stylish woman standing near wind generator

امرأة عمران – ذهانية الإحساس بالزمن

ارتكب الكهنوت خطيئة كبرى بحق اللغة والمنطق والاستقراء. فبدل أن تكون اللغة وسيلة للوصول إلى الحقيقة قاموا بتحويلها إلى كائن زئبقي مرواغ للمجادلة والتشويش ولوي عنق الحقائق وتمرير الأكاذيب. وقاموا باغتيال المنطق والاستقراء بفرض المغالطات المنطقية كوسائل صحيحة

وتم إغراق سوق الدين بافتراضات يجب تصديقها وادعاءات يجب الإيمان بها دون دليل. وطوعت اللغة لخدمة هذه الافتراضات بدل تمحيصها وتفنيدها

المذهون والزمن

يعاني المذهون من اختلال القدرة على إدراك التسلسل الزمني وتختلط عليه الأحداث فيدخل الماضي في الحاضر والمستقبل في الماضي. وعند بنائه لقصة في الماضي لا يستطيع الحفاظ أبدا على تسلسل الزمن وتظهر في الحاضر والمستقبل ايضا وتتداخل أحداثها مع الأمور التي حدثت خارج زمنها أصلا.

فمثلا لنقل أنه يريد أن يحكي قصة موسى ويصف حدثا زمنه قبل تلقي موسى للوحي. سنجده ينسى ذلك ويتحدث عن موسى وكأنه قد تلقى الوحي فعلا

وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (15) قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16) قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ (17)

هذا المقطع يكفي لوحده لمعرفة اضطراب الساجع. فهذا الموقف كان قبل أن يأتي بقبس من النار ويسمع صوتا يكلمه من النار في الواد المقدس طوى. لكن الساجع نسي التسلسل الزمني وأظهر موسى وكأنه قد تخاطب مع إنسان النار فعلا

وبدل أن يبحث الكهنوت عن الحقيقة عما إذا كان الساجع يتلقى رسائل فضائية فعلا أو هي هلاوس سمعية نجده يبحث عن الترقيع المناسب والجدلية الضرورية لتلافي الزلة ويضع افتراضات مسبقة من مخيلته بالجملة فيفترض مثلا أن موسى كان أصلا مؤمنا بل مسلما وليس فقط مؤمنا وكانت كل أسرته مسلمة وهو يعرف كل هذه الأمور.

هذا الافتراض المسبق ومخادعة الذات يحرمهم ويحرم أتباعهم من الوصول للحقيقة ويجعلهم يظلون غارقين في الوهم والافتراضات

قام الكهنوت باغتيال عملية الاستدلال الصحيحة عبر العصور. وبترسيخ طريقة ترقيعاتهم للنشء الجديد قتلوا فيه القدرة على الاستقراء الرياضي الصحيح والقدرة على الاستتاج المنطقي الصحيح فنشأت أجيال تعيش في مغالطات الافتراض المسبق ووهم الترقيعات وكل جهدها هو أن تبحث عن ترقيع وجدلية مناسبة للاستمرار في الوهم وليس معرفة الحقيقة

المشاهد الهلوسية واضطراب إدراك الزمن

لاحظوا قوله في هذه السجعية

وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81)

خلط زمنه وزمن الأنبياء وجعل نفسه يأتي للأنبياء وهم يصدقونه ويؤمنون به

أود الاشارة ايضا لشذوذ لغوي ذهاني في بداية السجعية وهو قوله : لما آتيتكم

العبارة شاذة ونشاز وتعمق مشكلة التواصل اللفظي لدى الساجع. ولذلك سببت اختلافا شديدا عند الإصلاح بالتأويل. هي تعبير نيولوجيزمي شاذ ليس إلا

طبعا يمكن تخمين المعنى العام من السياق. وهذا مثلما يستيطع اقارب المذهون معرفة معنى كلامه حتى لو كان مضطربا من السياق فقط رغم تركيبة الالفاظ الذهانية الشاذة

المعنى المخمن : أخذ الله عهدا على الأنبياء مقابل ما أعطاهم من كتاب وحكمة أنه إذا جاءهم رسول ..الخ .. فعليهم الإيمان به

لكن الفارق اللغوي بين المعنى المخمن لجعل الجمل عقلانية وبين النص الأصلي فرق شاسع جدا

بدأ الكلام بصيغة الغائب : أخذ الله ميثاق النبيين وليس أخذتُ. ثم انتقل لصيغة المتكلم لما آتيتكم. واستخدامه لما وبفتح اللام نيولوجيزمي ويخربط المعنى. كيف لما آتيتكم. يصر الترقيعيون أنها تعني مقابل ما آتيتكم. وهذا ممكن فقط إذا كانت لِما بكسر اللام وليس لَما بالفتح

وبعد ذلك استخدم حرف العطف ثم. وثم لا مكان لها هنا. كيف لما آتيتكم الكتاب ثم جاءكم؟ الجملة مضطربة حد الجنون.  ثم جاءكم شاذة ونشاز بعد لما آتيتكم. يتم التغاضي عن ذلك وتصويره على أنه بلاغة لا يفهمها إلا الله والراسخون

ويبلغ الجنون قمته حين جاءت بصيغة الماضي … ثم جاءكم. وليس إذا جاءكم. يتحدث وكأنهم فعلا جاءهم. فمن هم الأنبياء الذين جاءهم محمد؟

يتصرف الكهنوت كالأمن السياسي في البلدان العربية والإسلامية. يوجهون الادعاء والتهمة للشخص وعليه أن يعترف بذلك غصبا عنه تحت التهديد والوعيد. فالحقيقة أن الله لم يأخذ العهد المزعوم ولم يعقد معاهدة مع الأنبياء المزعومين ولم يجئهم رسول مصدق لما معهم. كلها ادعاءات تقدم على أنها واجبة التصديق ولا يلتزم المدعي بتقديم البرهان

مرة أخرى يظهر لنا اضطراب القدرة على التواصل اللفظي السليم في كلام الساجع

لكن الخلل ليس فقط في شذوذ اللغة الذهاني بل ايضا في الصورة الإدراكية. فهي تظهر لنا مشهدا هلوسيا لم يحدث إلا في مخيلة الساجع. فعن اي أنبياء يتحدث؟ من الأنبياء الذين جاءهم رسول مصدقا لما معهم؟ متى حدث هذا؟ وكيف يمكن لهذا أن يحدث إذا كان قد زعم أنهم قد ماتوا في الماضي السحيق قبل ظهوره ليختمهم

ليس للعبارة معنى عقلاني إلا إذا كان يقصد بالانبياء أبا سفيان وابا الحكم والوليد بن المغيرة

وليس فقط جاءهم. بل ايضا : لتؤمنن به ولتصدقنه. شيء مضحك فعلا

هذا مشهد هلوسي رأى فيه محمد الله وهو يعقد معاهدة مع إبراهيم ويعقوب وموسى ويسوع لتصديقه والإيمان به. هو عرض من أعراض إصابته بذهان النبوة. يرى المذهون أشياء لا يراها أحد غيره ويسمع أصواتا لا يسمعها أحد غيره

ذهانية المشهد الهلوسي واضحة. ألم يقل أنهم مسلمون وجاءوا بالاسلام وأن ابراهيم مثلا كان حنيفا مسلما؟ إذن لماذا يحتاجون أن يؤمنوا به ويصدقوه ولماذا يحتاجون أن يرسل لهم رسولا وهم اصلا رسل وأنبياء؟

لا داعي لشرح الواضح. كيف يجيئهم وقد هلكوا قبل مئات السنين ولماذا أصلا يجيئهم؟

هذا مشهد هلوسي جلي. الساجع رأى الأنبياء في مشهد هلوسي وهم يؤمنون به وينصرونه فاعتبره حدثا واقعيا وألف فيه سجعية مجنونة مضطربة يرقعونها ليومنا هذا

اللغة العربية القديمة لغة ميتة الآن والناس لا تفهمها ولذلك لا ينتبهون للشذوذ اللغوي الذهاني ويعتبرون الجمل صحيحة. لكن هذا لم يكن حال العرب الأوائل. ولكي يتضح لكم مدى جنون هذه العبارة دعونا نرى ما قاله المرقعون بالتأويل من تفسير الطبري في محاولات إخراج معنى معقول لهذه السجعية المضطربة

فقال بعض نحويي البصرة:”اللام” التي مع”ما” في أول الكلام”لام الابتداء”، نحو قول القائل:”لزيدٌ أفضل منك”، لأن”ما” اسم، والذي بعدها صلة لها”واللام” التي في:”لتؤمنن به ولتنصرنه”، لام القسم، كأنه قال: والله لتؤمنن به = يؤكد في أول الكلام وفي آخره، كما يقال:”أما والله أن لو جئتني لكان كذا وكذا”، وقد يستغنى عنها. قال: وإن شئت جعلت خبر”ما””من كتاب”، يريد: لما آتيتكم، كتابٌ وحكمة = وتكون”من” زائدة

ملاحظة : لاحظوا المثال الذي أوردوه : أن لو جئتني لكان كذا وكذا – بعيد كل البعد عن عبارة الساجع : لما آتيتكم الكتاب ثم جاءكم رسول لتؤمنن… لكن لا بد من ترقيع. كما يمكنكم ملاحظة الخلل الواضح في قول المفسر من كتاب حتى ذهب بعضهم إلى أنها زائدة لا فائدة منها

ونواصل من تفسير الطبري استعراض الترقيعات المختلفة

وخطّأ بعضُ نحويي الكوفيين ذلك كله وقال:”اللام” التي تدخل في أوائل الجزاء، تجابُ بجوابات الأيمان، يقال:”لَمَن قام لآتينّه”،”ولَمَن قام ما أحسن”فإذا وقع في جوابها”ما” و”لا”، علم أن اللام ليست بتوكيد للأولى، لأنه يوضع موضعها”ما” و”لا”، فتكون كالأولى وهي جواب للأولى. قال: وأما قوله:”لما آتيتكم من كتاب وحكمة”، بمعنى إسقاط”من”، غلطٌ. لأن”منْ” التي تدخل وتخرج، لا تقع مواقع الأسماء، قال: ولا تقع في الخبر أيضًا، إنما تقع في الجحد والاستفهام والجزاء.

ملاحظة: يظهر الارتباك الشديد في ترقيع نحويي الكوفة. ولا يستقرون على معنى. لكن واضح لديهم خطأ الترقيع الأول من قبل نحويي البصرة. الحقيقة البسيطة هي أن العبارة مضطربة ومؤلفها مذهون وهذه علامات الشذوذ اللغوي الذهاني لكن عدم قدرتهم على قبول الخلل في العبارة وقبول اضطرابها اضطرهم للبحث عن ترقيع ايا كان حتى لو كذبوا على أنفسهم

ونواصل من تفسير الطبري إيراد ارتباك الفرق الاخرى من غير نحويي البصرة والكوفة

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في تأويل هذه الآية – على قراءة من قرأ ذلك بفتح”اللام” – بالصواب: أن يكون قوله:”لما” بمعنى”لمهما”، وأن تكون”ما” حرف جزاء أدخلت عليها”اللام”، وصيِّر الفعل معها على”فَعَل”،ثم أجيبت بما تجاب به الأيمان، فصارت”اللام” الأولى يمينًا، إذ تُلقِّيت بجواب اليمين.

ملاحظة: تجنب هذا الفريق الغوص في التركيبة واستبدل لفظة لما بلفظة مهما ومحاولة تحويل العبارة إلى يمين وقسم وهذا بعيد جدا عن السجعية كما هو واضح

ونواصل تفاصيل المعركة الترقيعية. حيث انتهى فريق آخر أن الجملة لا تستقيم أبدا إذا كانت اللام في قوله لما آتيتكم مفتوحة كما ورد في المصحف وتغاضوا عن زعم أنزلنا الذكر وإنا له لحافظون وخلصوا إلى أن اللام مكسورة. يقول الطبري

وقرأ ذلك آخرون:( لِمَا آتَيْتكُمْ )”بكسر”اللام” من”لما” ثم اختلف قارئو ذلك كذلك في تأويله فقال بعضهم: معناه إذا قرئ كذلك: وإذ أخذَ الله ميثاق النبيين للذي آتيتكم = فـ”ما” على هذه القراءة. بمعنى”الذي” عندهم. وكان تأويل الكلام: وإذ أخذَ الله ميثاق النبيين من أجل الذي آتاهم من كتاب وحكمة = ثم”جاءكم رسول”، يعني: ثم إنْ جاءكم رسول، يعني: ذكر محمد في التوراة =”لتؤمنن به”، أي: ليكونن إيمانكم به، للذي عندكم في التوراة من ذكره. وقال آخرون منهم: تأويل ذلك إذا قرئ بكسر”اللام” من”لما”: وإذْ أخذ الله ميثاق النبيين، للذي آتاهم من الحكمة. ثم جعل قوله:”لتؤمنن به” من الأخذِ أخذِ الميثاق. كما يقال في الكلام:”أخذتُ ميثاقك لتفعلن”. لأن أخذ الميثاق بمنزلة الاستحلاف. فكان تأويل الكلام عند قائل هذا القول: وإذ استحلف الله النبيين للذي آتاهم من كتاب وحكمة، متى جاءهم رسولٌ مصدق لما معهم، ليؤمننّ به ولينصرنه.

ثم يختلفون مرة أخرى في هذا الترقيع. يقول الطبري

وأولى القراءتين في ذلك بالصواب قراءةُ من قرأ:”وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم”، بفتح”اللام”. لأن الله أخذ ميثاقَ جميع الأنبياء بتصديق كل رسول له ابتعثه إلى خلقه فيما ابتعثه به إليهم، كان ممن آتاه كتابًا أو ممن لم يؤته كتابًا. وذلك أنه غير جائز وصف أحد من أنبياء الله ورسله، بأنه كان ممن أبيح له التكذيب بأحد من رسله. فإذْ كان ذلك كذلك، وكان معلومًا أن منهم من أنزل عليه الكتابَ، وأنّ منهم من لم ينزل عليه الكتاب  كان بينًا أن قراءة من قرأ ذلك:”لمِا آتيتكم”، بكسر”اللام”، بمعنى: من أجل الذي آتيتكم من كتاب، لا وجه له مفهومٌ إلا على تأويل بعيد، وانتزاع عميق. ثم اختلف أهل التأويل فيمن أخذ ميثاقه بالإيمان بمن جاءه من رُسل الله مصدّقًا لما معه.

ملاحظة: لاحظوا اعترافهم أنها محاولات تأويل. لقد أدركوا خلل التواصل اللفظي لكن الذي لم يدركوه أن ذلك علامة ذهانية نتيجة لاضطراب الساجع وأن أهل مكة لم يكونوا مخطئين في التشخيص

وأكتفي بهذا القدرفي هذه السجعية. لأن هناك عشرات الصفحات تسمكر عبارة واحدة وسجعية واحدة كهذه. هذا هو اضطراب التواصل اللفظي واضحا وضوح الشمس وهذا هو الشذوذ اللغوي الذهاني الذي لا يعمى عنه إلا شخص يكذب على نفسه ويغالط ذاته استمرأ العبودية للكهنوت وصدق بضلالاته وأوهامه وأكاذيبه وهلاوس مؤسسه السمعية والبصرية وجنون عظمته بأنه المصطفى وخير البشر أتى ليحكم الناس ويطيعوه وينفذوا أوامره

آل عمران

السجعية العنصرية التالية أربكت كثيرا مؤسسة الكهنوت بسبب علامة التشوش في التسلسل الزمني. يقول الساجع

إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33)

يذهب الكهنوت إلى أن المقصود من عمران هنا هو أبو موسى وهاورن فهو وحده الذي كانت ذريته مهمة وتستحق الذكر بقوله آل عمران. أكثر حتى من آدم ونوح. إلى هنا والامور لا بأس بها ولا يحتاجون للترقيع. لكن البعض منهم خالفهم وقال أن عمران هنا هو أبو مريم. لكن هذا ليس له آل. فقط مريم وابنها السحري المسيح الذي لم يتزوج لأنه طبقا للكهنوت الإسلامي يعمل فقط أعمال الإله : يحيي الموتى ويشفي المرضى والأكمه والأبرص ويخلق من الطين طيرا ويتكلم في المهد ولا يموت كالبشر بل يعود للسماء.نزل في نفخة ملك من السماء وعاد للسماء. في الكهنوت الإسلامي يتصرف المسيح كإله لكنهم يرفضون إطلاق الكلمة نفسها عليه ويقبلون إطلاق كل صفات وقدرات الإله وكأن المشكلة في اللفظة وليس في محتواها ومعناها ومكنونها

وسبب ارتباك الكهنوت في ماهية عمران هو السجعيات التي بعدها

إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36)

حتى قوله: إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ

بالنسبة للفريق الأول هذا يعني أن مريم أم المسيح هي أخت هارون وموسى. وهي المقصودة بقوله في قصة موسى طبقا لهذا الفريق:

وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11)

حقيقة الأمر

الحقيقة أن ساجع القرآن كان يظن فعلا أن مريم هي أخت موسى وهاورن بسبب اضطراب القدرة على إدراك التسلسل الزمني. ولذلك سجعياته تنطبق مع هذه الفكرة. إذا قرأت سجعياته باستقلالية عن معلومات التوراة والانجيل ستجدها موافقة تماما مع هذه الفكرة ولا يوجد غيرها

إذا جاء شخص من منغوليا لا يعرف شيئا عن قصص الشرق الأوسط ودياناتها وتعلم العربية وقرأ القرآن فيجد فعلا أن مريم أم المسيح هي أخت موسى وعمران ابوهما وامرأة عمران أمهما

عرف المفسرون أن ذلك غير صحيح ولجأوا للترقيع بسبب اطلاعهم على محتوى التوراة وعلى ما يقوله المسيحيون عن موسى والمسيح وليس من القرآن المرتبك زمنيا

وتأكيدا من الساجع على اعتقاده بأن موسى وهاورن هما أخوا مريم قال في سجعية أخرى

فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَامَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28)

هذه السجعية مكية حيث كان الالتزام بالسجع الشديد والقافية مسيطرا على كلام مؤلف القرآن. وحيث كانت نوبات الهوس ثنائي القطب تأتي لمحمد فوق اضطراب الضلالة نوع العظمة المتمثل بذهان النبوة ولذلك كان الارتباك الزمني أكثر وضوحا والشذوذ اللغوي الذهاني أكثر بروزا – مثلا هنا نجد كلمة فريا التي اشتقها من الافتراء واستخدمها استخداما نيولوجيزميا من أجل السجع والقافية فقط حيث لا يوجد تصريف لهذه اللفظة بهذا الشكل في كلام العرب وموروثهم ولا حتى في أي مكان آخر في القرآن. الألفاظ النيولوجيزمية في القرآنية نادرة التكرار وترد في الغالب مرة واحدة وذلك لارتباطها بالحالة المزاجية للساجع وقت التأليف. كان بإمكانه القول لقد جئت شيئا خاطئا لكن ذلك لا يتماشى مع القافية والسجع طبعا ولذلك اخترع تصريفا جديدا من رأسه وقال فريا

لكن المهم أنه عبر مرة أخرى عن فكرته الخاطئة وهي أن مريم هي أخت موسى وهارون وابنة عمران

اسم والد مريم عند المسيحيين

اسم والد مريم هو خواكيم (يهوياقيم أو يوياقيم (بالعبرية: יְהוֹיָקִים) بمعنى “الذي رفعه يهوه”). واسم أمها هو آنا. وتوجد نصوص تعود لما قبل القرن الثاني الميلادي تذكر قصة خواكيم وآنا ومولد مريم

لكن كما اسلفنا مهمة الكهنوت الاسلامي ليس البحث عن الحقيقة والتأكد بل ترقيع الخطأ والمجادلة ووضع الافتراضات المسبقة وتقديمها كحقيقة مطلقة لا تقبل النقاش

فيقولون أن المسيحيين مخطئون لكن هم مصيبون. والد مريم اسمه عمران بمنطق عنزة ولو طارت. خطيئة الكهنوت ضد المنطق والعقل والاستقراء لا تغتفر

طبعا النص الذي يعود للقرن الثاني ومن الناس الأقرب لمريم ومن أتباع المسيح المخلصين هو أقرب للصحة من النص الذي أتى من القرن السابع ومن أعداء المسيحية الذين كفروها وكفروا كل من يؤمن أن الله ثالث ثلاثة حسب تعبير الساجع

يدعي الكهنوت الاسلامي أن نصوص الكنيسة عن المسيح تعود لمائة سنة بعد رفعه وبالتالي عامل الزمن (مائة سنة) ضدهم. وينسى الكهنوت الاسلامي أن نصوصه عن المسيح تعود لثمانمائة سنة بعد ظهوره وبالتالي عامل الزمن يدحضها تماما. ليس فقط البعد الزمني بل البعد الجغرافي والمكاني ايضا

هذا المنطق لكن ليس للكهنوت منطق. الكهنوت يبني كل فرضياته على مبدأ عنزة ولو طارت

صراع المرقعين

ويظهر الدجلوت في ترقيع هذه الغلطة وكيف تصارع اتباع الساجع على معناها. فمنهم من التزم بالمعنى الحقيقي والاصلي لكلام الساجع الذي لا يدل إلا على شيء واحد وهو أن هارون وموسى ومريم إخوة وابوهم عمران. لكن هذا الكلام تعارض مع القصة الأصلية لموسى والمسيح عند اليهود والمسيحييين. ولذلك ظهر الفريق الثاني الذي لجأ للترقيع

وتظهر لنا الحادثة التالية الخلاف الشديد بين عائشة زوجة محمد وبين أحد اليهود وهو كعب الأحبار

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن سعيد بن أبي صدقة، عن محمد بن سيرين، قال: نبئت أن كعبا قال: إن قوله( يَاأُخْتَ هَارُونَ ) ليس بهارون أخي موسى، قال: فقالت له عائشة: كذبت، قال : يا أمّ المؤمنين،إن كان النبيّ صلى الله عليه وسلم قاله فهو أعلم وأخبر، وإلا فإني أجد بينهما ستّ مئة سنة، قال: فسكتت.

وتظهر لنا الاقتباسات التالية من تفسير الطبري محاولات الكهنوت للترقيع. كلهم يبحثون عن مخرج ولا أحد منهم بحث عن الحقيقة وفكر في احتمال خطأ الساجع وبالتالي كذبه في ادعاء التواصل مع السماء

وقال بعضهم: عنى به هارون أخو موسى، ونُسبت مريم إلى أنها أخته لأنها من ولده . ذكر من قال ذلك: حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ( يَاأُخْتَ هَارُونَ ) قال: كانت من بني هارون أخي موسى، وهو كما تقول: يا أخا بني فلان. وقال آخرون: بل كان ذلك رجلا منهم فاسقا معلن الفسق، فنسبوها إليه

لاحظوا أن هذه الترقيعات عبارة عن تخرصات يمكن لأي شخص تخمينها. ولاحظوا أنها تبنى على افتراضات مسبقة بمنطق عنزة ولا طارت

ونُسبت مريم إلى أنها أخته لأنها من ولده : صارت من ولده بالقوة وغصبا عن الجميع رغم فقدانهم لأي مصدر يقول ذلك. وكأنهم يملكون شهادات الميلاد من زمن هارون إلى زمن مريم. قالوها فبركة ولم يكلفوا أنفسهم ولو للحظة التأكد من ذلك

بل كان ذلك رجلا منهم فاسقا معلن الفسق : مرة أخرى خلقوا رجلا فاسقا غصبا عن كل شيء وفرضوه وقدموه كحقيقة ثابتة. كل منطقهم عنزة ولو طارت

كيف عرفوا أن رجلا كهذا فعلا وجد؟ هل بحثوا وتحققوا؟ كلا فليست مهمتهم البحث عن الحقيقة بل البحث عن ترقيع

هكذا يظهر لنا خطيئة الدين بحق المنطق واللغة والاستقراء وكيف تم قتل عملية البحث عن الحقيقة واستبدالها بأوهام وضلالات الكهنة وتقديم ادعاءاتهم الكاذبة الترقيعية على أنها حقائق مثبتة ومبرهنة

والحقيقة دائما بسيطة بدل كل هذا العك والعجين والكذب واختراع الأخبار وتلفيق الحجج ساجع القرآن مضطرب ذهاني تختلط عليه الأزمنة ويفقد القدرة على إدراك التسلسل الزمني للأحداث في قصصه


نزل تطبيق الموقع لأجهزة الأندرويد. معكم أينما كنتم


قناتنا على اليوتيوب



ملاحظة : الوثنخاف مصطلح لتسمية الإله الإبراهيمي. ويتكون من شقين الأول وثن وتعني كائن تخيلي يتم افتراضه وتخيله ثم اقناع النفس بوجوده. وهو كائن أخرس ابكم أطرش اصم لا يستطيع أن يقول حتى كلمة بم. والشق الثاني خفي. وتعني غير مرئي وذلك لتمييزه عن الأوثان المرئية مثل هبل والعزي ومناة الثالثة الأخرى

تعريف النبي : في الدين النبي هو شخص يسمع أصواتا لا يسمعها أي شخص طبيعي آخر حتى لو تواجد معه وقتها. ويرى اشياء لا يراها أي شخص طبيعي حتى لو تواجد معه وقتها. ويعتقد أنه المصطفى الذي يصلي عليه الله والملائكة. وهذا التعريف الديني للنبي يتوافق تماما مع التعريف الطبي للاضطراب الذهاني

شارك الآن إن لم تكن قد فعلت من قبل في إحصائية اللادينيين

إحصائية اللادينيين في الموقع


التبرع للموقع


اضغط أدناه إذا أحببت التبرع للموقع عبر الباي بال او بطاقة الاعتماد


Donate Button with Credit Cards

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

Discover more from Quran Debate

Subscribe now to keep reading and get access to the full archive.

Continue reading