير من مكة. وهكذا هو التفكير الذهاني

  ما جعلنا القبلة

ويظهر الارتباك الشديد في السجعية التي تليها. يحاول جاهدا اقناع نفسه بالتغيير وبناء حجة مقنعة. لقد كان هناك صراع رهيب يدور في نفسه. خشي أن يتهمه أتباعه بالكذب ويتركون تصديقه كما حدث في مكة. وهذا بالنسبة له جرح لم يبرأ بعد. يقول في السجعية 143 ما يلي

وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ

تظهر عدة علامات ذهانية هنا. شذوذ لغوي ذهاني. وارتباك بناء الحجة. والتهوين والتضخيم. دعونا نفككها نقطة نقطة

ما جعلنا القبلة التي كنت عليها : هل هذه جملة مفيدة هنا؟

تصبح جملة مفيدة إذا الفعل جعل فعل تام. يمكن للفعل جعل أن يكون تاما وأن يكون ناقصا. إذا كان تاما يكون معنى جعل هو خلق

وبالتالي يصبح معنى السجعية : ما خلقنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول

وهذا المعنى يحمل علامات ذهانية عديدة. أولها أن القبلة فكرة مجردة وهي عبارة عن اتخاذ اتجاه محدد. يظهر هنا خلل القدرة على التفكير المجرد وسيطرة التفكير الحسي. حيث صارت القبلة تعني المكان نفسه وليس فقط اتخاذ اتجاه محدد. مثلا الكعبة مكان وليس قبلة. القبلة هو اتخاذ الاتجاه نحو الكعبة للصلاة. يمكن ان نقول خلق الكعبة لكن لا نستيطع أن نقول خلق القبلة. لكن التفكير الذهاني تهيمن عليه الحسية وتضطرب فيه القدرة على التفكير المجرد

وثانيها أنه إذا كانت جعل فعلا ناقصا هنا فالجملة غير مفيدة لغياب الخبر. كان عليه أن يقول وما جعلنا القبلة التي كنت عليها شرطا لصحة الصلاة إلا لنعلم الخ. أو وما جلعنا القبلة التي كنت عليها فريضة إلا لنعلم هكذا.

وفي كلتا الحالتين ظهرت علامات شذوذ لغوي ذهاني سنكتمل شرحها في هذا المنشور. والشذوذ اللغوي أمر شائع جدا في اللغة الذهانية

لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ

وثالثها تفسيره للحكمة من القبلة السابقة حيث يزداد الشذوذ ظهورا والاضطراب بروزا مع توضيح السبب وبيان حكمة القبلة التي استمر علهيا 16 عاما. الحكمة الإلهية المذهلة التي من أجلها جعل القبلة التي كان عليها

وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ

يظهر الله|الوثنخاف الذي يعبده محمد وكأنه كائن بشري عديم الحيلة لا يمكنه علم الغيب ولا معرفة من يتبع ومن ينقلب على عقبيه دون الحاجة لاختبار الناس ونصب الفخاخ لهم

لم يكن يعلم. ويحتاج لأن يعلم. هذه هي الحكمة. الحكمة من جعل القبلة التي كنت عليها من أجل أن يعلم الوثنخاف من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه. وهناك شيء آخر

يظهر هنا شذوذ لغوي شديد. فالحقيقة أنه لا معنى لجعل القبلة القديمة التي كان عليها سببا ليعلم الله|الوثنخاف من يتبع ومن ينقلب. القبلة الجديدة هي التي تصلح طريقة يتعلم منها ويعرف من يتبع ومن ينقلب. المنطقي أن الله|الوثنخاف عندما فرض القبلة الجديدة سيتمكن من العلم من يتبع ومن ينقلب وليس من القبلة السابقة التي استمرت 16 عاما وقد علم كل شيء عنها منذ زمن. يرقعونها ان قصده أن الله|الوثنخاف لكي يتمكن من معرفة من يتبع وينقلب وضع فخا…. قال لهم صلوا نحو القدس وبعد 16 عاما قال لهم القدس خطأ الصح مكة وظل يتفرج من يتبع ومن ينقلب. منطق مذهون لا غشاوة في اضطرابه

القصة بمجملها ارتباك. فحجة ليعلم من يتبع ومن ينقلب تهديد مبطن لأتباعه. كان يشك في نواياهم كعادة كل المذهونين الذين تسيطر عليهم ضلالات الريبة والشك. وعندما تكون الضلالة شديدة يتم التعبير عنها تلقائيا كما حدث هنا. وعندما تكون خفيفة يمكن للمريض كتمها

من يريد أن يعلم ويتأكد هو الساجع نفسه الذي تؤرقه شكوكه وليس الوثنخاف. لكنه يسمع أمنياته على شكل أصوات. هلاوس سمعية. وهذه الهلاوس تخاطبه أحيانا بصيغة المخاطب وتقول له أنت وأحيانا بصيغة الغائب وتقول هو

لذلك قال في أول السجعية : وما جعلنا القبلة التي كنت عليها (أنت) – صيغة المتكلم , ثم انتقل إلى صيغة الغائب : إلا لنعلم من يتبع الرسول (هو) – صيغة الغائب

الشخص السليم كان ليقول : ما جعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم من يتبعك … وهكذا

وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً

ويظهر التضخيم لشيء صغير لا أهمية له. يكثر هذا الأمر عند المذهونين الذي يضخمون ما يقلقهم. الشك يصبح فكرة وسواسية ملحة تثقل كاهل المذهون. إنه يعتقد أن الناس ستشك في صدقه بسبب تناقضه كما حدث في مكة. حدث له صدمات كثيرة هناك من مواقف مشابهة, كان يغير رأيه فينتبهون لتناقضه ويتهمونه بالجنون. عاد الخوف من رأي الناس فيه مرة أخرى. ولذلك تظهر الاندفاعية الشديدة ويستبق الأحداث. وهذا كله قبل أن يبدأ باعطاء الأمر بتغيير القبلة وتسمية مكان القبلة الجديدة. ما زال منشغلا بكلام الناس أو بالاصح بما يتوقعه ويعتقد أن الناس ستقوله : سيقول السفهاء الخ …. وهو الأمر الذي لم يحدث ولم يقله أحد ولم يسمع إلا داخل دماغه لا غير. يقول مضخما الأمر

وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ

ما هي التي كانت كبيرة؟ وما هو الكبير فيها؟ هناك قوم صدقوا كل ما تدعيه. قلت لهم قالت نملة يا أيها النمل فصدقوك. لا يوجد اي شيء كبير هنا. هم لا يهمهم أي مكان ما داموا يصدقونك. فما الذي تخشاه ويقلقك لهذا الحد؟

إنها المخاوف والضلالات التي تأكله وتقض مضجعه. ضلالات الريبة والمؤامرة والإشارة والتهامز والتلامز التي عاش وهو يعتقد أن الناس تمارسها ضده حتى أنه أفنى قبائل كاملة بسببها كما فعل مع بني النضير وبني قريظة وبني المصطلق

وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ

ما الداعي لهذا القول؟ لاحظ كيف انتقل الكلام من صيغة المفرد إلى صيغة الجمع. وهذا شذوذ لغوي ذهاني ايضا. لكن الأهم ما الداعي لهذا القول؟

إنه الصراع النفسي الداخلي للمذهون وتصادم الافكار مع بعضها. ويمكننا فهم سبب قوله هذا ببساطة : لقد ألغى قبلته السابقة التي استمر عليها معظم حياته. وبما أنه ربط صحة الصلاة بشكل وثني شديد بالاتجاه عند أدائها فهذا يعني أن إيمان 16 عاما قد ذهب سدى

ومرة أخرى تمنى لو أن هذا الشيء غير صحيح . ومرة أخرى تحولت الأمنية إلى صوت وهلاوس سمعية : لك هذا – ما كان الله ليضيع إيمانكم : لقد تم احتساب الهدف وأكده الڤار

ثم يظهر تفكيره الذهاني بأوضح صورة في ختام السجعية

إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ

الله|الوثنخاف سيحتسب صلاتكم نحو القبلة الخاطئة لستة عشر عاما سابقة لأنه رأف بكم ورحمكم وليس لأنه أخطأ حين أعطاكم القبلة الخاطئة وليس لأنه فشل في إخباركم بالقبلة الصحيحة منذ البداية وليس لأنه كان ينصب لكم فخا ليعلم من يتبع ومن ينقلب

يحمل الناس مسؤولية التوجه نحو قبلة خاطئة هو من أمرهم بها أصلا ويمن عليهم بأنها سيحتسبها لهم لأنه رؤوف رحيم بهم. منتهى الجنون

لا يمكن أبدا لمن يقرأ هذه السجعيات ولا يفهم اضطراب محمد أن يمتلك أدنى قدر من الذكاء. من لم يستطيع تبين اضطراب محمد من تأمل سجعياته شخص غبي مع احترامي. من يقرؤها كطقس دون تأمل ودون فهم لا بأس. لكن من يتأملها ولا يفهم اضطراب محمد شخص غبي مهما تظاهر بالعكس وغالط نفسه

تقلب وجهك

وبعد طول انتظار وبعد أن بدأ من آخر السلسلة وصل أخيرا للنقطة المطلوبة في السجعية 144 من سورة البقرة الصفراء الفاقعة

قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)

تؤكد هذه السجعية العلامة الذهانية المهمة التي تحدثنا عنها سابقا كما تحدثنا عنها في موضوع الآيات الشيطانية وهي تحول الأمنية إلى صوت هلوسي

فلنولينك قبلة ترضاها : هكذا عبر الساجع عن تحول أمنيته إلى هلاوس سمعية…. قبلة ترضاها: هناك أمنية وهاهي تتحقق لكي ترضى نفسك. قوله ترضاها يوضح بسهولة بداية الأمر كأمنية وانتهائه كصوت يسمعه وحده

قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ : يؤكد هذا المقطع ما شرحته لكم سابقا من حالة الصراع النفسي الشديد الذي عاشه وتسبب له بالضغط الذي ظهر كما رأينا في تشوش الترتيب وارتباك الحجة والانشغال الوسواسي بكلام الناس والخوف من معاناة مكة من جديد. تقلب وجهك في السماء. يشير هذا إلى ليال عديدة كان الساجع يتقلب فيها ويتململ من العذاب والحيرة والضيق وينظر في السماء شرقا وغربا وشمالا وجنوبا. يقلب وجهه في السماء. يتمنى وينتظر الصوت. كما يبرهن هذا القول على المراحل المرتبكة : في البداية إلغاء قبلة القدس ثم إباحة التوجه لاي مكان إلى أن وصل أخيرا لقبلة يرضاها وقوله قبلة ترضاها توحي  ايضا بخيارات عدة تردد فيها ولم يرض عنها حتى استقر على مكة

وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ : تم فرض التوجه نحو الكعبة. تحولت القبلة من الموطن المقدس لليهود إلى مسقط راسه. صلوا الآن نحو مضارب قريش

كان هذا ترسيخا للعبودية التي يريدها من الناس. مرغوا جباهكم في التراب خمس مرات نحو مرابض إبلي ومضارب قومي. العبودية هي اساس الدين : وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون والطقوس الوثنية نحو الأحجار والمباني هي الوسيلة الأقوى للسيطرة على العبيد وغرس الذل والمهانة في نفوسهم

ولذلك عبدة الله|الوثنخاف هم الأكثر ذلا. ترتعد فرائصهم من مجرد التفكير في حقيقة مستعبدهم. ترتعد فرائصهم من انتقاد كاهنهم أو تصويره أو رسمه بكرتون. عبدة الله|الوثنخاف هم الفئة الأكثر خضوعا وخوفا وعبودية من كل عبدة الأوثان سواء عبدة الوثن الواحد غير المرئي مثل الرب أو يهووا أو عبدة الأوثان المتعددة المرئية وغير المرئية

هذه السجعية نسخت قوله وحيث ما تولوا فثم وجه الله وحددت مكانا واحدا فرض عليهم التوجه نحوه أينما كانوا : وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره

وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ :هذا انشغال وسواسي شديد بما سيقوله الناس وخاصة اليهود. هناك شك وريبة تزلزل أعماقه وتقوم هلاوسه بطمأنته : هم فقط معاندون إنه للحق من ربك وهم يعلمون الخ الخ الخ

كيف يعلم اليهود أن هذا هو الحق؟ كيف يعلمون أن تغيير القبلة للكعبة هو الحق وهو نفسه لم يعلم بذلك لمدة 16 عاما منذ سمع أول الاصوات؟ لو كانوا يعلمون أن الكعبة هي القبلة الحق فلماذا لم تعلم أنت ذلك معظم حياتك؟

هو نفسه كان يؤمن أن قبلة اليهود هي الحق لمدة 16 عاما والآن بعد أن غيرها فجأة يؤمن إيمانا راسخا أن اليهود يعلمون أن التوجه شطر مكة هو الحق؟

لا أعتقد أن شخصا يتأمل سجعيات محمد ولا يتبين له اضطرابه العقلي يتمتع بأي قدر من الذكاء

خشبة الحبس حبست

ويظهر أثر الضغط النفسي الكبير على كلام الساجع في المقاطع اللاحقة

وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (145)

الهلاوس تواصل دورها في طمأنته. تؤكد له أن عدم تصديق اليهود له ليس سببه أن كلامه خاطئ بل لأنهم يتآمرون عليه. الريبة وضلالات المؤامرة تنخر وجدانه نخرا شديدا

هذا هو نفس تبريره لعدم تصديق أهل مكة لكن بصورة أخرى : ولو شاء الله ما اشركوا

وظهرت علامة التكرار القهري للالفاظ ما تبعوا قبلتك – ما أنت بتابع قبلتهم – ما بعضهم بتابع قبلة بعض – ولئن اتبعت اهواءهم الخ الخ

نفس العلامة في مكة : لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما اعبد ولا أنا عابد ما عبدتم

كلام الذهاني نمطي. ويتكرر بتكرر الحدث الضاغط. كما حدث هنا بالضبط

تكرار قهري لا يضيف شيئا للمعنى ولم يعد له حاجة

وتبرز النمطية الذهانية في المقطع اللاحق

الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)

يعيد نفس الجدلية. نفس الهلاوس المطمئنة في مكة. هم يعرفونه حق المعرفة لكنهم يكتمون لأنهم يعشقون النار ويحبون الحريق في جهنم. ضلالات وأوهام يقنع بها نفسه ويفرضها على أتباعه

لكن الاثر الذهاني لا يخفى ويسيطر على الكلام. فهنا ترد الإشارة إلى غير موجود

فمن هو هذا أو ما هو هذا الذي يعرفونه كما يعرفون ابناءهم؟ من هذا الشخص أو ما هذا الشيء؟

هذه إشارة إلى غير موجود. وهذا منطق عنزة ولو طارت. فهو لم يكترث باثبات ادعائه بأنهم فعلا يعرفون هذا الشخص\الشيء الخفي وفرض أنهم فعلا يعرفونه بمنطق هذي العلبة فيها فيل

لكنهم يكتمون. هذه ضلالة المؤامرة. هذا هذيان زوري. هم يعرفون لكنهم ينكرون ويكتمون. وهذه العلامة هي أساس تشخيص الاضطرابات الذهانية لمن لا يعلم

الإشارة إلى غير موجود تكررت كثيرا في سجعيات محمد. ناقشنا بعضها في مواضع أخرى

التكرار القهري

ثم غرق الساجع إلى أذنيه في الوجهة والتولية. استمر يكررها حتى قالوا ليته سكت. وهذا التكرار القهري كثير في سجعياته وفي أحاديثه. وهناك أحاديث كثيرة عند السنة والشيعة يقولون فيها بالنص : وما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت

من فتح الباري في شرح صحيح البخاري

2511 عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا قالوا بلى يا رسول الله قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين وجلس وكان متكئا فقال ألا وقول الزور قال فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت [ ص: 311 ]

ومنها قوله : فباي آلاء ربكما تكذبان وقوله ويل يومئذ للمكذبين حيث كررهما حتى قالوا ليته سكت

وفي سورة البقرة الصفراء الفاقعة كرر الوجهة وولوا وجوهكم حتى قالوا ليته سكت

ففي السجعية رقم 148 يقول

وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)

وجهة موليها. تكرار قهري.ويعاوده الشك والريبة ويحتاج للتطمين المستمر من قبل هلاوسه السمعية. يقول في السجعية 149 ما يلي

وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ ليمِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149)

ول وجهك. مرة أخرى. ويطمئن شكوكه وريبته : إنه للحق من ربك. لقد كان الشك ينخره

ثم يعود في السجعية التي بعدها مباشرة ويقول

وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ….(150)

عك وترفيس. فول وجهك. من جديد. ظل يكرر ويعيد

ويظهر مرة أخرى الانشغال الوسواسي القهري بكلام الناس في تكملة السجعية وبيان الحكمة الوثنخافية المزعومة من الترفيس

لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ150

لا تخشوهم واخشوني : رعب شديد لديه من كلام الناس واحتمالية تأثيره على أتباعه. جرح مكة ما زال يؤلمه وصدمة أهلها وتشخيصهم له بالجنون ما زال يرعد فرائصه ويقض مضجعه. لا تهتموا لكلام الناس ولا تخشوهم. إنه مرتعب من أن يكتشف أبتاعه أنه مجنون كما حدث في مكة وأن ما يسمعه هلاوس لا حقيقة لها

ويختتم هذه النوبة بتشبيه ذهاني مضطرب حيث يقول في السجعية رقم 151 ما يلي

كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151)

لا يوجد مشبه به. فقط أداة تشبيه : كما. ومشبه أرسلنا فيكم. وبالتالي لا يوجد وجه شبه. هذا الفراغ ملأه المفسرون بفتح اقواس ووضع مشبه به ووجه شبه مناسبين

السجعيات من رقم 152 تقفز لمواضيع أخرى وتروي صورا ذهانية أخرى من اضطراب مؤثن العرب

فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)


نزل تطبيق الموقع لأجهزة الأندرويد. معكم أينما كنتم


قناتنا على اليوتيوب



ملاحظة : الوثنخاف مصطلح لتسمية الإله الإبراهيمي. ويتكون من شقين الأول وثن وتعني كائن تخيلي يتم افتراضه وتخيله ثم اقناع النفس بوجوده. وهو كائن أخرس ابكم أطرش اصم لا يستطيع أن يقول حتى كلمة بم. والشق الثاني خفي. وتعني غير مرئي وذلك لتمييزه عن الأوثان المرئية مثل هبل والعزي ومناة الثالثة الأخرى

تعريف النبي : في الدين النبي هو شخص يسمع أصواتا لا يسمعها أي شخص طبيعي آخر حتى لو تواجد معه وقتها. ويرى اشياء لا يراها أي شخص طبيعي حتى لو تواجد معه وقتها. ويعتقد أنه المصطفى الذي يصلي عليه الله والملائكة. وهذا التعريف الديني للنبي يتوافق تماما مع التعريف الطبي للاضطراب الذهاني

شارك الآن إن لم تكن قد فعلت من قبل في إحصائية اللادينيين

إحصائية اللادينيين في الموقع


التبرع للموقع


اضغط أدناه إذا أحببت التبرع للموقع عبر الباي بال او بطاقة الاعتماد


Donate Button with Credit Cards

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

Discover more from Quran Debate

Subscribe now to keep reading and get access to the full archive.

Continue reading